نُقل عن الرئيس الأمريكي جو بايدن، الجمعة قوله لرئيس وزراء العدو الإسرائيلي نفتالي بينيت خلال محادثات في البيت الأبيض إنه يضع “الدبلوماسية أولا” في محاولة لما اسماها بـ “كبح” برنامج إيران النووي لكن إن فشلت المفاوضات فإنه مستعد للجوء لخيارات أخرى لم يحددها.
الخيارات الاخرى قد شاهدناها في افغانستان، الهزيمة والانسحاب المذل، فامريكا لا تريد الدخول في صراع مسلح مع ايران ومحور المقاومة، فالامر سيعني خسائر هي اضعاف ما حصل في افغانستان، والصهيوني بينيت يعرف ذلك جيداً، ولكنه يريد ان يكون ثعلبا ليسرق كلمات تأييد ودعم للكيان الصهيوني وبأي شكل كان.
وبعد تأجل الاجتماع من الخميس إلى الجمعة، في أعقاب الهجوم الذي أعلن تنظيم داعش ولاية خراسان المسؤولية عنه وراح ضحيته 92 شخصا على الأقل من بينهم مقتل 12 جنديا وطبيباً أمريكيا، اجتمع بايدن وبينيت لإعادة تشكيل معالم العلاقات الأمريكية الإسرائيلية وتقليص الخلافات الحادة بخصوص الملف الإيراني رغم الخلافات بخصوص كيفية التعامل مع برنامج طهران النووي.
وعقدت التوترات العلاقات بين بنيامين نتنياهو سلف بينيت، الذي كان مقربا من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والإدارة الديمقراطية السابقة بقيادة الرئيس الأسبق باراك أوباما، الذي كان بايدن نائبا له آنذاك.
لكن الاجتماع، وهو الأول منذ تولي الرجلين منصبيهما هذا العام، طغى عليه هجوم أمس الخميس خارج مطار كابول خلال عملية انسحاب أمريكية سببت أكبر أزمة لرئاسة بايدن.
وقال بايدن للصحفيين بعد المحادثات الثنائية مع بينيت “المهمة هناك… خطرة والآن جاءت بخسارة فادحة في الأرواح الأمريكية لكنها تستحق العناء وسنكمل المهمة”.
ووُضعت القوات الأمريكية، التي تساعد في إجلاء الأفغان المستميتين على الفرار من حكم حركة طالبان الجديد، في حالة تأهب تحسبا لمزيد من الهجمات اليوم الجمعة.
وفي تصريحات مقتضبة للصحفيين عرج بايدن و بينيت على الملف الإيراني أحد أكثر القضايا الشائكة بين إدارة بايدن والكيان الصهيوني.
ونُقل عن بايدن قوله أنه ناقش مع بينيت التهديد الذي تشكله إيران على الكيان والتزام الولايات المتحدة بضمان عدم تطوير إيران أبدا لسلاح نووي.
وأضاف “نحن نضع الدبلوماسية أولا وسنرى إلى أين تقودنا. لكن إن أخفقت الدبلوماسية فنحن مستعدون للجوء لخيارات أخرى” دون أن يتطرق لتفاصيل محددة عن تلك الخيارات.
وكان من المتوقع قبل المحادثات أن يحث بينيت الرئيس الأمريكي على انتهاج أسلوب أكثر تشددا مع إيران والتراجع عن المفاوضات الرامية لإحياء الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع قوى عالمية وانسحب منه ترامب.
والمفاوضات الأمريكية الإيرانية معلقة في وقت تنتظر فيه واشنطن الخطوة المقبلة التي سيتخذها الرئيس الإيراني الجديد في هذا الصدد.
وقال بينيت لبايدن “سعدت بسماع تصريحاتك الواضحة عن أن إيران لن تتمكن أبدا من الحصول على سلاح نووي… أكدت على أنك ستجرب السبيل الدبلوماسي لكن هناك خيارات أخرى إذا لم يفلح” لكنه لم يذكر أيضا طبيعة تلك الخيارات.
النأي عن نتنياهو
سعى بينيت لأن ينأى بنفسه عن أسلوب نتنياهو العدائي وركز بدلا من ذلك على إدارة الخلافات خلف الأبواب المغلقة مع واشنطن وأقرب حلفائها في الشرق الأوسط.
لكنه كان حازما مثل نتنياهو في تعهده بفعل كل ما هو ضروري لمنع إيران، التي تعتبرها إسرائيل مصدر تهديد وجودي، من إنتاج سلاح نووي. وتنفي إيران باستمرار أنها تسعى للحصول على قنبلة لمخالفتها الشريعة الإسلامية التي تتخذها ايران منهجاً في الحكم و اسلوب حياة.
وقال بينيت للصحفيين في البيت الأبيض إن إسرائيل طورت “استراتيجية شاملة” لمنع إيران من الخروج عن السيطرة فيما يتعلق بقدراتها النووية ووقف “عدوانها الإقليمي” حسب ادعائه.
وفي تلميح لتهديدات إسرائيل بالقيام بعمل عسكري والمساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل والتي تقدر قيمتها مليارات الدولارات قال بينيت “لن نستعين أبدا بمصادر خارجية لأمننا. إن من مسؤوليتنا أن نهتم بمصيرنا لكننا نشكركم على الأدوات… التي تزودوننا بها”.
وأعطت الزيارة فرصة لبايدن لإظهار أن بوسعه القيام بالعمل كالمعتاد مع شريك رئيسي في الوقت الذي يواجه فيه الوضع المتقلب في أفغانستان.
وعن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، بدا أن بايدن وبينيت لا يزالان على خلاف. وجدد بايدن الدعم لحل الدولتين بعد أن نأى ترامب بنفسه عن هذا الموقف الذي كان حجر زاوية في السياسة الأمريكية لفترة طويلة بينما يعارض بينيت قيام دولة فلسطينية.
وأتى بايدن على ذكر القضية بشكل مقتضب، وقال إنه يريد مناقشة “طرق لدفع السلام والأمن والرفاهة للإسرائيليين والفلسطينيين”، ولكن بينيت لم يأت على ذكر الفلسطينيين في تصريحاته.
والإجماع الحالي فيما بين مستشاري بايدن هو أن الوقت قد حان للضغط من أجل استئناف محادثات السلام المتوقفة منذ فترة طويلة أو لتقديم إسرائيل لتنازلات كبرى مما قد يزعزع استقرار الائتلاف الحاكم متعدد الأطياف السياسية الذي يتزعمه بينيت.
لكن مستشاري بايدن لم يستبعدوا الطلب من بينيت القيام بمبادرات متواضعة للمساعدة في تجنب تصاعد في القتال مثل الذي وقع مؤخرا بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة وهو ما فاجأ الإدارة الأمريكية التي كانت جديدة وقتها هذا العام.
كما أكدت الإدارة الأمريكية على أنها تعارض التوسع الاستيطاني اليهودي على الأراضي المحتلة.
المصدر: متابعات