بقلم كارلوس شهاب
14 كيلو متراً جنوب العاصمة بلفاست، أستُخدمت القاعدة الجوية الملكية في Long Kesh كسجن سياسي لأعداء بريطانيا من الايرلنديين، سمي بسجن Her Majesty’s Prison Maze أو إختصارا عرف بأنه سجن المتاهة الذي صمم ليكون أكثر سجون أوروبا مقاومة للهروب.
فبعيداً عن أن كل قاعة من السجن كانت مسورة بجدار خرساني يفوق ارتفاعه 5.5 متر كانت البوابات مصنوعة من الفولاذ التي يتم التحكم بها الكترونيا وشبكات إنذار تجعل من هذه القلعة الخرسانية متاهة بحق.
في مثل هذا الشهر من العام 1983 سيعرف يوم الخامس والعشرين منه باسم يوم الهروب الكبير في نضال الجيش الجمهوري الايرلندي، 38 أسيراً ايرلندياً بقيادة “بوبي ستوري” و “جيري كيلي” سينظمون عملية كسر “المتاهة”.
يُنظر لعملية “المتاهة” على أنها من أكثر عمليات الهروب تميّزاً بالتاريخ الحديث ولكن للحق وعند مقارنتها بما حدث اليوم في جلبوع فإن المتاهة كانت عملية انقلاب داخل السجن بمعونة مسدسات هُرّبت وعشرين ضابطاً أصيبوا وواحداً قُتل و100 عنصر من الجيش الجمهوري ينتظرون في الخارج، في حين أن من حلّقوا من جلبوع لم يكن معهم إلا الله وملاعقهم المعدنية التي حفروا بها قلب إسرائيل قبل كل شيء. بحق لو كان هذا الزمان منصفاً لإحتفى بعبقرية هذه الاعجوبة.
في العام 1936 وقبيل تنفيذ الإعدام بحقه من قبل البريطانيين أخذ الشهيد عوض ابن مدينة نابلس قطعة من الفحم وكتب على جدار السجن (يا ليل خلي الأسير تيكمل نواحه رايح يفيق الفجر ويرفرف جناحه)..
اليوم تغير كل شيء يا عوض، لم يكن الأسير ينوح بل كان يحفر بصبر تحت أسس هذا الكيان… ورفرف جناحه حقا ليس كناية عن شيء بل أنتزع حريته من هذا المخفر قسراً وهو الآن يحلق فوق كل فلسطين… يا رب كل شيء كن معه.
المصدر: كارلوس شهاب