لبنان ضحية قواه السياسية
} د. وفيق إبراهيم-البناء
أصبح واضحاً ان الكيان السياسي اللبناني مستهدف بنيوياً في استمراريته بشكل جرى ربطه بالصراعات السورية الفلسطينية «الإسرائيلية».
هنا اعتبر الغرب الاميركي الفرنسي ان الانتصار في هذه الحرب لا يمكن ان يكون الا بإلحاق هزيمة بحزب الله تسحب من خلالها المصدر المركزي للقوة في بلاد الشام وتحدث زلزالاً في القوة السورية – الفلسطينية، بذلك تصبح القوة الغربية سيدة هذا المدى الجغرافي الفلسطيني السوري اللبناني وتنفتح معارك واسعة في بلاد الشام على اساس ان من يسيطر عليها يمسك بمنطقة سورية الكبرى ويربطها بجزيرة العرب.
أما الأهداف فهي منع المحور الروسي الصيني من اي تقدم حتى لو كان اقتصادياً بسيطاً او له علاقة بالسلاح بيعاً وتدريباً.
هذا الغرب يعتبر انّ صراعه الكوني مع روسيا والصين على مسرح بلاد الشام إنما هو جزء عميق من الصراعات الكونية ولا يمكن له التخلي عنه تحت ايّ سبب من الاسباب.
لجهة روسيا والصين فهما قوتان صاعدتان لكنهما تريدان تركيز انتشارهما في الشرق الاوسط لأنه المنطقة الأكثر قدرة على الاستهلاك والانتاج النفطي في آن معاً.
كما انه خطير لناحية قدرته على إنتاج الغاز ايّ المادة التي تعتبر روسيا الأكثر في إنتاجها عالمياً.
المعركة اذاً في قلب الصراع على الغاز من جهة وانتاج المواد الغذائية من ناحية ثانية.
ماذا عن المنطقة؟ انها محور ايراني سوري يعبّر عن نفسه بحزب الله الذي اثبت في النصف عقد الأخير انه قوة شرق أوسطية أساسية بوسعه التصدي للخط «الإسرائيلي» الأميركي ضمن المدى الجغرافي للمحور السوري الفلسطيني المحتل واللبناني.
لذلك حرّك الاميركيون قواهم في لبنان لعرقلة حركته، سياسياً وعسكرياً وهذه القوى هي الموالية للسعودية والاميركيين والفرنسيين لكنها ليست موازية لقدراته لذلك فإنها تتحوّل مناوشات سياسية وعسكرية.
يكفي انّ حزبي القوات والمستقبل يرفعان علم لبنان ويهاجمون حزب الله بذريعة انه لم يعد لبنانياً بقدر ما أصبح يجسّد المشروع الايراني – السوري الفلسطيني فهل هذا صحيح؟
الواقع انّ المشروع السوري الإيراني هو مشروع شرق اوسطي يهتم بالدفاع عن هذه المنطقة على مستوى مصالحها، فيما يركز المشروع الأميركي – الفرنسي على الدفاع عن مراكز القوة الموالية له لأنها أساس السيطرة الغربية على المنطقة العربية.
لذلك فحزب الله هو النقطة المحورية للصراع ضد الاستعمار الجديد والدليل موضوع إصراره على رعاية وصول بنزين ومازوت من إيران الى لبنان متحدياً الهيمنة الغربية على لبنان، ومعلناً استعداده للقتال من اجل ذلك.
فهنا يكشف حزب الله عن استعداده العسكري للدفاع عن موارد الطاقة في لبنان، مؤكداً انه قادر الى جانب سورية وإيران على دحر الهيمنة الغربية وملتزم مع حلفائه على التصدي للاعداء.
ماذا لو هبّت القوى اللبنانية المؤيدة للغرب في وجه حزب الله؟ عسكرياً انها قوى ضعيفة لكن لها اثرها الاعلامي الذي يجلب الاهتمام العالمي به.
لكن الخبراء يرون ان الكثير من القوى السياسية اللبنانية جالبة للضوضاء العالمية اكثر من اي مفعول خارجي وهذا ما لا تريده القوى الإيرانية السورية وتتحاشاه القوة الصينية ـ الروسية ما يؤكد على الساحة اللبنانية السورية هي الميدان الاساسي للصراعات السياسية والعسكرية في بعض الاحيان.
فالمحور الاميركي الفرنسي يعمل من اجل تعزيز الدور «الإسرائيلي» وتقليص الدور الفلسطيني وهذا يتطلب دوراً لبنانياً هامشياً تؤديه القوى اللبنانية على ان يخدم الادوار الغربية و»الإسرائيلية».
يتضح اذاً ان القوة اللبنانية ليست إلا رافداً لمحاولات الهيمنة على لبنان في المشروع الغربي الكبير الذي يريد الامساك دائماً بجزيرة العرب واليمن وبلاد الشام.