جنبلاط لـ«الجمهورية»: هذا رأيي في الزيارات الى سوريا
عماد مرمل-الجمهورية
شكّلت الزيارتان الأخيرتان للوفدين الوزاري والدرزي الى دمشق، علامة فارقة في السياسة والاقتصاد، وعكستا ملامح مرحلة جديدة على مستوى العلاقة المتجددة بين الدولتين. واذا كان حلفاء دمشق قد رحّبوا بهذا التطور، فإنّ السؤال المطروح يتعلق بموقف خصومها منه، لاسيما رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط.
اللافت، انّ مهمة الوفد الوزاري برئاسة نائب رئيس الحكومة زينة عكر في العاصمة السورية مرت بسلام وهدوء، ولم تترك تداعيات سلبية على الساحة الداخلية التي كانت تشهد انقساماً حاداً عند كل تنشيط للعلاقة بين بيروت ودمشق، بفعل ما كانت تبديه بعض القوى اللبنانية من رفض لأي انفتاح على الرئيس بشار الأسد.
لكن، ومع حصول الانهيار الكبير الذي التهم بقايا التيار الكهربائي وعمّم الظلام على كل مكان، ومع اشتداد المنافسة بين النفط الإيراني الآتي عبر بواخر «حزب الله»، والغاز المصري الممزوج بجرعات الدعم الأميركي.. تغيّرت المعادلة وتبدّلت مقاربة بعض الخارج والداخل حيال سوريا، التي سترسو على شاطئها السفن الإيرانية، وسيمرّ عبر اراضيها الغاز المصري بقوة دفع من واشنطن.
وهكذا، فإنّ مصلحة الولايات المتحدة في احتواء اندفاعة بواخر «حزب الله» وطهران، دفعتها الى تليين القيود المفروضة على التعاون اللبناني- السوري، وإعطاء الإذن السياسي باستجرار الطاقة الى الداخل اللبناني، خصوصاً انّه معروف عن واشنطن براغماتيتها المفرطة التي غالباً ما تقودها، كلما اقتضت متطلباتها، الى الاستدارة المفاجئة حيث لا يتوقع الآخرون، وعلى حسابهم في أغلب الأحيان.
وإزاء الوقائع المستجدة على الخط اللبناني- السوري، كيف ينظر احد ألدّ خصوم دمشق، رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط الى زيارة الوفد الوزاري الى سوريا، للبحث في مشروع استجرار الغاز المصري عبر الاراضي السورية؟
يؤكّد جنبلاط لـ»الجمهورية»، انّ استجرار الغاز المصري والكهرباء الاردنية هو مشروع حيوي للبنان، سيساهم في تخفيف حدّة أزمة الكهرباء وسيخلّصنا من مافيات الغاز والمازوت التي تتحكّم بالسوق، «ولكن علينا أن نعرف ما هي شروط النظام السوري في مقابل إنجاح هذا المشروع الذي يمرّ عبر أراضيه».
ويضيف: «اعلم انّ الجغرافيا لها أحكامها وتفرض ايقاعها، وأتفهم انّ للدولة اللبنانية مصلحة أساسية في استجرار الغاز والطاقة عبر الاراضي السورية، وإنما المهم أيضاً ان لا يكون هناك ثمن كبير علينا دفعه».
وعند الاستفسار عن طبيعة الثمن الذي يخشى منه جنبلاط، يوضح انّه يتخوف على سبيل المثال من ان يُفتح الباب أمام التوقيف العشوائي للناشطين السوريين في لبنان، «مع العلم انّه كانت هناك من قبل توقيفات عرفنا بحصولها وأخرى لم نعلم بها».
ويتابع جنبلاط: «للمفارقة، نحن امام خلطة من الغاز المصري والكهرباء الاردنية والجسر السوري والحسابات الأميركية»، متسائلاً: «أين البواخر الإيرانية من كل ذلك»؟
وهل يربط الانفتاح الرسمي على دمشق في هذا التوقيت بضوء أخضر أميركي سمح بأن يكون هناك استثناء لـ«قانون قيصر»؟
يفضّل جنبلاط عدم التوسع في التحليلات والاستنتاجات العابرة للحدود الدولية، قائلاً: «لا اريد ان أخوض في الاحتمالات والتفسيرات.. انّها سياسات الدول التي تتبدّل وفق مقتضيات المصالح».
وما هو موقفك من زيارة الوفد الدرزي الموسّع الى دمشق؟ يصمت جنبلاط لبرهة ثم يجيب باقتضاب: «لا تعليق لديّ.. انا لا أولي هذا الأمر أي أهمية».
وهل تتوقع أن تولد الحكومة اليوم بعد مخاضها العسير؟
يجيب جنبلاط مبتسماً: «لا أعرف أين أصبح المشرفون على الولادة القيصرية، بس تطلع الحكومة خبّرني»..