صونيا رزق- الديار
يبدو الانتقال سريعاً من التفاؤل الى التشاؤم،في ما يخص دائماً إعلان التشكيلة الحكومية المنتظرة ، ساعات قليلة لا بل دقائق تفصل الخبر السعيد عن السيىء، فتعود الى المربع الاول وكأن البلد بألف خير، فيما هو يتلاشى من الانهيارات، التي تتوالى عليه تباعاً من دون اي حل، او بادرة امل بإمكانية تغيّير المسار، الذي وصل الى قعر الهاوية، فإذا بنا ننام على تشكيلة ستعلن خلال ساعات، ونستيقظ على خبر إلغائها تحت حجج واهية، عنوانها الاول الاختلاف اليومي على الحقائب وتبادلها فجأة، لتليها حرب البيانات وما تحويه من «لطشات» سياسية، من الرئيس المكلف نجيب ميقاتي في إتجاه العهد وتياره، وفي المقابل بيانات من بعبدا وفريقها في إتجاه الرئيس سعد الحريري اولاً، لكن عبر ميقاتي الذي يتلقى دائماً الرسائل عن غيره.
اذا على وقع تفاقم الخلافات المتلاحقة ، لا تزال الحكومة عالقة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، وعلى الرغم من دخول كبار الوسطاء في الحل، اي اللواء عباس إبراهيم، الذي يخرج دائماً منتصراً من اي معضلة وازمة، إلا انّ تناحراتهم مع الافرقاء المقربين جعلته يفشل، فيما مهمته تبقى الفرصة الاخيرة التي اعطيت للتشكيلة، التي تبدو مستحيلة وكأنّ هنالك قراراً بعدم ولادتها والابقاء على ما هو قائم اليوم، اي حكومة تصريف الاعمال برئاسة حسان دياب.
الى ذلك يرى مصدر مطلّع على كواليس التشكيلة، بأنّ كل ما يقال عن خلاف حول حقيبة من هنا واخرى من هناك، ليس سوى مسرحية يعمل القيّمون على جعلها حقيقة، فيما الواقع الحكومي يؤكد بأنّ الثلث المعطّل، الذي يسعى اليه العهد ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، يبقى عقدة العقد، حتى ولو جعلوا ذلك الثلث مخفياً، ألا انه يبقى الابرز في التعطيل، على الرغم من انّ حلفاء العهد وخصومه طالبوا بنزعه، وإتحدوا على معارضته.
إنطلاقاً من هنا عادت حرب البيانات لتشعل من جديد، الوضع المتدهور اصلاً بين عون وميقاتي، الذي اصدر بياناً إعتبر فيها بأنّ «البعض مُصرّ على تحويل عملية تشكيل الحكومة الى بازار سياسي وإعلامي مفتوح، على شتى التسريبات والأقاويل والأكاذيب، في محاولة واضحة لإبعاد تهمة التعطيل عنه وإلصاقها بالآخرين». فأتى الرد سريعاً من بعبدا، «بأنّ اصوات مسؤولين ومواقف استنسابية وتحليلات غير مستندة الى أساس صحيح، تصبّ منذ فترة في هدف واحد، وهو إلصاق سبب التأخير في تشكيل الحكومة، برغبة أو إصرار أو مطلب لدى رئيس الجمهورية، بالحصول على الثلث الضامن في الحكومة، لكي يُوافق عليها ويُوقّع على مراسيم تشكيلها». ولفت البيان «الى تمسّك رئيس الجمهورية بإحترام الأصول الدستورية، مؤكداً بأنه لا يريد الثلث الضامن، إيماناً منه بأن الظروف الصعبة تُحتّم على الجميع الارتقاء إلى أقصى درجات المسؤولية، من أجل المبادرة والإسراع في إنقاذ الوطن والشعب». مع إشارة المكتب الاعلامي في بعبدا لاحقاً الى «انّ البيان ليس موجّهاً ضد ميقاتي، إنما ضدّ من يتّهمون الرئيس بأنه يريد الثلث المعطل».
وفي اطار ما يقال عن مطالبة العهد والتيار بالثلث المعطل، وعدم تراجعهما عنه مهما كان الثمن، رأى المصدر المذكور بأنّ هنالك قراراً من بعبدا ورئيس «التيار» جبران باسيل بعدم تسهيل التشكيلة، وإعادتها الى المربع الاول في كل مرة قبل ساعات من إقتراب إعلانها، وذلك لأهداف عدة منها، ضرورة حصولهم على الثلث المعطل للتحكّم به، لانهما يعلمان مسبقاً بأنّ تحالفاً وزارياً، سيبدأ بالظهور في حال ُشكّلت الحكومة، ضد العهد تحت عنوان «ردّ الصاع صاعين»، سيجمع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري، ورئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، ورئيس تيار «المردة « سليمان فرنجية، لذا: «إنسوا الحكومة ولا تترّقبوا تشكيلها»، كما قال المصدر، الذي ابدى إستياءً كبيراً مما يجري من تناحرات لا تجدي نفعاً، لا بل تزيد من تدهور الاوضاع كل دقيقة، واشار الى انّ لحظة تقديم الرئيس ميقاتي إعتذاره، ستكون الطامة الكبرى على الصعد كافة، مع الامل بأن يتروى ويعّد للمليون وليس للعشرة، قبل إتخاذه هذا القرار المدّمر للبنان، لانه سيكون آخر رئيس مكلّف للحكومة…