الحدث

جعجع يطوِّق عون… و”تشكيلة ميقاتي”

 

ملاك عقيل -أساس ميديا

سريعاً تُرجِمت على الأرض الآثار السلبية لمقرّرات بعبدا المتعلّقة بدعم المحروقات، الأمر الذي أنذَر بأنّ الآتي أعظم في ظلّ تخبّط هائل على مستوى إدارة الأزمة بدا من الصعب فصله عن مشهد الإخفاق الحكومي.

الكارثة الكبرى أنّ أيّ قرار تتّخذه الحكومة أو المجلس الأعلى للدفاع أو على مستوى “اجتماعات بعبدا” يفتح المجال سريعاً أمام مناورات تشكّل مصدر استفادة مباشرة لـ”المتاجرين” بمصير اللبنانيين، واستطراداً تعزيز واقع الفوضى والانهيار.

ليس سهلاً تقبّل فكرة أنّ السلطة حين تقرّر دعم الفئات المُهمّشة والمحتاجة ينتهي الأمر بها إلى رفد التجّار والمحتكرين بآليّات تعزّز قدرتهم على مراكمة الأرباح والثروات على حساب هذه الفئات المنكوبة.

عمليّاً، أسّس قرار دعم تسعير المحروقات على ثمانية آلاف لمشهدٍ مُحبطٍ جدّاً: محطات مقفلة مُزنّرة بطوابير لا تنتهي، وقوى أمنيّة عاجزة عن معاينة مخزون المحطات على تسعيرة 3900 منعاً لبيعه على السعر الأعلى بزيادة نسبتها 66%، وارتفاع كارثيّ لسعر صفيحة البنزين في السوق السوداء، وبطء غير مبرّر في تفريغ حمولة باخرتيْ الفيول، وانعكاس فوري لتسعيرة الدعم على كلّ أسعار السلع الأساسية التي باتت تتخطّى كل منطق ومبرّر…

أمّا يوم أمس فقد شهد إقفالاً “منظّماً” للطرقات في العديد من المناطق بدا وكأنّ ثمّة مايسترو يتحكّم به عن بعد، فازدادت وتيرة الاضطرابات الأمنية والمواجهات بين المواطنين أنفسهم أو بينهم وبين القوى الأمنيّة.

كل هذا يحدث في وقت كان رئيس الجمهورية يبشّر فيه بأنّ “الأيام المقبلة ستحمل إيجابيّات على مستوى تأليف الحكومة”، وسمير جعجع يدعو إلى “تحرير السوق والأسعار”، كان الشارع يشهد اختباراً كاد يسرِّع الخطوات نحو المجهول.

وتوجّهت سريعاً أصابع الاتّهام إلى مناصري القوات اللبنانية بإقفال الطرق عمداً من الدورة إلى جل الديب والضبيّة والذوق، وصولاً إلى جبيل وشكا.

وقد تحوّلت مواقع التواصل الاجتماعي إلى ساحة حرب حقيقية بين العونيين والقواتيين ربطاً بمسلسل إقفال الطرقات. وسُجِّلت اتّهامات مباشرة من نواب عونيين تحدّثت عن “عصابات فالتة وأجهزة تتفرّج وفوضى منظّمة. أمّا هوية المشغّلين والمحرّضين فمعروفة”.

وأفادت مصادر أمنيّة أنّ عدداً كبيراً ممّن شاركوا في إقفال الطرقات في هذه المناطق قَدِموا في فانات من الشمال وطرابلس، فيما لم تسجّل أيّ توقيفات في صفوفهم. وقد رُصِد إقفال الطريق في قصقص أيضاً.

أمّا في المقلب الآخر فكانت أوتوسترادات الجيّة والدامور تشهد “غزوة” من قاطعي الطرق. وهو الشريان الحيوي الذي هدّد حزب الله أكثر من مرّة بأنّه لن يسمح بإقفاله.

وتفيد معطيات أمنيّة “أنّ الجيش لا يزال يتولّى مهمّة فتح الطرق جنوباً، لكنّ هناك تخوّفاً حقيقياً من انفلات الأمور، خصوصاً مع اقتراب وصول البواخر الإيرانية التي ستفرض حسابات جديدة يجب عدم التقليل من أهميّتها. وعندئذٍ قد تخضع طريق بيروت – الجنوب لقواعد اشتباك مختلفة”.

وفيما يكاد يكون قطع الطرقات روتيناً يوميّاً، إلا أنّ مشاهد أمس، التي “حَبَست” المواطنين داخل سيّاراتهم لساعات طويلة، اكتسبت أهميّة مضاعفة بالتزامن مع عدّة مؤشّرات: تراجع حظوظ تأليف حكومة في المدى القريب، بلوغ الاحتقان ذروته أمام محطات الوقود المقفلة، فقدان المازوت، تسليم كثيرين بأنّ قرار التسعير على 8 آلاف سيُنتج واقعاً مأساوياً بحرق 225 مليون دولار على محروقات ستُحجَب عن اللبنانيين ويستفيد من المتاجرة بها أصحاب المحطات وأمراء السوق السوداء و”نقابة” غالونات البنزين.

وقوبل قرار منح راتب شهر لموظفي القطاع العام وزيادة بدل النقل، في مقابل استثناء قطاعات أخرى، بردّات فعل متفاوتة وسّعت بيكار المطالبات وانتهت بالردّ الفوري من الاتحاد العمّالي العام الذي دعا إلى الإضراب لأسبوع في المصالح المستقلّة والمؤسسات الخاصة والعامة بهدف الضغط لرفع الحدّ الأدنى للأجور.

وفي قصر بعبدا تجمّعت معطيات إضافية في الساعات الأخيرة عن ممارسة ضغط خارجي بأدوات داخلية لإيصال الأمور إلى الانفجار الكامل، من دون تجاهل المطالبات بالدعوة إلى رحيل رئيس الجمهورية “في حال اعتذر نجيب ميقاتي عن تشكيل حكومة”. ورُصِدت دعوات متفرّقة طالبت الرئيس عون بقبول تشكيلة ميقاتي “زيّ ما هيّ”.

لكنّ خصوم العهد باتوا يتصرّفون على أساس أنّ “مازوت” العهد صار على آخره لناحية تكريس أسوأ إدارة للأزمة منذ استقالة سعد الحريري عام 2019، ووصولاً إلى انفجار أزمات المحروقات والدواء والانهيار المالي والاقتصادي الشامل.

وتقول مصادر متابعة إنّ “الرئيس نجيب ميقاتي سيقدّم تشكيلة خلال ساعات، سيرتِّب رفضها من قبل رئيس الجمهورية نتائج قد ترسم آخر فصول نهاية العهد، وتمهّد للعقوبات الأوروبية بحقّ شخصيات لبنانية مسؤولة عن عملية التعطيل”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى