ابتسام شديد-الديار
رسائل سياسية في مداهمات المازوت والدواء : لا غطاء فوق المحتكرين والتجار
لا يزال عداد المحروقات المصادرة يُسجّل ارتفاعات قياسية، اذ تخرج يوميا «من باطن الأرض» كميات اضافية، في الحملة التي ينفذها الجيش ومديرية المخابرات، حيث صودرت مئات الآف وربما ملايين الأطنان من المحروقات المخزنة بطريقة احترافية من قبل تجار مدعومين من جهات حزبية وسياسية، لينضم الدواء الى عنصر المفاجأة باكتشاف ومداهمة مستودعات أدوية مفقودة.
علامة «جيد جدا «حصل عليها وزير الصحة حمد حسن في مداهمة مستودعين للأدوية قبل يومين يحتويان على آلاف الأدوية المدعومة على سعر ال ١٥٠٠ والمفقودة من السوق منذ أشهر، فالخطوة وصفت بالجريئة والشجاعة و»فشت خلق « اللبنانيين المتعطشين للدولة التي تحارب تجار الدواء والغذاء والمازوت، كون الإجراء طال احد التجار الشيعة من بيئة الحزب، فيما صاحب المستودع الثاني المصادر محسوب على «تيار المستقبل»، وهذا ما أعطى خطوة وزير «الحزب» أهمية، خصوصا ان المداهمة حصلت اعلاميا بحضور الأجهزة الأمنية ومراقبين صحيين من دون الأخذ بأي اعتبارات سياسية، ومع ذلك فان التساؤلات بقيت تلاحق الخطوة حول التوقيت، بين من اعتبر انها أتت متأخرة، فأزمة انقطاع الدواء وتخزينه وتهريبه عمرها سنوات وزادت وتيرتها مؤخرا مع فقدانها من السوق بعد رفع الدعم.
التساؤلات، كما تقول مصادر سياسية قريبة من فريق ٨ آذار، من لزوم الحرب السياسية والمواجهة بين الحزب وخصومه التقليدين، فعملية إستيراد النفط الإيراني تعرّضت للتراشق السياسي وهذا أمر طبيعي في ظل الانقسام السياسي الحاد بين محاور مختلفة. وتؤكد المصادر ان العملية هي الأولى بهذا الحجم، وتعتبر صيداً ثميناً، اذ يمكن للمواد المصادرة ان تكفي حاجة الصيدليات لثلاثة أشهر.
في السياسة القراءة مختلفة لحملة الأدوية في مناطق محسوبة على المقاومة، فالحملة بعثت رسائل بمضامين اجتماعية وسياسية محددة، فحزب الله أسقط الغطاء عن أي محتكر او تاجر بأرواح الناس مهما علا شأنه الحزبي او موقعه، مغلّبا خيار خسارة تاجر أهون من خسارة شعب.
مداهمة مستودعات الأدوية تأتي في سياق خطة حزب الله لدعم جمهوره، فالبيئة الشيعية تتألم تحت وطأة الاحتكار وجشع التجار، وهي تتكامل مع خطة متكاملة لتعزيز الصمود بجلب النفط الإيراني لفك الحصار المفروض على الشعب اللبناني.
أثبتت الحملة بالصور والوقائع في قلب منطقة شيعية ، ان الملاحقة ستكون شاملة للمهربين والمخزنين، وقد هدد وزير الصحة المخزنين بالتتبع الالكتروني، وكأنه يقول لهم « واصلين اليكم قريبا»، وعليه تتوقع مصادر سياسية ان يكون ما حصل مقدمة لعمليات أخرى لا تقل أهمية وعبرة لمن يحتفظون في مخابىء سرية بكميات من الأدوية المدعومة المهربة.
الرسالة الأبرز ان لا حصانة فوق رأس أحد، فحزب الله لاحقته تهمة عدم الانخراط في مكافحة الفساد، وعلى ما يبدو فان حزب الله قرر قلب الطاولة فوق رؤوس المهرّبين ومن يحميهم من السياسيين ولو كانوا في مجتمعه، حيث ستتكشف كما تقول المصادر عمليات أخرى، بعد ان ثبت ان المخازن اللبنانية تحوي أدوية لكل الاستعمالات حتى الأدوية للأمراض المزمنة، تماما كما كشفت مداهمات المازوت والبنزين ملايين الأطنان وان لبنان عائم على المحروقات وما تحتويه مخازنه الأرضية أكبر ربما من حقل كاريش.