بولا مراد-الديار-مانشيت
كل الايجابية التي طبعت المشهد الحكومي نهاية الاسبوع الماضي تلاشت في الساعات القليلة الماضية فبات رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي، بحسب المعلومات، أقرب للاعتذار منه للتأليف، رغم محاولات فريقه كما فريق رئيس الجمهورية التخفيف من وطأة ما وصلت اليه الامور حرصا على الاستفادة من فرصة قد تلوح في الافق نتيجة الضغوط الفرنسية الكبيرة التي تمارس وبخاصة على ميقاتي لثنيه عن الاعتذار. اذ تكشف المعلومات ان الرئيس المكلف كان يعتزم تقديم اعتذاره بعد زيارته الاخيرة الى بعبدا لكن الفرنسيين اقنعوه بالتريث اقتناعا منهم بأن الاعتذار سيعني البقاء في الجحيم لاجل غير مسمى بغياب اي بديل عن ميقاتي وقرار رؤساء الحكومات السابقين عدم تسمية بديل عنه.
وتقر مصادر في «التيار الوطني الحر» بعودة الامور الى المربع الاول متحدثة لـ»الديار» عن تكرار تجربة رئيس «المستقبل» سعد الحريري لجهة تقديم ميقاتي تشكيلة كاملة ليست نتيجة شراكة حقيقية في التأليف، مضيفة:» مرة جديدة يدفع رؤساء الحكومات السابقين باتجاه الانقضاض على الصلاحيات الدستورية للرئيس من خلال التعاطي معه كباش كاتب… فان كان الحريري قام بذلك علنا ومن دون لف ودوران ما ادى لاعتذاره، ها هو ميقاتي يقوم بذلك بدبلوماسية اي يأخذ ويعطي ويناقش لكن في نهاية المطاف نصل لنفس النتيجة… وطالما التعاطي على هذا المنوال لن يكون هناك حكومة».
بالمقابل، قال احد رؤساء الحكومات السابقين لـ»الديار» ان بعد نحو شهر على تكليف ميقاتي وصلنا الى قناعة بأن ما لم يعطه «الثنائي» عون- باسيل للحريري لن يعطه لميقاتي، لافتا الى ان «الاشكالية الاساسية هي بالعقلية الاستئثارية العونية وبرغبة معلنة بالانقضاض على اتفاق «الطائف» واعادة عقارب الساعة الى الوراء».
ويراقب حزب الله من بعيد ما آلت اليه الاوضاع حكوميا وان كان لا يزال من ابرز الدافعين لتشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن. وبحسب معلومات «الديار» فهو حتى لم يقترح اسماء من قبله للتوزير وترك مهمة اختيار شخصيتين تدوران في فلكه لميقاتي نفسه. وتضيف المعلومات:» لكن بالمقابل هو والرئيس عون المهم التوصل مع الرئيس ميقاتي لتشكيلة ترضيه ولا تكون سكينا يطعنه في ظهره، لذلك هو لن يكون ابدا في وارد الضغط على رئيس الجمهورية لتقديم اي تنازل كان».
ميقاتي- أبو الغيط
وفيما لبنان واللبنانيون يتخبطون في جحيمهم، بدأ العراق خطوات عملية للخروج من ازماته من خلال المؤتمر الإقليمي لدعم العراق. وأكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، استمرار تضامن الجامعة العربية مع لبنان ووقوفها إلى جانب الشعب اللبناني في محنته. وقال في تصريح صحفي قبيل توجهه إلى بغداد لحضور المؤتمر الخاص بالعراق، «استمعت إلى مناشدة الرئيس ميقاتي للجامعة العربية ولي شخصيا للاستمرار في دعم لبنان، وأنا بدوري أقول أنني أقدر هذه المناشدة، وسبق أن اتصلت بالرئيس ميقاتي متمنيا له التوفيق في تشكيل الحكومة».
وأكد أبو الغيط «ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة تأخذ على عاتقها تنفيذ الاصلاحات اللازمة بشكل فوري سيمكّن المجتمع العربي والدولي من الإنخراط بفعالية في إنقاذ لبنان ودعم الشعب اللبناني للخروج من هذا النفق المظلم الذي يمر به.» وأضاف «أتمنى التوفيق للرئيس ميقاتي في معالجة العقبات الموضوعة في طريق تشكيل الحكومة والتي لم يتم تذليلها منذ ما يزيد عن عام كامل للأسف».
وكان ميقاتي توجه الى المجتمعين في العراق قائلا: «يتطلع اللبنانيون بثقة بأن لبنان سيحظى باهتمام القادة والاصدقاء الذين سيجتمعون في العراق الذي تحمّل شعبه التحديات واستطاع بحكمة حكومته ان يعيد دوره المميز عربيا ودوليا. كما نهنئ القيادة العراقية بالنجاح في التحضير للقمة – الحدث التي اعادت الروح الى التضامن العربي».
