هل يعلن الرئيس المكلف نجيب ميقاتي حكومته اليوم ام يرجئ الاعلان الى ما بعد رفع الدعم ليجنّب حكومته تجرع هذه الكأس المرة؟ ام ان ثمة عقبات اخرى متعلقة بتغيرات أجراها ميقاتي في اللحظات الاخيرة؟
كلما استفتينا طرفاً اكد ان الاوضاع منتهية من قبله ملقياً الكرة في ملعب الآخرين. لليوم الثاني استمرت اسهم اعلان الحكومة قريباً مرتفعة ولكن استمرت الخشية من ان ينقلب التفاؤل تشاؤماً اليوم او تظهر عقبات جديدة لم يُحسب لها حساب. ما يجعل استبعاد ولادة الحكومة يتقدّم على ما عداه. مصدر معني بسير المفاوضات جزم الضبابية بالقول: “لا اقول انها انتهت ولكن لم يعد من مبرر يمنع تشكيلها وفي حال لم تنتهِ اليوم فلن تنتهي ابداً”.
أكثر من طرف دخل على خط تذليل العقبات، منها المعلن ومنها غير المعلن وهو شخصية مقربة من ميقاتي نشطت بعيداً من الاضواء الى جانب دور “حزب الله” والمدير العام للامن العام عباس ابراهيم، الذي تقدم بمبادرة تمّ الترحيب بها ليفاجأ ان ثمة مفاوضات قطعت شوطاً بين باسيل وميقاتي.
في الموازاة تقاطعت اتصالات دولية بأطراف لبنانية مع نضج المساعي المحلية، فسُجلت خلال الساعات القليلة الماضية مساعٍ فرنسية واخرى اميركية مع رئيس الجمهورية والرئيس المكلف. كان الهدف من كل ذلك احراز تقدم ملموس في المفاوضات الحكومية وايجاد حل للعقد الاساسية المتبقية، اي حقيبة الاقتصاد التي وافق عون على ان تكون لوزير سني من حصة ميقاتي، في المقابل تمّ حل مسألة الوزيرين المسيحيين.
تجزم مصادر معنية مباشرة بمشاورات التأليف ان الامور تتجه اكثر من اي وقت مضى نحو اعلان قريب للحكومة واعتبارها اليوم الاربعاء يوماً مفصلياً، يفترض ان يشهد جوجلة نهائية لنتيجة الوساطات والاتصالات قبل اعلان الحكومة. ربما يشكل انتقال “حزب الله” من الدفاع الى الهجوم في مواجهة الاميركيين عاملاً حاسماً في الدفع الاميركي نحو تسريع تشكيل الحكومة، والبدء بتقديم حلول لأزمتي الكهرباء والفيول من خلال طروحات تراها مناسبة، بدل ان يذهب لبنان مضطراً نحو خيارات “حزب الله” وايران.
من جهة بعبدا فان كل التنازلات من قبل رئيس الجمهورية قد تمت. قالها العماد عون لمقربين: “صرت مقدم تسعة تنازلات”. كان آخر ما طلبه الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ان تكون حقيبة الاقتصاد من حصته فأعطيتها له فاذا به يجري تعديلاً جديداً في الوزارات يشمل وزارة الاشغال، فهل تكون تلك عقبة جديدة فيتأخر الاعلان وتتأكد توقعات المشككين. ولكن اذا لم تعلن الحكومة اليوم فلن يكون هناك حكومة في المدى المنظور.
تؤكد بعبدا ان لا مبرر يمنع تشكيل الحكومة، واذا لم تنته الحكومة اليوم فلن تتشكل عما قريب، والفرنسيون والاميركيون يدركون جيداً ان العقبة ليست في بعبدا ولا في ثلث معطل توافر ضمناً للرئيس عون، والعقدة اذا وجدت فستكون في مكان آخر يدركه ميقاتي قبل غيره.
ومن جهة رئيس الحكومة المكلف وما اسر به لسائليه فلكل من هؤلاء روايته. يتخوف ميقاتي من ان السبب الذي أخر الاعلان الى اليوم وحال دون تشكيلها امس او الذي سبقه قد يحول ايضاً دون ولادتها اليوم في اشارة منه الى اصرار عون على الثلث المعطل، اجواء اخرى ونقلاً عن ميقاتي ذاته تفيد ان حكومته جاهزة لكنه سيتريث باعلانها الى ما بعد رفع الدعم نهائياً ومن انتظر كل تلك المدة له ان ينتظر اياماً لا مشكلة. وما بين الاثنين ثالث يقول ان العقد لا تزال على حالها، الطاقة والوزير التاسع والثقة! وان خلافاً استجد على اسم من اثنين وليد نصار أو سليمان جان عبيد.
اما عين التينة فلم تتماهَ كثيراً مع المتفائلين، ينقل احدهم عن رئيس مجلس النواب نبيه بري قوله: “كنا نعتقد ان العقدة من عون لنفاجأ انها تأتي من الرئيس المكلف”. ومثل هذا الكلام سببه اتصال ميقاتي ببري والتمني عليه ارجاء اعلان الحكومة الى الاربعاء بسبب الانشغال بمراسم دفن رئيس المجلس الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان، ليجيبه بري ان الشيخ قبلان كان يريد حكومة فلتتشكل الحكومة وتهدى الى روحه الطاهرة. الكل ينادي بتشكيل حكومة ويتوقع ولادتها بين يوم وآخر، العقد منذ البداية لم تكن اساسية متى صفت النوايا فهل بلغنا هذه المرحلة أم بعد؟ الركون الى نصيحة بري هنا ضرورة ملحة “ما تقول فول ليصير بالمكيول”، وقد سلّم أمر الحكومة الى العلي الباري قائلاً: “لم يعد ينفع إلا الدعاء”.