الجيش وقوات مدربة من حزب الله تستعد للحسم في درعا إذا فشلت المفاوضات
أيام قليلة او ربما ساعات تفصلنا عن حسم قضية درعا، إما بتسوية سياسية مع المسلحين من خلال المفاوضات المتواصلة معهم حتى الساعة، او بعملية عسكرية واسعة بقوة ضاربة، حيث “بدأ الجيش السوري وحلفاؤه وعلى رأسهم حزب الله بقرار مباشر من الرئيس بشار الأسد وبموافقة روسية، التجهيز للقوات والخطط”، وثمة معلومات تفيد بأن “قوات مدّربة من حزب الله وصلت الى درعا، وهي مهيئة لحسم المعركة لحظة يبدأ الجيش السوري الهجوم”.
سيقود الهجوم الفيلق الأول في الجيش السوري، وهو الفيلق الذي أسسه وبناه الرئيس السابق حافظ الاسد بطريقة خاصة تتميز عن كافة الفيالق الاخرى في الجيش، فهو يملك بشكل مستقل كافة القدرات العسكرية للجيوش من دبابات وتجهيزات عسكرية وقتالية ومنظومات صاروخية، كما أن عديده هو من أبناء الجنوب السوري، وقد أٌعد لمواجهة “اسرائيل”، وهذا الفيلق قدّم الكثير من التضحيات والشهداء خلال الحرب على سوريا، وقد نكّل به المسلحون الإرهابيون، وقتلوا منه في يوم واحد 350 ضابطًا وعنصرا.
قرار الرئيس الأسد حاسم ونهائي يقضي بإنهاء حالة الفوضى والفلتان في درعا والجنوب السوري، لأهمية هذه المنطقة المتاخمة لفلسطين المحتلة وخطورتها، لا سيما ان جماعات المسلحين ( اللواء الثامن بقيادة احمد عودة، وتجمع أحرار حوران وغيرهما) تتلقى المعلومات الكافية من جيش الاحتلال الاسرائيلي، قد أخلت باتفاق التسوية للمصالحة الخاص بمناطق خفض التوتر الذي عقده ونظمه الروس عام 2018، وقامت هذه الجماعات بتتفيذ اعتدءات متواصلة على الجيش السوري، واغتيالات بحق ضباط وجنود سوريين، ومنع القوات السورية من الدخول الى المدينة بما يمكنها من حفظ الأمن في هذه المنطقة.
كما ان مسلحي درعا يقومون بقطع الطريق الدولية بين الاردن وسوريا، وهو طريق حيوي ومهم ويلحق أضرارًا كبيرة بالاقتصاد السوري، وثمة اتصالات دولية لضمان بقاء هذا الخط للتبادل التجاري بين البلدين، وكان آخرها اتصال هاتفي بين الملك الاردني عبد الله الثاني والرئيس بشار الاسد ناقشا فيه الموضوع وضرورة تأمين المعابر البرية لما فيه مصلحة البلدين.
الروس أدركوا ان قيادتهم لمشروع المصالحة في الجنوب السوري_ وهو المشروع الروسي الوحيد للمصالحة_ كانت تجربة غير ناجحة، وقد أبدى الرئيس الاسد للجانب الروسي ملاحظاته على المصالحة في الجنوب، لانها لم تحفظ كامل المصالح لسوريا، وأبقت على السلاح الثقيل للمسلحين، ومكنّتهم من إدارة مستقلة للمنطقة، ولان المصالحة هذه تؤسس لمشروع تقسيم سوريا الامر الذي لن تقبل به الدولة السورية مطلقا، بالاضافة الى ان المنطقة حساسة ومهمة فهي على تماس مع الجولان، وقريبة من العاصمة دمشق.
مشروع المصالحة الروسية في الجنوب إنما كان باتفاق روسي اميركي اسرائيلي يقضي بخفض التصعيد في هذه المنطقة، وقبلت فيه سوريا كجزء من استراتيجيتها لإنهاء الازمة في ظل وجود عدة جبهات كانت تخوضها ضد الارهابيين، ولكن عند التطبيق وفي التفاصيل لم تراع المصالح الضرورية لسوريا، كما ان “اسرائيل” وتهديدها القيام بعمل عسكري في الجنوب كان بذريعة منع التواجد الايراني هناك، إلا ان هذا الامر مجرد شعار يرفعه الاسرائيليون ومسلحو درعا الآن، لان الايرانيين أساسًا غير متواجدين في هذه المنطقة بل الجيش السوري.
المفاوضات يبدو أنها باتت في الربع الساعة الأخير، ومطالب الدولة السورية هي:
– تسليم مسلحي عودة “الفليق الخامس” اسلحتهم الثقيلة.
-الاحتفاظ بالسلاح الفردي فقط للمسلحين الذين يرغبون بالبقاء في مناطق الجنوب.
-باقي المسلحين يتم نقلهم الى إدلب ( والباصات الخضر باتت جاهزة).
-عودة السلطات المحلية والأجهزة الامنية الى المنطقة.
الجدير بالإشارة، انه ثمة انقسامات كبيرة داخل صفوف المسلحين حول كيفية التعاطي مع الموقف الراهن والمستجد، كما ان بعض العشائر في الجنوب التي تؤمن التغطية السياسية والاجتماعية للمسلحين، وكانت حاولت تشكيل مجلس عشائري كبديل عن الدولة، لم تراع مصالحها الحيوية، وبعض هؤلاء العشائر مرتبطين مع الاسرائيلي وغرفة الموك، بات عليهم الآن ان يتخذوا القرار المناسب، والموقف الوطني لحماية مصالحهم الذاتية من جهة، والحفاظ على وحدة الاراضي السورية من التقسيم من جهة ثانية.