الغذاء مهدد
في هذا الوقت، باتت يوميات اللبنانيين تشبه بعضها، بعدما فشلت كل القرارات والاجراءات بالحد من جحيم الطوابير امام محطات المحروقات. وحتى تطمينات القيمين على القطاع لم تعد تقنع المواطنين الذين يختبرون الذل بكل اشكاله والوانه على الطرقات.
ويوم امس، أعلن عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس، أن عددا كبيرا من المحطات التي كانت مقفلة الاسبوع الفائت، فتحت أبوابها وعادت لتسليم البنزين للزبائن بعد إعادة تموينها من قبل شركتها الموردة، لافتا الى أن «هذا المشهد سيتواصل تباعا وسنلاحظ انفراجات تدريجية وانخفاضا بكثافة الطوابير على المحطات». وقال «هذه الطوابير لن تختفي بسبب العدد الهائل من السيارات التي يمتهن اصحابها السوق السوداء والذين باتوا يشكلون العمود الفقري للطوابير لتعبئة مادة البنزين في سياراتهم او الدراجات النارية ليعودوا لسحبها وبيعها بأسعار خيالية» وأشار الى انه «تم تشكيل غرفة أمنية مشتركة مركزها السراي الحكومية لمكافحة تجارة المحروقات غير القانونية. وهنا يجب تذكير الجميع أن الاحتكار والتهريب والسوق السوداء وبيع الغالونات على أرصفة الطرق والتلاعب بالعدادات هي الاعمال غير القانونية ومكافحتها تتطلب توقيف منفذيها». وانتقد «الفرض على المحطات التي تفتح يوميا، بيع مخزونها بالكامل فور تسلمها له، مما يضطرها الى الاقفال عدة ايام لحين تسلمها البنزين مجددا وترك زبائنها يتدبرون امرهم»، معتبرا ان «هذا الامر يشجع السوق السوداء ويغذيها من غير قصد».
وقد تتحول أزمة البنزين ازمة ثانوية قريبا بعد اطلاق رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي «صرخة استغاثة لأن حتى القطاع الغذائي الاساسي اصبح مهددا بسبب انقطاع المازوت».
احتدمت على خط معراب – ميرنا الشالوحي
وبما يبدو «تحمية» للكباش الانتخابي الذي يقترب اكثر فأكثر، احتدمت يوم امس على خط معراب – ميرنا الشالوحي بعد ايام من السجالات المتفرقة. وتوجه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في بيان يوم امس لعون ودياب محملا اياهما مسؤولية كل ما يجري على محطات بيع المحروقات هذه الأيام، مضيفا: «كما تتحملون مسؤولية اي حادثة تقع على هذه المحطات، واي تقصير في اي مستشفى او قطاع، وأي انهيار يحصل في معمل او مقهى او متجر نتيجة الفوضى العارمة السائدة في سوق المحروقات في لبنان. تتحملون مسؤولية كل ذلك، لأن الحل واضح ومعروف وانتم تحجمون عن اتخاذ القرار، الحل الفعلي هو بتحرير أسعار المحروقات والدواء وإصدار البطاقة التمويلية فورا. وكل ما عدا ذلك تأزيم أكبر فأكبر وفوضى تنتشر أبعد وأبعد ومواطن لبناني متروك لقدره».
وردت الهيئة السياسية في التيار قائلة «الجهات السياسية التي حرمت مؤسسة كهرباء لبنان، الحصول على السلفة المالية لشراء الفيول هي عينها المتورطة بفضيحة التخزين اللاشرعي للمحروقات»، مشددة على ان «المطلوب من القوات اللبنانية أن تسلم المحتكرين الذين صدرت بحقهم مذكرات توقيف وهي تتحمل كما أي جهة سياسية أخرى مسؤولية أخلاقية وقانونية عن حماية هاربين من وجه العدالة». واضافت: «يبقى أن سؤال رئيس القوات للرئيس عون ولرئيس الحكومة عن مصير التدقيق الجنائي هو منتهى الوقاحة للتعمية على جرائمه المالية وتمويله السياسي، لأن المطلوب أن يتوسع التدقيق الجنائي ليشمل، الى جانب مؤسسات الدولة، الأحزاب اللبنانية وطرق تمويلها». وتابعت «بقدر ما تتحمل الحكومة والأجهزة الأمنية مسؤولية مكافحة التخزين اللاشرعي والتهريب للمحروقات والأدوية وأي سلعة أخرى مدعومة، يتحمل مجلس النواب مسؤولية إقرار قانون يسمح لمؤسسة كهرباء لبنان بالحصول على الأموال التي تحتاجها لإنتاج الكهرباء التي من دونها تتوقف عجلة الحياة وتتفاقم أزمة المازوت كلفة وكمية. وليعلم المودعون أن التذرع برفع الدعم وعدم دفع فيول الكهرباء لحماية الاحتياط الإلزامي هو كذبة مفضوحة، لأن شراء المازوت للمولدات الخاصة تتجاوز كلفته بكثير شراء الفيول لكهرباء لبنان وتزيد كلفته أضعافا على المواطنين».