كلُّ دروبِ النفط توصلُ إلى دمشق
الكاتب :
من مصر فالأردن إلى سوريا، كلُّ دروبِ النفط توصلُ إلى دمشق. ومن دمشق إلى لبنان توأمها الذي تقاسمت معه على مر السنين الحلوة والمرّة.
بناءً على قاعدة أخفّ الضررين جاءَ الرد الأميركي محاولًا لملمة بقايا هيبته المكسورة وفتات هيمنته على المنطقة وسكب آخر قطرات ماء وجهه المهدور في عمق المتوسط ليهرب من واقع الهزيمة التي تلاحقه، بعد أن قلب السحر على الساحر الخطابُ الأخير لسماحة السيد حسن نصر الله الذي أعلن فيه إطلاق سفن كسر الحصار عن دول المحور، حيث شكل ذلك الإعلان كارثة لكل من أميركا وإسرائيل وحصرهما في الزاوية الحرجة، فلا هما قادرتان على فتح جبهة الحرب على محور المقاومة، ولا هما قادرتان على منع إرسال تلك السفن، ولا هما قادرتان على اعتراضها أو إيقافها، فقامتا، مغلوبتين على أمرهِما، بالإيعاز إلى أدواتهما لقبول إبرام اتفاقٍ لاستجرار الغاز من مصر عبر الأردن إلى سوريا، ومن سوريا إلى لبنان حيث إن موافقة الجانب السوري هي المفتاح الذي لا بد من التوسل به لعقد هذا الاتفاق. من هنا كانت زيارة وفد من الحكومة اللبنانية إلى دمشق بعد انقطاع دام طيلة الحرب على سورية.
تأتي أهميةُ هذه الخطوة في اعتبارها انتصارًا مهمًا يضاف إلى السجل الذهبي لانتصارات محور المقاومة، حيث أخضع أميركا وأدواتها للاعتراف بالدولة السورية والتفاوض معها وأقرَّ بأن مركز القرار في بلاد الشام كلها هو سوريا واسطة عقدها. وستستفيد سوريا من هذه الخطوة بالتأكيد في تحسين واقعها الاقتصادي وترميم بنيتها التحتية وإنعاش الوضع الخدمي، ناهيك عن أن استجرار الكهرباء والغاز من سوريا يعني بسط سيطرة وسيادة الدولة السورية على خاصرتها الجنوبية وإنهاء الوضع الشاذ في كل من درعا وحوران والقنيطرة، وهذا مكسب استراتيجي مهم.
رغم أن هذه الخطوة جاءت باستنهاضٍ من أميركا في محاولة لإعادة توازن قوتها المختل إلا أنه لن يكون خيارًا بديلًا تتخذه المقاومة في الوقت الحالي لإيقاف إرسال السفن الإيرانية-اللبنانية لتحطيم الهيمنة الأميركية على البحر، بل سيكون خيارًا إضافيًا، لأنّ هذا الاتفاق لا يمكن تنفيذه في وقت قصير بحيث يضمن تلبية احتياجات كلا البلدين من الكهرباء والغاز، وزيارة الوفد اللبناني ستكون فاتحة الزيارات نحو مزيد من التنسيق لكي تدور عجلة هذا المشروع. وإلى حين ذلك ستبقى سفن كسر الحصار متجهةً نحو هدفها لتُخرجَ الأميركي من المولد بلا حمص وتشكّل مع هذا الاتفاق مسمارًا قاسيًا مزدوجًا يُدقُّ من جديد في نعش الهيمنة الأميركية الإسرائيلية على المنطقة.