للمرة الأولى منذ أشهر، يبشّر وزير الصحة حمد حسن بقرب الوصول إلى «خاتمة سعيدة» ــــ ولو مؤقتاً ــــ لأزمة الدواء، مع إعلانه أمس أن نقابة مستوردي الأدوية «وافقت على تحرير الأدوية الموجودة في المستودعات والبدء بطلبٍ سريع للأدوية المفقودة في السوق»، على أن تتأمن «خلال أسبوعٍ أو عشرة أيامٍ كحدّ أقصى وفق المعطيات اللوجستية».
وأخيراً، قبلت نقابة مستوردي الأدوية باستيراد الدواء وإخراج ما في مستودعاتها بعد حبسها لأشهرٍ عن المواطنين؟ هل حقاً لدى هؤلاء «حسّ بالمسؤولية الوطنية»، كما قال حسن أمس؟ ولمَ لم «يشتغل» هذا الحسّ عندما كان الناس يصرخون طلباً لحبة دواء، ومنهم مرضى السرطان؟ ولمَ اليوم القبول بالحوار؟ لا تفسير مقنعاً لهذا «التنازل» سوى ما تقوم به وزارة الصحة من عمليات دهم لمستودعات الأدوية، والتي كانت جردتها أمس مستودعين كبيرين في منطقتي الفياضية وعين المريسة، وهما، للمصادفة، غير مرخصين.
إذاً، بعد ثلاثة أشهرٍ على تشبّث أصحاب الشركات المستوردة للدواء بعدم الاستيراد أو فتح المستودعات إلا عقب تسديد مصرف لبنان لفواتيرهم السابقة البالغة حوالى 600 مليون دولار، أعلن المستوردون أنهم سيأتون بالدواء في أسرع وقتٍ ممكن، من منطلق أنهم يريدون توفير الأدوية للمرضى، على ما قالوا في اجتماعهم أمس مع حسن. وأكد نقيب مستوردي الأدوية، كريم جبارة، أن «الأدوية ستعود تدريجياً إلى السوق، على أن تنفّذ كل جهة التزاماتها بحيث تأتي الشركات بالأدوية ويعطي المصرف المركزي الأذونات المسبقة ويدفع المتأخرات، وتراقب الوزارة انتظام العملية»، لافتاً إلى أن «الأولوية لأدوية الأمراض المستعصية» وأن «الأذونات المسبقة بمعظمها هي لأدوية الأمراض المستعصية، لأن الميزانية الشهرية محدودة»، متوقعاً «أن ينسحب المسار المالي على أدوية الأمراض المزمنة».
أما بالنسبة إلى الأدوية غير المدعومة، فلم يكن طريق الوصول إليها سهلاً، وإن كان ليس مستعصياً، إذ أشار حسن إلى أن من المتوقع الوصول إلى حلٍ مشترك مع الشركات خلال 48 ساعة.

وكانت وزارة الصحة العامة قد حددت في وقتٍ سابق تسعيرة لهذه الأدوية على أساس نسبة 65% من سعر دولار السوق، إلا أن «عدداً من الشركات لم يتجاوب مع النسبة المحددة من الحسم أو لا قدرة لديه على ذلك»، على ما يقول حسن، لافتاً إلى أن ذلك كان السبب في استدعاء بند الاستيراد الطارئ. ولذلك، وفي سياق طمأنة شركات الاستيراد، أكد حسن أنه «لن نعطي إذناً بالاستيراد الطارئ إلا للدواء المفقود من السوق»، مرجحاً أن تصل الشحنة الأولى الأربعاء المقبل. يأتي ذلك من منطلق «أننا لا نسعى إلى الصراع والمضاربة، بل إلى تأمين الدواء (…) ولن أفتح نزاعاً. فلا وقت ولا ترف لديّ لذلك».
إلى ذلك، تابعت وزارة الصحة مداهماتها للمستودعات، وقد كان الصيد أمس في الفياضية وعين المريسة، حيث كشفت المداهمات في مستودع مجموعة «فارما غروب» في الفياضية أنه غير مرخص، أضف إلى وجود «كمية كبيرة من الأدوية المدعومة وغير المدعومة التي تم استيرادها قبل رفع الدعم». وبالأرقام، يشير حسن إلى وجود «ملايين الأدوية من مئات الأنواع».
وفي هذا السياق، أكد حسن أن الوزارة في صدد اتخاذ قرار جديد يهدف إلى تجميد كل رخصة مستودع ورخصة الصيدلي المرخص على اسمه المستودع حين يكون مخالفاً. أما بالنسبة إلى المخالفين، فأكد أن «الوزارة تقوم بواجبها، والقضاء موجود ليكمل ما نقوم به»، مشيراً إلى أنه حتى الآن «تم توقيف خمسة من الذين تم العثور لديهم على أدوية خارج المؤسسات الصيدلانية أو أدوية مدعومة تم احتكارها داخل المؤسسات الصيدلانية الشرعية»، مشدداً على أن «لا تدخل للإفراج عن أي من الموقوفين الخمسة بقرار قضائي».
وفي نتائج مداهمتَي جدرا والعاقبية، أكد حسن أن مبيعات الدواء «وصلت إلى حدود مليارين ونصف مليار ليرة من مستودع العاقبية بالسعر المدعوم، كما بدأ مستودع جدرا بصرف مخزونه الضخم المدعوم، إضافة إلى مصادرة مضبوطات المخازن غير المرخصة في تول وزحلة وتعنايل».