اندريه قصاص Andre Kassas
إنه اللقاء الثالث عشر بين الرئيس المكّلف نجيب ميقاتي ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون. كان مقررًا بالأمس، لكن طرأت بعض المعطيات فتمّ تأجيله إلى حين بلورة بعض المعطيات المستجدّة.
وعلى رغم أن البعض لا يتفاءلون بهذا الرقم فإن المفاوضات بين الرجلين لن تتوقف حتى الوصول إلى قناعات مشتركة، بعيدًا من كل ما يُنشر من هنا ويُسرّب من هناك من معلومات مغلوطة أصبحت معروفة المصدر، على رغم النفي الذي يصدر بين الحين والآخر. وفي ذلك نعود إلى أول درس تعّلمناه في كلية الإعلام وهو أن النفي يعني في أغلب الأحيان تأكيدًا للخبر. فلا دخان من دون نار؛ ولا نار من دون دخان. فبركة قصص هي نتيجة ما يدور في بعض الرؤوس الحامية، التي تسكنها هواجس المؤامرات وإختلاق أمور غير موجودة على أرض الواقع، وذلك من أجل ضمان حصّة من هنا، وفرض شرط من هناك، إثباتًا لوجود هو في الأساس ناقص ومنقوص، او حجز مكان في عربة الفراغات الآتية.
في الجولة الثالثة عشرة سيصعد الرئيس ميقاتي إلى قصر بعبدا حاملًا معه مسودة تشكيلة حكومية مقتنع بأنها ستشكّل معه فريق عمل متجانسًا، بعد إجرائه سلسلة من الإتصالات الضرورية. لديه هاجس واحد، على رغم الصعوبات الكثيرة التي يعرفها الجميع، هو محاولة التخفيف قدر الإمكان من معاناة المواطن بعدما بلغت مراحل لم يعد من الجائز الوقوف حيالها والأيدي مكتوفة.
يقصد الرئيس المكّلف القصر الجمهوري في أي وقت يراه ملائمًا، ومعه مسودّة لمشروع تشكيلة كتبها بقلم الرصاص ليسهّل عليه محو إسم من هنا وزيادة إسم من هناك، وفق المعايير والصلاحيات الدستورية المعروفة والواضحة.
الرئيس ميقاتي تقصدّ أن يكتب تشكيلته بقلم رصاص للدلالة إلى مدى الإنفتاح والإيجابية اللتين يبديهما، مع تمسّكه بالطبع بقناعاته القائمة على مبادىء وثوابت وطنية غير قابلة للمساومة. فالإيجابية لا تعني التسليم على “العميانة”، بل تعني أن الامور قابلة للنقاش للوصول إلى قناعات مشتركة، لأن الهدف في النهاية هو أكل العنب وليس قتل الناطور. أمّا إذا كان العنب لا يزال حصرمًا فإن آكله سيضرس حتمًا سواء أكانوا أباء أو أبناء من بعدهم.
فكل فاصلة في التشكيلة الميقاتية خضعت لكثير من الدرس والتمحيص والتدقيق، وهي مرتبطة حكمًا بما ستنجزه الحكومة العتيدة في حال سلكت طريقها إلى التأليف ولم يعترضها ما يستوجب تعليق إنطلاقتها بالزخم الذي تفرضه الأوضاع المأزومة.
بهذه الروحية ينعقد اللقاء الثالث عشر، وإن تأخرّ بعض الوقت، ولكن على وتيرة أن ما يمكن إنجازه اليوم قد يكون مستحيلًا غدًا، وأن خير البرّ عاجله. فلا الوقت يسمح بكثير من العلك والعجن، ولا التطورات الدراماتيكية على أكثر من صعيد تجيز ممارسة مناورات بهلاونية في غير موقعها الطبيعي، ولا أوضاع الناس العاضّين على جرحهم والصابرين على بلواهم، قد تتيح الكثير من الفرص، على أمل أن تبصر الحكومة النور بعد تذليل آخر العقد.
المطلوب سرعة في التشكيل وليس تسرّعًا. وثمة فرق بين المفهومين. الخيار الأول يعني “سلق” الأمور سلقًا. أمّا الخيار الثاني فيعني درس كل خطوة بخطوتها، وإعتبار التشكيل غير منفصل عن الخطط المعدّة سلفًا والجاهزة في ملفات تعتمد على إرادة صلبة لدى الرئيس المكّلف والوعود التي تلقاها من أكثر من دولة صديقة وشقيقة لمساعدة لبنان حين يقرر مساعدة نفسه.
المصدر: خاص “لبنان 24”