الحكومة… بين فكي كمّاشة

هتاف دهام -لبنان24

منذ أن أعلن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن باخرة النفط الايرانية التي ستصل الى لبنان، حتى تسارعت التحليلات ان الرئيس المكلف نجيب ميقاتي لن يستعجل التأليف ومرد ذلك المعطيات الاقليمية والمحلية المتحكمة بالواقع الراهن، فهو يهاب من اندفاعة بعض الفرقاء في الداخل والخارج الى تحميل حكومته مسؤولية دخول السفينة وبالتالي تضييق الخناق على دورها ومهمتها وتعاونها مع الغرب والمنظمات الدولية المالية، عطفا عن أنه لا يريد أن يتحمل كرة نار رفع الدعم الذي سيدخل فعليا وجذريا حيز التنفيذ في نهاية أيلول المقبل.

لا رابط بين السفينة الإيرانية والحكومة، وفق قطب بارز على اطلاع دقيق على مجريات مفاوضات التشكيل، فالرئيس المكلف غير معني بكل ما يشاع، وبالنسبة للسفية الايرانية، هناك محددات وطنية ورسمية تتصل بالقانون وبحكومة تصريف الأعمال عطفا عن أن هناك رئيسا للبلاد ومجلسا أعلى للدفاع، وبالتالي فإن ذهاب فريق سياسي إلى اعتبار أن وصول السفينة الإيرانية يتعارض مع لبنان والتزامه القرارات الدولية وسوف يتحمل تبعاته رئيس الحكومة العتيدة، كلام ينافي الحقيقة ويحتمل الكثير من المغالطات، فالدستور واضح في هذا الشأن.

إن سعي الرئيس المكلف تأليف حكومة في أسرع وقت ممكن مستمر بغض النظر عن الباخرة الإيرانية أو سواها. ومحاولة الربط المعتمد من بعض القوى بين تأخير تأليف الحكومة وسفينة الوقود تنفيه زيارة الرئيس ميقاتي يوم أمس إلى بعبدا وسعيه عبر التشكيلة الحكومية التي قدمها إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لإحداث خرق ايجابي في المواقف المتصلبة والمتشددة تجاه بعض الأسماء والحقائب، وبالتالي فإن الرئيس المكلف الذي يلتزم بالصمت والتقليل من الكلام بعد زياراته بعبدا، يحاول تدوير الزوايا مع الكتل السياسية والبناء على الإيجابيات للوصول إلى الهدف المنشود، خاصة وأن نشر تسريبات غير دقيقة عن ملامح للتشكيلة المنتظرة بين الفينة والاخرى من أطراف مختلفة من شأنه أن يعيد الأمور إلى نقطة الصفر ويهدف الى ابقاء الحكومة معلقة إلى أجل غير مسمى.
وربطا بما تقدم، لا يخفي القطب السياسي تقاطع مصالح أكثر من مكون سياسي لغايات سياسية مختلفة على وضع العصي في دواليب التأليف، فما يجري يظهر أن الحكومة العتيدة التي يجهد الرئيس ميقاتي لتشكيلها بدعم أميركي وفرنسي وعربي ومن مكون سياسي أساسي في البلد، عالقة بين فكي كماشة. ولا شك أن بعض العقد الوزارية( الخلاف على اسم وزير العدل الذي يصر الرئيس المكلف على أن يكون مستقلا لعدم تكرار المشهد الراهن خاصة وان دور هذه الوزارة مفصلي في المرحلة المقبلة، وعلى وزيري المردة اذ يرفض رئيس الجمهورية ان يكون كلاهما من الطائفة المارونية) لاتزال تقف عائقا امام الاتفاق بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف، بيد أن الواضح ايضاً ان الالغام التي يواصل المتخاصمون زرعها في وجه بعضهم البعض من شأنها ان تنفجر في وجه الحكومة المرتقبة وان كان رئيسها لا يزال يترفع عن الدخول في مهاتراتها.

الامور مفتوحة على كل الاحتمالات حتى على اعتذار الرئيس المكلف في مرحلة مقبلة اذا بقي المشهد يدور في مراوحة متعمدة. واذا كان رئيس الجمهورية ومن خلفه النائب جبران باسيل يتعاطى مع مسألة الثلث الضامن وكأنها تحدد مصير المسيحيين ودورهم وصلاحيات الرئاسة الأولى، ويستحضر مقولته الشهيرة “تستطيعون ان تسحقوني لكن لن تاخذوا توقيعي” ، فإن التيار الوطني الحر يرد مواقف الرئيس عون الى ان ثنائي حركة امل وتيار المستقبل، يعطلان تشكيل الحكومة فهما لا يريدان لاي حكومة ان تتالف في عهد الرئيس عون، ويعملون على قاعدة “التنغيص على العهد” وقطع الطريق على وصول رئيس التيار الوطني الحر الى الرئاسة والاجهاز على أي إنجاز قد يتحقق على صعيد التدقيق الجنائي المالي.

Exit mobile version