رضوان الذيب-الديار
مانشيت
الحسم الحكومي في اجتماع بعبدا اليوم تاليفا او اعتذارا بعد ان اجل ميقاتي زيارته الى القصر من امس الى اليوم بعد ادخال تعديلات على تشكيلته التي سيرفعها الى بعبدا من ٢٤ وزيرا بعد الاتصالات بين انطوان شقير عن عون ولويس ابو جودة عن ميقاتي في ظل استمرار الخلافات على وزارتي العدل والشؤون الاجتماعية وبعض الاسماء بعد ان حل غابي عيسى مكان عبدالله ابو حبيب في الخارجية ووليد فياص في الطاقة ومروان ابو فاضل نائبا لرئيس الحكومة ، وبالتالي فان الحسم ربما اقترب بعد شهر على التكليف جراء ضغوط خارجية كبيرة حصلت في الساعات الماضية، فهل يخرج الدخان الابيض اليوم او يلزمه اجتماع آخر لا اكثر، هذه الاجواء سادت في الساعات الماضية. في حين تنفي وتجزم مصادر اخرى متابعة للتاليف استحالة الولادة وبان «جهنم مبلطة باصحاب النوايا الحسنة « والاجتماع الاول بين عون وميقاتي يشبه الاجتماع الأخير «مكانك راوح « والحذر سيد الموقف بينهما» وما يسرب من ايجابيات مغاير للواقع حسب هذه المصادرالتي دفعت ميقاتي خلال الاجتماع ما قبل الأخير بعد أن سدت المخارج الحكومية الى القول للرئيس عون « ما هو المخرج هل تريد مؤتمرا تأسيسيا ؟ فرد عون نافيا هذه التهمة قائلا «لن أسمح بتطويقي في السنة الاخيرة من عهدي وهناك من لايريد حكومة حتى نهاية العهد لشل البلد وتحميلي المسؤولية وتطويق التيار واحداث الفوضى». وتضيف المصادر، التوترات تتصاعد عند ملامسة وزارات «الصناديق الانتخابية « في ظل جشع عارم من كل القوى على وزارة الشؤون الاجتماعية الذي حسمت في التشكيلة الاولى لصالح رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لكنه تنازل عنها لميشال عون و «حليت بعدها في عين الحريري «ثم طالب بها الرئيسين بري وميقاتي ولم تحط بعد عند اي طرف ، مقابل رغبة فرنسية في تسليمها لشخصية مستقلة ، بينما الأطراف السياسية تعتبر هذه الوزارة اكبر»صندوق انتخابي « كونها ستشرف على توزيع ٤٥٠ مليون دولار ل ٧٥٠الف عائلة ، «واللبيب من الإشارة يفهم « لماذا يتمسك «كبار القوم» بوزارة الشؤون الاجتماعية كونهم ما زالوا ينظرون إلى الدولة «كبقرة حلوب رغم أنهم جففوا كل حليبها « ؟, وحسب المصادر المتابعة للتأليف وبعيدا عن التسريبات والاسماء فإن الحكومة بعيدة والرئيس عون لن يساوم على معارك جبران باسيل الرئاسية والنيابية ولن يسمح لبري والحريري وفرنجية ومعهم القوات اللبنانية» بتعريته «، وسلخه وتشليحه كل أوراقه وإدخاله ضعيفا إلى الحكومة واستحقاقات ٢٠٢٢وتحديدا الرئاسية والنيابية في ظل منطق « بعبدا محسومة للمسيحي القوي» ، وطالما اخذ الشيعة المالية والسنة القرار الحكومي والداخلية فإنه من المستحيل أن يتخلى الرئيس عون عن الثلث الضامن لانه السبيل الوحيد للتوازن مع الاخرين ومنعهم من محاصرته ، ومن حقه الحصول على الحصة المسيحية مع مقاطعة القوات اللبنانية والكتائب، أما الرئيس ميقاتي فلن يخرج عن سقف وشروط الرئيس الحريري الذي لايرغب بأي تعاون مع عون مدعوما من تمام سلام وفؤاد السنيورة فيما الموقف السعودي ما زال رافضا لوجود حزب الله في الحكومة ، ولن يتجاوز ميقاتي هذا السقف مهما كلف الأمر .
وتتابع المصادر، اما الأساس المركزي لتاخير التأليف وتعثره فيعود الى جمود الحوار الإيراني السعودي المتوقع استئنافه مع الادارة الإيرانية الجديدة منتصف أيلول والى أين سيصل الحوار ؟ وقد أضاع اللبنانيون فرصة نادرة للتأليف مع الإيجابيات في بدايات الحوار في العراق، لكن الإيجابيات سرعان ما تبددت فاثرت سلبا على معظم الملفات الساخنة في المنطقة مضافا إلى ذلك وجود راي فاعل في السعودية مفاده ،أن حزب الله هو الداعم الأول للحوثيين في كل المجالات ،وهناك من سرب للسعوديين أن دعم حزب الله اللوجيستي للحوثيين يوازي الدعم الإيراني وهو الأساس في التفوق الحوثي في الميدان، ولن توافق الرياض على تشكيل الحكومة اذا لم تأخذ وعدا دوليا من أيران بوقف حرب اليمن وتقليص وجود حزب الله ، ولذلك فإن الفيتو السعودي على عدم مشاركة حزب الله في الحكومة ما زال قائما بدعم أميركي ولا يمكن أن يفرج عن الحكومة حاليا في ظل رفع حزب الله سقف المواجهة لمستويات تجاوزت الخطوط الحمراء مع استقدام النفط الإيراني وهذا اكبر تحول استراتيجي لصالح محور المقاومة منذ السبعينات ، وإذا نجح سيعطي إيران وسوريا وحماس والحوثي والحشد الشعبي اوراق قوة في المنطقة كلها لجهة كسر الحصار الذي يشكل الورقة المركزية الاولى والوحيدة في يد الأميركيين لتجويع محور المقاومة في ظل استبعاد ورقة الحرب المباشرة، ولذلك فان الملف اللبناني سيبقى، «لا معلقا ولا مطلقا، «حتى استئناف الحوار الايراني السعودي، في ظل القناعة باستحالة الرهان على رموز ١٤آذار لخوض المواجهة مع حزب الله وارباكه داخليا ، وهذا ما يفرض على الأميركيين والسعوديين تدخلا مباشرا لاحداث التوازن الداخلي ، وربما لن تنقشع الصورة قبل نهاية العام، وهذا يفرض بقاء حكومة دياب حتى نهاية العهد وتحديدا ٢٣ تشرين الثاني ٢٠٢٢ ، وفي ظل هذه المعطيات حسب المصادر المتابعة للتأليف فإن الوزير محمد فهمي سيدير الانتخابات النيابية،وهناك ١٠ اشهر صعبة أمام اللبنانيين حتى تكوين السلطة الجديدة رئاسيا ونيابيا وحكوميا وبلديا، وحسب المصادر ، فأن حزب الله لو كان يدرك أن الحلول قريبة لما كان لجأ إلى خيار استيراد النفط الايراني ورفع سقف المواجهة الى اعلى مستوى.
طوابير الذل أمام السفارات
وفي ظل انسداد ألافق لكل الحلول ، توسعت «طوابير الذل « لتحط امام السفارات بالالاف طلبا للهجرة وسط تسهيلات للعائلات إلى كندا واستراليا ومعظم دول أميركا الجنوبية ، وقدمت التسهيلات بحدود طفيفة الولايات المتحدة ،حتى أن العائلات اللبنانية التي عادت من فنزويلا للاستقرار في لبنان بسبب الأوضاع الصعبة بدأت تعود إدراجها إلى هذا البلد ، كما أن معظم الكوادر والاطقم الطبية المميزة غادرت لبنان الى أوروبة وتركيا والعراق وامريكا ودول الخليج ، بعد أن كان القطاع الطبي اللبناني الاول عربيا ويوازي القطاعات الصحية العالمية حتى أن العراق طالب بخدمات طبية توازي ثمن الفيول التي سيقدمه للبنان ، وهذا الانهيار والهجرة للادمغة اللبنانية حذر منه نقيب الأطباء شرف ابو شرف ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي طالب بالحفاظ على الكفاءات الطبية ، وعلم أن بلجيكا وهولندا ودولا أوروبية تعاقدوا مع اكتر من الف ممرض وممرصة من خريجي الجامعات ويعملون في المستشفيات لكفاءاتهم وبرواتب جيدة، كما شهد قطاع المهندسين هجرة الكفاءات فيما اكبر شركات الهندسة ستنقل أعمالها قريبا من لبنان الى دول الخليج والمغرب العربي ، علما أن مئات اللبنانيين من الشباب غادروا بلدهم إلى الخليج والدول الأوربية ، وأعلى نسبة من طلبات التوظيف لدول الخليج هي من لبنان وبرواتب لاتتجاوز ال ٥٠٠ دولار أميركي وأدنى ،وتقدمت طلبات اللبنانيبن للتوظيف على الهند ومصر.
وفي المعلومت المؤكدة أن دولا أوروبية بما فيها فرنسا بدات بالتشدد بقبول طلبات الاقامة فيها وتحديدا المقدمة بعد أول تموز نتيجة الارتفاع في حجمها إلى مستويات قياسية ، فيما تشهد دول أميركا الجنوبية ارتفاعا في تقديم الطلبات للعائلات وتحديدا إلى البرازيل من كل المناطق والطوائف اللبنانية ، كما شهدت مصر نشاطا لافتا لرجال أعمال لبنانيين للاستثمار بمشاريع متوسطة في شرم الشيخ والجونة والغردقة .وإذا استمر الوضع اللبناني سوادويا فإن البلد سيفقد كل طاقاته.
شهر ايلول وتفاقم المشاكل الاجتماعية
وفي ظل استعصاء الحلول على كافة المستويات ، فإن الأزمات الاجتماعية ستلفح كل اللبنانيين مع بداية شهري أيلول وتشرين الاول ، والسؤال الأساسي من روابط المعلمين لوزير التربية طارق المجذوب ، كيف يمكن انطلاق العام الدراسي في ظل تعطل كل المقومات لعام دراسي سليم ؟كيف يمكن التعليم عن بعد حتى ليوم واحد؟ كيف يمكن للمدرس ان يصل إلى عمله وهل ستصحح الأجور ؟ من سيحدد اسعار الكتب والقرطاسية ؟ من سيحدد الأقساط في المدارس الخاصة ؟ هل سيتم رفع رواتب المدرسين في المدارس الخاصة والرسمية ؟من سيؤمن وسائل التدفئة في ظل ارتفاع أسعار المازوت ؟كيف يمكن استيعاب النزوح الكبير من المدارس الخاصة إلى الرسمية . كيف يمكن التعامل مع الطلاب السوريين ؟كلها أسئلة تجزم استحالة بدء العام الدراسي في٢٨ اب؟ والسؤال الاساسي كيف سيتم التعامل مع وباء كورونا وهل سيتم تلقيح الطلاب؟ ولهذه الاسباب مجتمعة فان روابط المعلمين ستمنع بدء العام الدراسي بكل الوسائل المتاحة والمشروعة مهما وصلت اجراءات وزارة التربية حتى الرد على كل هذه المواضيع.
كما سيشهد شهر ايلول عودة النفايات إلى الشوارع مع انتهاء العقد مع شركة جهاد العرب الذي يستعد لإنهاء كل آعماله في لبنان والانتقال الى المغرب العربي ، وحتى لو وافق على تجديد العقد فباية اسعار؟ وهل سيدعم مصرف لبنان العقود الجديدة؟ .وفي مجال الكهرباء ، فالعتمة الشاملة ستصيب البلد مع انتهاء عقد الباخرتين التركيتين الشهر القادم واستحالة توقيع عقد جديد معهما، لأن مصرف لبنان سيرفض ذلك؟ وهل سيفتح مصرف لبنان اعتمادات جديدة لاستيراد الفيول وهذا امر مستحيل؟ والامل الوحيد الباقي في وصول الفيول العراقي التي لم يعرف حتى الساعة اين أصبحت الاتفاقية وأين إجراءات وزير الطاقة وهل يخاف الوزير من العقوبات الأميركية بعد أن أعلن مسؤولين عراقيين أن التأخير من وزارة الطاقة اللبنانية ؟ويبقى ايضا ملف استجرارالغاز المصري بعد أن حضر على طاولة بوتين والملك الاردني، والمعلومات تؤكد موافقة سوريا على مرور الغاز المصري في اراضيها وكل ما تطلبه دمشق حوارا مباشرا؟ وأين وزارة الطاقة من هذا الملف؟ هذا بالاضافة الى تعطل كل موسسات الدولة واقتصار عمل الموظفين على يوم الاربعاء فقط، وقد ادى ذلك الى توقف كل المعاملات وعدم اعطاء اخراجات القيد بسبب فقدان الاوراق المخصصة لذلك اضافة الى القرطاسية،، اما ازمة المحروقات متواصلة والحل الاخير لن يوقف طوابير الذل امام المحطات في ظل اكبر عملية احتكار شهدها لبنان بمشاركة مافيا سياسية واقتصادية ومالية على حساب المساكين، وكم كان رياض سلامة على حق في موقفه ومطالبته برفع الدعم كليا عن المحروقات لانه تبين ان الدعم للمحتكرين فقط وليس للناس، علما ان ازمة المحروقات ستتجدد والاحتكارات ستعود لبيعها باسعار خيالية بعد رفع الدعم كليا اواخر ايلول، وطالما الحرامي والمحتكر يدخل السجن من الباب ويخرج من الشباك، فان الساحة ستبقى لهم والبلاد الى خراب، و عن اي دولة تتحدثون؟ كما انه من المتوقع ايضا ان يشهد لبنان ازمة مياه بسبب الشح وعدم قدرة المحطات على شراء المازوت وقد وصل سعر الصهريج للمنارل الى ٣٠٠ الف ليرة وما فوق مع تحذيرات من انقطاع الاتصالات ايضا والتي طالت نصف سكان لبنان وفي اوائل ايلول ستمتد لكل المناطق مع ضعف بالانترنت،وتهديد نقابة السائقين برفع اجرة الراكب الى ٢٠ الف ليرة منتصف ايلول. والحبل على الجرار.
اما الطامة الكبرى «وام الفضائح» فكان في قطاع الادوية وما ظهر على صعيد الاحتكارات الكبرى في هذا الملف ، وتبين انها الأشخاص يدعون العفة والشرف ويحاضرون عن القيم في وسائل الاعلام ويملكون ٢٣ الف صنف من الدواء في مستودعاتهم وكلها مقطوعة من السوق وللامراض المزمنة وتكفي لبنان ل٣ اشهر، وتقضي عقوبتها «بتعليق المشانق» لو كان هناك حقا دولة في لبنان رغم انه تبين للاجهزة الامنية ان كل الاحتكارات فيها اصابع مخفية لرموز الطبقة السياسية وازلامهم.
وامام هذه الوقائع فان تقارير الاجهزة الامنية اجمعت على ان الانفجار الاجتماعي قادم حتما، والتقارير وصلت الى السفارات الكبرى والصغرى ، كما ان تعامل الاجهزة الامنية بحكمة وروية امام محطات الوقود جنب البلد مشاكل كبيرة واظهر مدى الاحتقان الشعبي عند كل اللبنانيين وفي كل المناطق، وهذا ما كشف بان الانفجار بات مسالة وقت فقط..