“ليبانون ديبايت” – علي الحسيني
دخلت المواجهة بين أطراف النزاع الحكومي في لبنان، مرحلةً جديدة من التعاطي بحيث بات يُروّج أن التأليف وللمرّة الأولى منذ أشهر، وكأنه حاصل غداً ولو من باب “حشر” الأطراف السياسة بعضها البعض في زاوية الإتهامات والعراقيل. ولعل ما أفرغه وفد الكونغرس الأميركي في بيروت من رسائل متعددة الأوجه خصوصاً تشخيصه حالة “حزب الله” في لبنان التي وصفها بـ”السرطان”، يدلّ على أن ثمّة مجموعة خيارات دولية ستُتخذ هذه المرّة ولو على مراحل زمنيّة، من بينها، الدخول جديّاً بمحاسبة أطراف سياسية داخلية من بينها شخصيّات بارزة، أو القيام بمبادرات إنقاذية سريعة مثل ملف استجرار الطاقة، بهدف ضرب المسعى الإيراني، الرامي لتغيير قواعد اللعبة الإقتصادية في لبنان.
حتّى الساعة، لا توحي الأجواء السياسية الحاصلة في ملف تأليف الحكومة، بغير الإيجابية، وذلك نسبة لكميّة التفاؤل التي جرى ضخّها خلال اليومين الماضيين، من قبل الجهات المعنيّة بشكل مباشر في عملية التشكيل. لكن على الرغم من كل هذه الأجواء، يبقى الحذر سيّد الموقف خشية أن يكمن “الشيطان” في التفاصيل الأخيرة التي يُدوّر مدير الأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم، زواياها بين رئيسي الجمهورية والمُكلّف، بمباركة “حزب الله” ورئيس مجلس النواب نبيه بري، مُقابل اعتراض سنّي عريض، يُنذر بمكان ما، بإعادة خلط الأوراق في اللحظات الأخيرة.
في المشهد العام الذي بدأ يرتسم خلال الأيّام القليلة الماضية، بدأ الجميع يعتقد، بأن الإستقرار السياسي في البلد، وحده قادر على إستعادة التوازن الإقتصادي ولو ضمن خطّة طويلة الأمد، ولعل السفن الإيرانية التي وعد السيد حسن نصرالله بدخولها إلى لبنان مُحمّلة بالوقود، هي من فتحت باب المشاورات الجديّة داخلياً وخارجياً، على مصراعيه، وهذا ما لوحظ من خلال التفاهمات شبه النهائية في عملية التأليف، بالإضافة إلى الدخول الأميركي من “طاقة” لبنان والدفع باتجاه تزويده بالكهرباء، وأيضاً زيارة وفد الكونغرس التي حاول من خلالها الأميركي، التأكيد على الخطوط المرسومة في لبنان، ومنع تجاوزها تحت أي حجّة أو ذريعة، حتّى ولو من البوابة الخدماتية.
مصادر مقربة من “حزب الله” تعتبر أن “تسارع وتيرة الإتصالات والتفاهمات التي حصلت في الساعات الأخيرة بين رئيسي الجمهورية والمُكلّف لتجاوز عقبات التأليف، هي من دون أدنى شكّ، نتيجة جهود سابقة يقوم بها الحزب هدفها تقريب وجهات النظر بين المعنيين، مما يدحض تماماً اتهام الحزب بالعرقلة ومنع إنجاز التأليف، تحت حجّة الضغط باتجاه المفاوضات النووية في فيينا.
وبحسب المصادر نفسها، فإن “مساعي “حزب الله” الخفيّة والعلنيّة لجهة مساهمته في إيجاد حلّ لمسألة الحكومة، بالإضافة إلى حلّ جزء من مشكلة الوقود في لبنان على الطريقة التي أعلن عنها نصرالله من خلال السفن الإيرانية، أجبرت الأميركي على اجتراع حلول سريعة من أجل “تعطيل” محركّات “الحزب” بعدما تأكدت جدّية قراره في رفع الظلم عن الناس إثر تقاعس دولتهم عن هذا الدور. ولا يجب أن ننسى أيضاً، بأن استجرار الطاقة إلى لبنان حتّى ولو من خلال الطرح الأمريكي، سيكون ل”الحزب” دور سياسي أساسي في استكمال العملية، لأن ما يهمّ “حزب الله” فعلاً، هو مصلحة المواطن، وليس استعراض عضلاته، كما يُحاول أن يوهم البعض اللبنانيين”.
من جهة أخرى، لا ترى مصادر مُقربة من “بيت الوسط”، بأن رئيس الجمهورية ميشال عون، قد يتخلّى عن مطلبه الأساسي في أي عملية تتعلق بتشكيل الحكومة، وهو مطلب “الثلث المُعطّل”. لذلك، فإن الساعات الأربع والعشرين المُقبلة، من شأنها ان تُحدد نوايا عون و”صهره” النائب جبران باسيل، وأن تكشف وللمرّة الأخيرة حقيقة التفاؤل الذي توزّعه أوساط قصر بعبدا لأننا ما زلنا نعتقد بأن سيطرة عون على الحكومة بالنسبة إليه، أهم من الحكومة نفسها وأهم من لبنان وشعبه”.
أمّا حول الدور الأميركي والرسالة التي تُقرأ من خلال زيارة وفد الكونغرس إلى لبنان، تُشير المصادر نفسها إلى أن “الرهان على هذه الزيارة تحديداً لإعادة النهوض بلبنان سياسياً وإقتصادياً، يبقى ضعيفاً جداً لأن أي قرار متعلق بلبنان، يجب أن يخرج من الكونغرس نفسه وليس عبر أعضاء فيه وبالتالي فإن هذا الأمر هو أشبه بمسار طويل لا يُمكن التعويل عليه كحلّ سريع لإنقاذ الإنهيار اللبناني”.