ٍَالرئيسية

عن صراع الهيمنة على المؤسسات

“ليبانون ديبايت” – علي الحسيني

سقطت جميع الرهانات على الداخل في ما يتعلّق بتأليف الحكومة خصوصاً بعدما أثبتت مجريات اللقاءات المكوكيّة بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المُكلّف نجيب ميقاتي، استحالة حصول إجماع حول طبيعة هذه الحكومة، على الرغم من الضخّ الإيجابي الهائل، الذي رافق فترة الزيارات التي قام بها الرئيس المُكلّف إلى قصر بعبدا، مع إصرار منه على أن الأمور تتجه نحو الأفضل. من هنا، يبقى الرهان الأخير على مبادرة خارجية من شأنها أن تُعيد تحريك المياه الراكدة ووضع الإصبع على مكامن الخلل، ذلك أنه من الحقّ الطبيعي للبنانيين، تشكيل حكومة ترفع عنهم كل أنواع الأذى الذي يعيشونه جرّاء التناحر السياسي.

بين المناكفات القضائية والطبيّة والسياسية والإجتماعية المبنية على قاعدة ستة وستة مكرّر، تدخل البلاد في عمق “جهنّم” من دون مبالاة أو أدنى شعور بالمسؤولية من السياسيين، تجاه الشعب الغارق بأزماته ذات التعليب السلطوي وتوزيعها وفقاً للحاجات، مرّة عبر البنزين ومرّات عبر المازوت، وأحياناً باتجاه الأفران والصيدليات، كل ذلك وأهل السلطة يتربّعون على مكاسبهم وامتيازاتهم، ويُصرّون على خلق الجدالات “البيزنطية” لكسب المزيد من الوقت الذي يُتيح لهم التحكّم بالقرار وإدارة أُذن “الجرّة” بحسب ما تهوى أنفسهم ووفقاً لمصالحهم، تحت ذرائع دستورية ما أنزل الله بها من سلطان.

“حاول أن تُنقذ ما تبقّى من عهدك وإلا فنحن ذاهبون إلى الأسوأ وإلى أبعد من جهنّم إلى قعر جهنّم كما بشّرتنا”. بهذه الجملة توجّه أمس مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان إلى رئيس الجمهورية، وليدخل عبرها إلى الظلم والإذلال الذي يعيشه الشعب اللبناني في سبيل “تأمين لقمة عيشه ودوائه ومحروقاته نتيجة سياسات الدولة الضعيفة والخاطئة”. صرخة المفتي هذه وما قاله المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، للعسكريين بأن “التأزّم الذي يمرّ به لبنان قد يطول ومن واجبكم الصمود والوقوف سدّاً منيعاً حماية لوطنكم وأهلكم وشعبكم”، يؤكد أن ما يعيشه اللبناني يُمكن وصفه بقعر “جهنّم” وليس ضفافه.

عند هذا التخوّف الديني والأمني حيال ما يمرّ به لبنان، يؤكد الوزير السابق بطرس حرب، أن “الوصف الحقيقي هو أن المسؤولين في لبنان لا يتصرفون على أساس أن هناك دولة تحتضر وشعب يُذلّ وهناك مريض لا دواء له ولا استشفاء. بالإضافة إلى وجود احتكارات وسرقات وفساد وهدر ووضع اليد على أموال الناس في المصارف، وبدل أن يتصرّف هؤلاء على هذا الإساس، إذ بهم يحوّلون البلاد إلى بازار سياسي كل جهة فيه تُحاول تحقيق مطالبها ومصالحها وتعزيز مكانتها في السلطة.”

يأسف بطرس “لوجود ذهنيّة لبنانية قائمة على التسلّط والإستفراد وانعدام الحسّ الأخلاقي عندها قبل السياسي، وإصرارهم على سرقة “الباخرة” قبل أن تغرق. واليوم نرى أن العقلية التي من الواجب عليها وضع خطّة لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه، إذ هي عقلية مريضة غير كفوءة ولا جديرة بإدارة هذا المركب، وبالتالي فإن أهون الشرور، أن يستقيل أصحاب هذه العقلية من مناصبهم، وأن يتركوا إدارة شؤون البلد لأصحاب الكفاءة والقدرة على إخراج لبنان من أزماته.”

وبحسب حرب، فإن “ما يجري اليوم في عملية تأليف الحكومة، وإذا أخذنا في عين الإعتبار هذا الصراع حول التأليف، يتبيّن أنه مُرتبط بوزارتي الداخلية والخارجية المرتبطتين عملياً بالإنتخابات النيابية ومن ثم تحويل السلطة القضائية إلى أداة بيد السلطة التنفيذية لممارسة لعبة التجاذب السياسي في البلد.” وقال إن “خوفي الكبير أن يكون ما أعلنه رئيس الجمهورية منذ مدة هو ما حصل، ونطمئنه على هذا الأساس أننا أصبحنا في “جهنّم”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى