غالب قنديل- الديار
التداعيات والتفاعلات والنتائج النوعية لمبادرة قائد المقاومة باتت مسارا نوعيا جديدا في لبنان والمنطقة، وبضربة واحدة، تفتتح زمنا جديدا اقتصاديا وسياسيا واستراتيجيا. وأول الغيث باخرة، ستغدو خطا بحريا ضد الحصار الاقتصادي، محمية بالردع القاهر ضد أي تهديد صهيوني أو أميركي غربي، وهي تؤذن باستجرار أدوية وضروريات ملحة عديدة بالطريق ذاته، إضافة للطريق البريّ مع الرئة السورية الشقيقة. وهنا بداية جديدة أخرى، تظهر كيفية تحويل القوة الرادعة للمقاومة إلى عامل إنقاذ اقتصادي.
أولا: كسر الحصار، هو عمليا بداية قابلة للتطوّر والتوسّع، ويمكن أن يُبنى عليها تحوّل نوعي، يراكم المزيد من الفرص والتحوّلات، في زمن الضيق الشديد والخنق الاقتصادي المدبّر والمفروض على البلد والشعب الواقفين بعد الانهيار على حافة هلاك داهم ومدمّر. ومن الواضح أن لدى المقاومة الرؤية والإرادة، التي ستقود إلى تحوّل نوعي في الواقع والبنيان الاقتصادي. وتبدو التداعيات المقبلة كثيفة وكبيرة، من أول بشائر خطّ الإسعاف البحري، الذي يجب أن يتحوّل من نجدة طارئة إلى خطّ شركة شاملة اقتصادية وتقنية منتجة، تتلاقى مع روافد الشراكات الشرقية الأخرى برا وجوا مع سورية والعراق وايران والصين وروسيا، وفي أدراج الحكومات المتعاقبة ملفات ومراسلات، يجب أن ينفض عنها الغبار وتخرج إلى حيّز المبادرة والاتصال والتوقيع والتنفيذ. ونقترح وضع هذا الملف على جدول أعمال الحكومة والضغط لنقله إلى حيز التنفيذ، وتكوين فريق وطني من الخبراء الاقتصاديين والإعلاميين للمتابعة والتحفيز والمواكبة.
ثانيا: التوجّه شرقا في «الشراكات» المنتجة، يلبي ضرورات إنقاذ البلد وإنهاضه، ونقطة البداية تطوير وتوسيع بقعة الضوء الراهنة، التي حرّكها سيد المقاومة، وأشعّ بها بفكرة خلاقة. وهذا يستدعي اجتماع القوى السياسية الوطنية وتلاقيها بصورة عاجلة لوضع خطة سياسية، لصدّ وردع أيّ تطاول أو تشويش، ولتحصين التنفيذ العملي بمنع العرقلة والتخريب. وينبغي فضح المعترضين وتعريتهم بقسوة أمام الرأي العام، كطابور تخريب، ليكون حسابهم مع الناس قريبا في صناديق الاقتراع، وتدفيعهم الثمن السياسي لعقلية «الحرتقة» وخدمة التوجيهات المعادية على حساب البلد في ظرف حرج. ولا بدّ من ورشة عمل إعلامية تطلق النفير الوطني، وتحثّ كل من يلتزمون السلبية والتفرّج على التحرك والمبادرة، كيلا تبقى مسؤولية التصدّي للتخريب والتهويل والتوهين محصورة بالمبادرين. ولا شيء يمنع تلاقي أوسع طيف من الإعلام الوطني، للتداول وبحث المهام العاجلة، ووضع أجندة مشتركة، ومتابعة تنفيذها بصورة منتظمة، وإصدار تقارير دورية عن مسارها.
ثالثا: فور تشكيل الحكومة الجديدة ونيلها الثقة، نقترح دعوة فخامة الرئيس إلى لقاء في قصر بعبدا، يضمّ رئيسي المجلس والحكومة ورؤساء الكتل النيابية، لتحريك ورشة وطنية شاملة، لتخطي الكارثة واحتوائها. وهذه الصيغة في حشد الطاقات والقدرات وتعبئة الجهود، هي الطريق الطبيعي في زمن الكوارث، وهي السبيل لتنويع المبادرات وتكاملها وتعزيز التضامن الوطني، الذي يمثّل أضعف الإيمان في مقاومة الخراب، ناهيك عن التطلّع إلى إعادة البناء والنهوض وتحدياته ومعضلاته. وكم ستكون مفيدة الصيغ العملية الممكنة في مخاطبة الشركاء المحتملين إقليميا ودوليا من قاعدة وطنية متينة وواسعة ما أمكن.
الأزمنة الاستثنائية في حياة الشعوب لا يمكن التعامل معها بأدوات تقليدية وبمنطق التعامل المعتاد برتابة المياومة والروتين، والأمر يتطلب تخطي ذلك بديناميكية المبادرة، وما نفع كل الإمكانات والقدرات ما لم تظهر جدواها في حشرة الكارثة؟