تحقيقات - ملفات

ما هي هذه القطبة المخفية؟

اندريه قصاص Andre Kassas

لا نريد أن نصدّق أن ثمة عاقلًا لا يريد أن تتشكّل الحكومة.
لا نريد أن نصدّق أيضًا أن العراقيل التي توضع كشروط لازمة بين الحين والآخر هي التي تحول دون ولادة الحكومة.
لا نريد أن نصدّق أيضًا وأيضًا أن ما يعيشه اللبنانيون من أزمات مستولدة ومستعصية لا تعني شيئًا للذين يُقال إنهم يقفون وراء هذه العرقلة.
لا نريد أن نصدّق أن ثمة أشخاصًا أو فئات غير مهتمّة بما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع الكارثية التي تتحكّم بمصير البلاد والعباد.
لا نريد أن نصدّق، على رغم بشاعة الواقع، أن المسؤولين لا يشاهدون ما يتعرّض له الناس في يومياتهم من ذّل مبرمج وممنهج.
لا نريد أن نصدّق أن أنين الموجوعين والجائعين لا تصل إلى مسامع هؤلاء المسؤولين.
لا نريد أن نصدّق أنهم لا يرون كيف يتمّ إفراغ الوطن من طاقاته الشبابية كل يوم.

لا نريد أن نصدّق أنه حُكم بالموت على هذا الوطن المكتوب عليه العذاب الدائم.
لا نريد أن نصدّق أن الخلاف لا يزال قائمًا على وزير بالزايد أو حقيبة بالناقص.
لا نريد أن نصدّق أن البلاد معطّلة بسبب ثلث معطّل.
لا نريد أن نصدّق كل هذا الذي يجري.
من يعرف ومن لا يعرف يقول إن ثمة قطبة مخفية في مكان ما ،هي التي لا تزال تحول دون الإفراج عن حكومة الفرصة الأخيرة أو الأمل الأخير المتبقي. هذه القطبة المخفيّة، سواء أكانت من الخارج، وينفذّها بعض من هم في الداخل بإيحاء من الخارج، هي التي تعيق الحلّ في لبنان. وإذا سئل الذين يعرفون، أو يُقال أنهم يعرفون خفايا الأمور، لجاء الجواب بسؤال عن السؤال. وهذا يعني أن لا أحد يعرف شيئًا، لأن الذي يعرف أشياء حتمًا غابت عنه أشياء كثيرة.
نستغرب ما يتمّ تداوله، وللأسف في بعض الإعلام، أن التشكيلة الحكومية واقفة عند حدود باريس وطهران، بعد الإتصال الذي تمّ بين الرئيسين الفرنسي والإيراني. وكان الوضع اللبناني، وبالتحديد الوضع الحكومي، الطبق الرئيسي في هذه المحادثات الثنائية.
من دون الدخول في كل هذه التفاصيل، نميل إلى الإعتقاد أن من مصلحة الجميع ألاّ تكون التدخلات الخارجية سببًا إضافيًا لعرقلة الحلّ الداخل. فالمطلوب من الخارج، وبدلًا من العرقلة، تسهيل عملية التأليف، وممارسة الضغط الإيجابي على المعرقلين والمعطلين المحلييّن من أجل أن يبدّوا مصلحة بلدهم على مصلحتهم الخاصة، أو تلك التي لها علاقة بمستقبلهم السياسي.
فالدخول في بعض التفاصيل قد يكون محبطًا، وهذا ما لا نريده. فكما أننا لسنا من هواة إشاعة الأجواء التفاؤلية غير الواقعية، فنحن لسنا بالطبع من هواة زرع اليأس وشحن الناس بطاقات سلبية ودفعهم إلى المزيد من الإحباط. فما فيهم يكفيهم.
نحن من دعاة ربط الأمور بخواتيمها السليمة. وهذه هي سمة المرحلة الراهنة، التي تتراوح أخبارها بين التمنيات والشائعات والتسريبات، وبين الواقع غير المرتبط حصرًا بهذا الدفق الهائل من الحالات التي تدعو إلى اليأس والإستسلام.
المصدر: خاص لبنان 24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى