يعتقد محللون سياسيون فلسطينيون، في إغلاق مصر لمعبر رفح البري، جنوبي قطاع غزة، دون تحديد مدة زمنية، رسالة احتجاج مصرية، موجهة للفصائل الفلسطينية وبخاصة حركة حماس، لدفعها إلى ضرورة العودة لمسار التهدئة.
وقال هؤلاء إن هذا الإغلاق يأتي في ظل تعثّر جهود التهدئة التي تقودها مصر بين غزة وإسرائيل، وتصعيد فعاليات “المقاومة الشعبية”، قرب السياج الفاصل، مستبعدين أن يؤدي هذا الإغلاق إلى قطيعة بين مصر والفصائل الفلسطينية.
والسبت الماضي، نظّمت الفصائل، مهرجانا ومسيرة، قرب الحدود الشرقية لمدينة غزة، قمعها جيش الاحتلال المتمركز على الجانب الآخر من السياج، ما أسفر عن إصابة 41 مواطنا بجراح مختلفة، بينهم 22 طفلا.
وخلال المظاهرة، أطلق فلسطيني، النار من مسدس، على قناص إسرائيلي، من مسافة قريبة للغاية، ما أدى إلى إصابته بجراح خطيرة، بحسب بيان صادر عن الجيش الإسرائيلي.
كما عادت الفصائل إلى إطلاق “البالونات الحارقة” التي تتسبب في اندلاع النيران في المناطق الإسرائيلية المحاذية للقطاع، وهو ما ترد عليه إسرائيل بقصف أهداف تتبع لحركة حماس.
ومنذ الأحد، تغلق السلطات المصرية معبر رفح البري في كلا الاتجاهين، بحسب وزارة الداخلية والأمن الوطني بغزة، دون تحديد مدة للإغلاق أو أسبابه.
العلاقة مع مصر
ووصف عبد اللطيف القانوع، المتحدث باسم حركة “حماس”، العلاقة التي تربط حركته بمصر بـ”الوطيدة والثابتة والمتينة”.
وقال القانوع في حديث خاص لـ”الأناضول”، الثلاثاء، إن الاتصالات التي تجريها حركته مع الجانب المصري “لم تنقطع”.
ولم يكشف عن موقف مصر إزاء الفعاليات الشعبية، التي قررت الفصائل الفلسطينية تصعيدها قرب حدود غزة.
وأضاف قائلا: “من حق الشعب أن يمارس أدوات الضغط لانتزاع مطالبه المشروعة، وليس أمامه إلا كسر الحصار”.
من جانبه، يقول داود شهاب، القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، إن “مصر تقوم بجهود كبيرة لتخفيف الأعباء عن غزة”.
وتابع، في حديث خاص لوكالة الأناضول، أن الاتصالات بين حركته والجانب المصري “متواصلة”. واستبعد شهاب أن يكون قرار الإغلاق “مرتبطا” بتصاعد أعمال الاحتجاجات الشعبية الفلسطينية.
وأشار إلى أن ملف معبر رفح هو “شأن يخضع لاعتبارات العلاقات الفلسطينية المصرية، وهذه العلاقات تاريخية ولا تتأثر بمحاولات التشويش المغرضة”.
رسالة احتجاج
من ناحيته، يقول المحلل السياسي إبراهيم المدهون، إن “مسار التهدئة الذي ترعاه مصر بدأ يتعثّر وإن إغلاق المعبر يأتي كرسالة احتجاج من مصر، وأداة ضغط للعودة إلى مسار التهدئة”.
وتابع المدهون في حديثه لوكالة الأناضول: “هذه الرسالة، إما موجهة للاحتلال غير المتجاوب في مسار التهدئة، أو للفصائل بغزة التي قررت تصعيد فعالياتها الشعبية”.
وفي نهاية شهر يوليو/ تموز الماضي، قالت حركة “حماس”، إن مفاوضات التهدئة بين غزة وإسرائيل متعثّرة.
اقرأ أيضا: مصادر لعربي21: مصر تقرر إغلاق معبر رفح وسط التصعيد بغزة
وأرجع حسام بدران، القيادي في حماس، في تصريحات صحفية، أسباب التعثّر إلى “تغيّر الحكومة الإسرائيلية”، التي قال إنها تعاني من “نقص الخبرة السياسية، وخلافاتها الداخلية”.
ويعتقد المدهون أن الفصائل بغزة “مُصرّة على استكمال الوصول إلى حل دائم وحقيقي لأزمة الحصار التي طالت لنحو 15 عاما”.
ويعتقد المدهون أن إغلاق مصر للمعبر، “لن يطول، في ظل وجود عدد من الأسباب، على رأسها الالتزام المصري، الذي جاء على لسان وزير المخابرات عباس كامل (خلال زيارته لغزة)، والتي أكد فيها أن المعبر لن يغلق والحصار لن يطول”.
وأضاف أن مصر “معنيّة بحدوث حالة انفراج في غزة، كما أنها لن تشارك بحصار سكان القطاع، ولن تسجّل على نفسها أنها تفرض الحصار إلى جانب الاحتلال”.
لن تؤدي إلى قطيعة
بدوره، يقول عبد المجيد سويلم، الكاتب والمحلل السياسي، إن أسباب إغلاق معبر رفح، غير واضحة، وقد تكون لأسباب “فنية” أو “سياسية”.
لكنه يضيف مستدركا في حديث خاص لوكالة الأناضول: “قد تكون الحكومة المصرية غير مرتاحة تماما لبعض سلوكيات الفصائل في غزة، بعد إطلاقهم للفعاليات قرب السياج الأمني الفاصل”.
وتابع سويلم: “قد يكون سبب الإغلاق، الضغط على حماس، كي يتوافق سلوكها مع مصر فيما يتعلق بمسار التهدئة”.
ورأى أن ما يجري، لن يؤدي إلى قطيعة بين حماس والقاهرة.
وختم حديثه بالقول: “هذه الإشكاليات لا تعتبر نهاية المطاف في العلاقة، إنها قابلة للحل”.