الأخبار
أما السبب وراء كثافة هذه الاحتجاجات، فيرجعه «المعهد» إلى «الأداء الخاطئ» الذي تمارسه أجهزة الأمن الفلسطينية، إضافة إلى المواجهات المتصاعدة بين المتظاهرين الفلسطينيين وجنود الاحتلال الإسرائيلي، والتي أسفرت عن سقوط عشرات الشهداء والجرحى الفلسطينيين.
مع ذلك، فإن هذه الموجة «غير المسبوقة» لن تؤدي، بحسب التقرير، إلى «انهيار السلطة ورحيل رئيسها أبو مازن»، ولكن على إسرائيل «الاستعداد وإنشاء ظروف تساعد على منع تطور سيناريو كهذا».
ولفت التقرير إلى أن «مكانة أبو مازن والسلطة تضعضعت ولا تزال، بعد ثلاثة أشهر (من العدوان الأخير الذي شنّته إسرائيل على قطاع غزة)». كما رصد «تصاعد الغضب الشعبي ضد السلطة ورئيسها»، إلى جانب التعبير عن «انعدام الثقة بعباس وأجهزة أمنه»، فضلاً عن تزايد «اتهامات الفساد للسلطة»، و«تصاعد الصراعات الحمائلية بين العائلات»، فيما أجهزة أمن السلطة «تخشى التدخل».
على هذه الخلفية، فإن الاستنتاج هو أنه يسود شعور بين الفلسطينيين «بعدم الاكتراث من استمرار وجود السلطة بشكلها الحالي، من جهة، وأنه يجب تفكيكها وإعادة بنائها من جديد، من جهة أخرى».
من وجهة نظر التقرير فإن «القرار بإلغاء الانتخابات التشريعية، في نيسان الماضي، والذي كان المحرّك الأساسي (للعدوان على غزة)، كشف للفلسطينيين عدم فائدة السياسة التي يقودها أبو مازن منذ انتخابه للرئاسة، في عام 2005». وذلك إلى جانب «التنسيق الأمني مع إسرائيل والامتناع عن أي احتكاك مع الجنود والشرطة الإسرائيليين، إضافة إلى الاعتماد على المجتمع والمؤسسات الدولية كمركز ضغط على إسرائيل».
وأضاف التقرير أن «أبو مازن انتهج سياسة جعلت الكفاح المسلح ضد إسرائيل غير شرعي، كما اعتبر (أبو مازن) أن التنسيق الأمني ضرورة لسيطرة السلطة، فألغى التظاهرات الحاشدة ضد الجيش الإسرائيلي، بسبب الخشية من فقدان السيطرة». هذا النهج اعتبره الفلسطينيون «ضعيفاً واستسلامياً، ويحرر إسرائيل من أي عبء أمني من جهة، سالباً من الفلسطينيين التهديد بعمليات كوسيلة ضغط أساسية على إسرائيل».
علماً أنه رغم هذا النهج الانهزامي الذي اتبعه أبو مازن، اختار مئات الفلسطينيين القيام بعمليات ضد إسرائيل، ولفت إلى أن كل هذه الأسباب هي وراء «انعدام الهدوء منذ أيار الماضي»، والذي «غذّته السلطة بواسطة سلوك خاطئ مثل ارتكابها جريمة قتل الناشط السياسي المعارض، نزار بنات في حزيران الفائت».
إضافة إلى ذلك، يستنتج التقرير أن تزيد المواجهات بين الفلسطينيين والمستوطنين الإسرائيليين وجيشهم، بالقول: «ينطوي على قدر من التحدي والاحتجاج تجاه السلطة الفلسطينية. وهذا الاحتكاك يومي تقريباً وينتج عنه جرحى (وشهداء) بلغ عددهم 40. وهو ما يغذي الغضب المنتشر في أنحاء الضفة الغربية».
كما اعتبر التقرير أن «سكان بلدة بيتا يحتجّون ضد إقامة البؤرة الاستيطانية (إفياتار) على أراضيهم من خلال عمليات الإرباك الليلي، بإيحاء من حماس»، وأن «سيطرة أجهزة أمن السلطة ضعفت في جنين» كل هذا إلى جانب «المصادقة على مشاريع بناء في المستوطنات وهو أمر يعزز التوتر». ولذلك فإن «نهج حماس اليوم يمثل القضية الفلسطينية بشكل حقيقي أكثر من السلطة (بالنسبة إلى الفلسطينيين)».
وبالرغم من كل ذلك، فإن «السلطة رغم ضعفها قادرة على المحافظة على مكانتها، وأجهزتها الأمنية ما زالت تستفيد من قدرة ردع كبيرة»؛ إذ أنه وفق التقرير «نشأت خلال ولاية أبو مازن طبقة وسطى عريضة، استفادت من الاستقرار الاقتصادي والدخل الثابت. الأمر الذي يسمح لها بالتخطيط للمستقبل، والحصول على اعتماد من البنوك والإيفاء بتعهدات مالية»، وهو «أمر يُحسب لمصلحة أبو مازن، ويصعب خرق الاستقرار في الضفة، وتصعيد التوتر والاحتجاجات الشعبية».