كتبت جويل الفغالي في “نداء الوطن” يزداد وضع القطاع الصحي تعقيداً مع استمرار ارتفاع سعر الدولار، حيث أن 93 في المئة من الأدوية في لبنان مستوردة من الخارج، وفي ظل غياب أي بوادر خير لتشكيل حكومة فع٘الة، ومماطلة الجهات الرسمية لإيجاد حلول بديلة عن آلية الدعم الحالية لتحد من المشاكل والأزمات التي تعصف بلبنان يوماً بعد يوم. ومع اشتداد شح الأدوية، وخاصة تلك المخصصة للأمراض المزمنة التي يحتاج اليها المواطن يومياً، تحول البحث عن الدواء إلى عادة يومية لعدد كبير من المرضى. قسم آخر استفاد من وجود أقارب أو أصدقاء يعملون أو يعيشون في الخارج لتدبير احتياجاتهم، حيث يتم دفع سعر الدواء بالدولار الكاش، أي عندما يكون سعر الدواء 15000 ليرة لبنانية في لبنان ويتم شراؤه بـ10 دولارات فريش من الخارج.
وتابعت: من الواضح أن أزمة الدواء لن تنتهي إلا “بزوال مسبباتها بشكل كلي وليس بشكل جزئي”، تشير مصادر شركات استيراد الأدوية. و”طالما الأمور تحل بالمفرق وبشكل جزئي، فان ذيول الأزمة ستبقى تؤثر بشكل سلبي على سوق الدواء”. وبحسب نقيب مستوردي الأدوية في لبنان كريم جبارة فان مشكلتين أساسيتين، دفعتا في الفترة الماضية الى تفاقم الأزمة، ولن يعود السوق إلى طبيعته إلا بانتهائهما بشكل كلي وليس جزئياً وهما:
– ديون الشركات الاجنبية التي ما زالت عالقة وتقدر بحوالى 500 مليون دولار، ما يخلق أزمة ثقة، فالمستوردون لن يقوموا بالاستيراد مجدداً قبل تسديد مستحقاتهم لأن الشركات الموردة الكبرى قد جمدت حساباتهم وترفض تسليم أي طلبيات جديدة قبل دفع جزء من الاستحقاقات الماضية، والا اعتبرتها ديوناً ميتة.
– كما ولا يمكن للمستورد الاستيراد بدون الموافقة المسبقة من مصرف لبنان، وهناك تأخير لافت في إعطاء الموافقات بسبب الوضع المالي، ويشدد أنه يجب على الأقل إعطاء الموافقة المسبقة لاستيراد أدوية السرطان والأمراض المزمنة.
أما بالنسبة الى الادوية التي أصبحت غير مدعومة وفق القرار الصادر عن الوزير حمد حسن بتحديد سعر صرف الدولار الأميركي لهذه الأدوية بنسبة 65 في المئة من سعر الصرف في الأسواق اللبنانية، أي 13650 ليرة لبنانية للدولار الواحد، هناك علامة إستفهام، يقول جبارة، “فكيف على المستورد بيع هذه الأدوية على 13650 ليرة للدولار الواحد بينما يتراوح الدولار في السوق السوداء بين 19500 و20000 ليرة للدولار الواحد؟ العقدة عالقة اذاً في وزارة الصحة، إما أن يرفع الدعم كلياً عن هذه الأدوية حتى ولو أصبح سعرها مرتفعاً، لكن كذلك يتمكن المستورد من شراء الأدوية ومدها في الاسواق، بدلاً من أن ينتظر المواطن شحنها من الخارج مع الأقارب والاصحاب”. وهنا يحذر جبارة “من وقوع كارثة في سوق الدواء اذا استمر الوضع على حاله، فالدواء يدخل الى لبنان في حقائب السفر بدون أن يخضع للرقابة للتأكد من فعاليته، ما يؤدي الى فقدان الأمان الدوائي في السوق”.
وختمت إن طمع السلطة السياسية وقلة إهتمامها بتوفير الحاجات الأساسية للمواطنين تدفع اللبنانيين للقيام بمبادرات إنسانية ودعم كل من هم بحاجة للمساعدة، ونرى أن عدداً من الشبان والشابات قادرون على تحمل مسؤولية أكثر من المسؤولين المعنيين، فالأمر يحتاج الى روح الإنسانية والتعاون والإندفاع. فأين دور مصرف لبنان لإيجاد حل لهذه المشكلة الأساسية التي باتت تهدد حياة المرضى؟ ولماذا المماطلة في تشكيل حكومة قادرة على حل الأزمات العالقة؟