تدخل “الحزب” حال دون إعتذار ميقاتي

 

لا معطياتٍ ملموسةٍ يمكن البناء عليها بأن حل أزمة تشكيل الحكومة المرتقبة بات قريباً، ولا مؤشراتٍ إيجابيةٍ تلوح في الأفق، توحي بظهور  بشائر الحل المنشود . ولكن لدى جميع الأفرقاء اللبنانيين يتهيبون من إنسداد الأفق الحكومي في شكلٍ كاملٍ، بالتالي إقدام رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي على الاعتذار عن تشكيل حكومته، الأمر الذي قد يدخل البلد في نفقٍ مظلمٍ، ما قد يدفع الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية والمعيشية الى المجهول، حيث تصل الى مرحلةٍ بالغة الخطورة، ومن الصعب جداً إعادة لملمتها، على حد مرجع شمالي قريبٍ من الرئيس المكلّف. ويؤكد أن مختلف المعلومات الصحافية والأحاديث التلفزيونية والإذاعية، التي يحاول مطلقوها إضفاء أجواءٍ إيجابية على مسألة تأليف الحكومة، هي غير واقعيةٍ، وليست مرتكزةً على معطياتٍ صحيحةٍ، والهدف من إثارة هذه الأجواء، إعطاء جرعة أمل للبنانيين عند إنسداد أفق التأليف، بتوجيهٍ من بعض المعنيين في هذا الشأن. ويلفت المرجع ألى أن المستجد الوحيد اليوم في الشأن الحكومي، هو دخول المدير العام للأمن اللواء عباس إبراهيم على خط مفاوضات التأليف. وبغض النظر عن نجاح مساعي إبراهيم من عدمها، فأنها تسهم في إطالة أمد إستمرار ميقاتي في مهتمه ولو بقي مكلّفاً من دون أن يؤلف حكومته المنتظرة، لأن مجرد إستمراره في مهمته بات ضرورةً في هذه الظروف الدقيقة التي تمر فيها البلاد، تلافياً لدخولها في أزمةٍ سياسيةٍ وطائفيةٍ عميقةٍ  برأي المرجع. ويختم مكرراً قوله: “جميع الأفرقاء في لبنان يتهيبون مسألة الإعتذار”.

وفي السياق عينه، توافق مصادر مطلعة متابعة لعملية “التأليف” وقريبة من ميقاتي أيضاً على المعلومات والرأي الواردين آنفاً. وتكتفي بالقول: “الوضع معقد، ولكن الرئيسين العماد ميشال عون وميقاتي، ليسا مسؤولين وحدهما عما آلت إليه الأوضاع، وإن كانا في الواجهة، فالعراقيل التي تعوق عملية “التشكيل”، يأتي بها بعض الأفرقاء العازمين على المشاركة في الحكومة”.  وفي السياق أيضاً، يتوافق مرجع في محور المقاومة بالرأي مع بعض المعلومات الواردة أنفاً، كاشفاً أن ميقاتي كان في صدد الإعتذار الأسبوع الفائت، لولا تدخل فريق المقاومة بكل ثقله ودياً، لثنيه عن هذا الإعتذار”. ويختم بالقول: “الأوضاع صعبة، ولكن لا إنسداد للأفق بالكامل في السياسية”.

وعن العقد التي تحول دون ولادة الحكومة، يؤكد مرجع في فريق الثامن من آذار أن ميقاتي مقيّد في مهمته الحكومية بسقف رؤساء الحكومات السابقين، ولن يجرؤ على الخروج من تحت هذا السقف، خوفاً على وضعه الإنتخابي في الشارع السني الطرابلسي، ففي حال أبدى تعاوناً أكثر من الرئيس سعد الحريري تجاه رئيس الجمهورية في مسألة تأليف الحكومة، لوقف الإنهيار، قد يستغل الحريري وتياره  ذلك ضد ميقاتي، بالتالي سيسعى “المستقبل” على إيهام الرأي العام  السني عموماً والطرابلسي خصوصاً، أن الرئيس المكلّف يقدم التنازلات لفريق رئيس الجمهورية،  وذلك من أجل مواجهة  ميقاتي في الإنتخابات.

كذلك يشير المرجع الى أن هناك عقدة أيضاً في مسار التأليف، لا يمكن التغاضي عنها، وهي محاولة الرئيس المكلّف الحصول في الحكومة المرتقبة على أحدى الوزارات التي من المفترض أن تكون على صلة مع المؤسسات المالية الدولية، كونه أحد أبرز رجال الأعمال في البلد، ويطمح في الحصول على “تعهدات” جديدةً يختم المرجع.

وفي السياق، يؤكد خبير سياسي أن ميقاتي ليس سوى نسحة عن الحريري، جازماً أن عون لم يمنح ميقاتي ما لم يعطه للحريري. ويقول: “لا داعٍ لمحاولات التذاكي على الرئاسة الأولى، ومحاولات الإلتفاف على صلاحياتها، فعبثاً تحاولون”.

وفي هذا الصدد، يرى مرجع إسلامي أن للأزمة الحكومية الراهنة سببان: الأول خارجي، وهو ناجم عن إرباك الإدارة الأميركية في إتخاذ القرار المناسب في الشأن اللبناني، في ضوء التحولات السياسية الأميركية في المنطقة، بعد الإنسحاب الجيش الأميركي من أفغانستان، وبداية تفكيك بعض قواعد ه في شمال شرق سورية. والأهم من ذلك نجاح حزب الله في بداية كسر الحصار الأميركي على لبنان، بعد إستقدام المحروقات من إيران.  ما أدى الى وضع الأميركيين بين خيارين، كلاهما صعب، الأول منع النفط الإيراني من دخول الأراضي اللبنانية، بالتالي تفجير الأوضاع اللبنانية بالكامل. فهنا تثبت الإدارة الأميركية بما يقطع الشك أنها مسؤولة عن محاولة إذلال اللبنانيين وتجويعهم، وهذا الأمر  سيؤدى الى تأليب الرأي العام ضد واشنطن وأدواتها في لبنان، وسيؤثر ذلك سلباً في الوضع الإنتخابي لهذه الأدوات التي تعوّل عليها الأولى في إحداث تغيير ٍ في تركيبة مجلس النواب في الانتخابات المقبلة ، لمصلحة سياسية الولابات المتحدة في لبنان والمنطقة. عندها تكون ذهبت المليارات التي تحدث عنها المعاون السابق لوزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل، لدعم “منظمات  المجتمع المدني” في لبنان، هباءَ منثوراً، على حد تعبير المرجع الإسلامي.  والخيار الثاني، هو عدم دخول واشنطن في مواجه مع إيران وحزب الله، بالتالي وصول النفط الإيراني الى الأسوأق اللبنانية بسلام. وهكذا يكون حزب الله قد حقق إنجازاً جديداً، وللمرة الأولى، في مجال المقاومة الاقتصادية.

أما السبب الداخلي الذي يعوق “التأليف”، فهو مرتبط بالأول، وناجم عنه، برأي المرجع. ويعتبر أنه في ضوء حالة الإرباك الأميركية المذكورة، وعدم جلاء صورة السياسية الأميركية الجديدة في لبنان والمنطقة، سواء كانت آيلة نحو الإنفراج أو الإنفجار، كل فريق لبنان سيبقى متشبثاً بمطالبه في إنتظار جلاء توجه الإدارة الأميركية الجديد، يختم المرجع.

Exit mobile version