تسابق دولي من باب النفط والغاز على خط الأزمة اللبنانية

ابتسام شديد- الديار

حزب الله سجّل نقاطاً في مرمى خصومه… ودفع واشنطن لاطلاق مُعادلة الغاز والكهرباء
غالبا ما تشكل ذكرى عاشوراء محطة هامة لحزب الله يطلق فيها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله جملة مواقف تبعا للاستحقاقات، الا ان عاشوراء هذا العام لا يشبه غيره من حيث الرسائل العابرة للاستحقاقات المحلية، بعد ان أعلن السيد انه سيباشر تنفيذ قرار مفصلي بفتح خط لاستيراد المحروقات من ايران الى لبنان، حيث كان للقرار ارتدادات وتفاعلات سياسية وشعبية.

سجّل حزب الله في الخطوة أهدافا كثيرة:

– وضع خيار الذهاب شرقا الذي أطلقه العام الماضي «حيز التنفيذ» بعدما أتم استعداداته له على صعيد التجهيز اللوجستي لجلب النفط، وبذلك دخل السوق الاقتصادية منافسا للشركات النفطية التقليدية في استيراد النفط وفق معايير مريحة وغير تقليدية وعلى الأرجح ستكون الأسعار صادمة.

– توقيت استقدام النفط بالغ الدقة حيث وصل الوضع الى الانهيار، مع اصطفاف الناس في الطوابير والحاجة لمن يملأ فراغ وغياب الدولة المتقاعسة عن نجدة الناس، فليس عجبا ان يتفرد نائب قواتي ليقول له «برافو عليك» وللسفيرة الأميركية «صح النوم».

– أعاد الأمين العام السيد حسن نصرالله شد عصب جماهيره منفذا وعده ومؤكدا انه لن يترك جماهيره «تذلّ» للحصول على الوقود.

– بعث حزب الله رسالة مزدوجة الى الشعب اللبناني، اولا مفادها الوقوف الى جانبه لتخفيف أزمته، وأخرى الى الخارج بقدرته على فك الحصار.

خطوة حزب الله اعتبرها خصومه اعلان حرب يستهدف ما تبقى من كيان وسيادة واعلان استقلالية الدويلة عن الدولة، وخروج لبنان عن الانتظام الدولي، وان الخطوة سوف تستجلب العقوبات على اللبنانيين وتطلق مسار الفيدراليات والتقسيم من منطلق ان ما فعله حزب الله سيكون حافزا لقيام غيره من الأحزاب بمثله.

استيراد حزب الله النفط يتخطى الحاجة إليه، فهو كما يقول خصوم الحزب، أبعد من اراحة بيئته وتوفير القطاعات المحروقات للقطاعات الانتاجية، بل له أبعاد سياسية وإقليمية، يمكن فهم المعادلة بمسارعة واشنطن لاطلاق عجلة استجرار الطاقة من الأردن والغاز المصري.

فالاعلان الأميركي بعد ساعات من مفاجأة السيد نصرالله النفطية فرض تساؤلات عن التسابق الأميركي- الايراني من بوابة النفط لايجاد حلول ومخارج لأزمة الطاقة والنفط.

في هذا السياق تأتي خطوة السفيرة الأميركية دوروتي شيا التي لا تقل أهمية عن اعلان تحرك الباخرة النفطية، فهي من دون الدخول في تفاصيلها التطبيقية والتعقيدات النقنية لمرور الأسلاك الكهربائية تحمل مؤشرات على اصرار واشنطن على الحفاظ على مصالحها في المنطقة وإقامة توازن استراتيجي لعدم السماح لحزب الله وإيران بفرض السيطرة والتوسع أكثر على الساحة الداخلية.

التوقيت الأميركي ليس بالضرورة مثاليا، فثمة من يعتبر الموقف متأخرا وغير موفق، وان الأمين العام لحزب الله استدرج السفيرة الأميركية والغرب الى فخ مساعدة لبنان.

وعلى الرغم من تأكيد واشنطن ان الخطوة سابقة ومنسقة مع البنك الدولي استغرق العمل عليها شهورا، الا ان ردة الفعل الأميركية عبّرت عن ارباك وتخبط في القرار.

يمكن كما تؤكد مصادر ديبلوماسية ادراج الموقف الأميركي ووضعه في اطار ان «أصدقاء لبنان» لن يتخلوا عنه بعد وصول الأزمة الى مستوى الكارثة الانسانية ودحضا لنظرية «ما جرى في أفغانستان ينطبق على لبنان».

الا ان تأخر الموقف الأميركي لما بعد اعلان حزب الله اطلاق مسار النفط الإيراني لم يكن لمصلحة واشنطن التي أخطأت سابقا في الرهان على عدم قدرة حزب الله جلب المحروقات الإيرانية، لاعتبارات تتصل بالصراع الإقليمي والوضع الاقتصادي السيىء في طهران التي تعاني أيضا نقصا في المواد وأزمة طوابير وانقطاع نتيجة الحصار الدولي.

التسابق الأميركي – الايراني على خط بيروت يطرح سؤال من يفوز أولا؟ وان كان الانطباع الأولي ان حزب الله سجل نقاطا في مرمى واشنطن التي اتخذت خطوة متأخرة جدا، كما ان استجرار الكهرباء عبر الأراضي السورية يعني تراجعا او خرقا لـ»قانون قيصر»، فيما الواضح ان حزب الله يمكن ان يتفوّق بالوقت والعملانية في احضار النفط الذي يبدو، كما يقول المتابعون، ان طريقه الى لبنان لن يكون معقدا بعد ان أعلن حزب الله السفينة «أرضا لبنانية».

Exit mobile version