مرةً أُخرى .. يفعلها العم سام ..

الكاتب : د.علي رباح – باحث في التنمية السياسية والإدارية

الحقيقة التي نسعى لتوضيحها وإثباتها عبر الكثير من النقاشات الحادة إياباً فقط، أي من طرف الذين نناقشهم، فذهاباً نحمل لهم الحرص الكثير ليكونوا مدركين لهذه الحقيقة، تأتي مدمغةً بوقائع سبق ان توقعنا حصولها، خصوصاً أنها حاصلة فيما مضى وعلى القدر الذي يُحتم على البسطاء نوعاً ما التنبه لها.

عن أي حقيقة، أتحدث؟؟ ..

أتحدث عن طبيعة العلاقة المختلة بين قوى الاستكبار المحتلة، وعلى رأسها الولايات امتحدة الاميركية، والتابعين لهم، نعم التابعين لهم وإن عظّموا العلاقة ورفعوها الى مصاف التحالف الاستراتيجي، وطبلوا لها، ونظُروا، وفلسفوا، وترى سياسيي منهج الانبطاح يجملون قبحها (قبح العلاقة)، ويسترون كثير عوراتها، ويتناسون ماضيها، في مشهد غبائي استغبائي، مزركش بالكثير من الالوان الباهتة، ولا تنطلي الا على من سخُف عقله، وتسطح وعيه، واندرس بفعل الاوراق الخضراء ادراكه ..

مرةً أخرى يفعلها العم سام، فيتخلى عن اتباعه، وعملائه، و”أصدقائه” بأبخس الاثمان، بل بالمجان، يتركهم لمصيرهم وهم يلحقون به، في مشهد مخزٍ لا يمكن وصفه، لا  احترام لتضحياتهم امامه، ولا اعتبار للمودة التي اكنوها له، ولا تقدير لكل الخبز والملح والتأمر في المطابخ التي جمعته معهم .. والتاريخ يكشف، وبكل وضوح عشرات التجارب لهذا الغول الرأسمالي، إن كان تجاه افراد او جماعات، بدءاً من القارة الاميركية الجنوبية، مروراً بأفريقيا واوروبا واسيا .. حالات تخلي عن “الصديق المفترض” والعميل المشغّل في بؤرة المهام القذرة، فاسألوا مانويل نورييغا، ورافائيل ليونيداس تروخيو، وموبوتو سيسي سيكو، والشاهنشاه، وحسني مبارك، وزين العابدين بن علي، وغيرهم، .. ، واسترجعوا ما حصل مع الفيتناميين المتأمركين المواجهين للفيتكونغ، والاكراد، والانعزاليين اللبنانيين، والكثير من التجمعات الافريقية، ولهؤلاء قصص فظيعة في مبدأ التخلي والترك.

ما حصل في افغانستان، لا يمكن المرور عليه مروراً عادياً، وبرأيي يجب الوقوف عند ما جرى طويلاً، والتركيز عليه ما امكن في الاعلام واللقاءات السياسية والاجتماعية والافتراضية، والخروج الآن من قضية التحول الطالباني غير الواضح، وغير المؤكد، فالسلوك الاميركي تجاه من شغلهم، من اعلى الهرم ونزولاً حتى اصغر موظف، حوى الكثير من الاستعلاء، والرمي، والاستخفاف، وكيف لا وهو يتعاطى معهم انطلاقاً من قاعدة “المناديل الورقية”، فالمنديل يبقى مطلوباً ومراداً ما دام مفيداً.

نداء لمن يهمهم الامر من ابناء الامة والوطن!!! ..

يُقال أن السعيد من اتعظ بغيره .. وبهذه المناسبة ادعو كل من يتعامل مع اميركا، لأي مستوى سياسي او اجتماعي ولأي دين أو طائفة او ايديولوجيا انتمى، وأكثر من ذلك الى من يتعامل مع المنظمات وجمعيات ال NGO’s ذات المهام السوداء المرتبطة بالسفارات المعوكرة في لبنان والعالم، وأكثر ايضاً الى من يبني مصالحه ومستقبله على الانتصار والوجود الاميركي، اعتبروا، انظروا، تفكروا، تمعنوا .. ولا اقصد فقط الكبار، بل كل من تسول له نفسه اعانة الاستكبار حتى لو كانت مهمتهم التهجم على مقاومي المنظومة الاميركية مستفيدين من وسائل التواصل الاجتماعي، وكاتبي المقالات المجبولة بالكثير من التضليل والكذب والتجني وكماً هائلاً من الاخطاء الاملائية، فالثقافة إما متأمركة أو لا ثقافة. ألم تروا كيف تم التعاطي مع نظرائكم الافغان في كابول، هذا ما ظهر وما خفي أعظم، تم تصفية بعضهم في المطار !!!!!!، انطلقت طائرة المستعمر لتدهسهم دون احترام، وطارت دون ان تتوقف فتمنع تعلق البعض بها، فتحميهم من السقوط والموت، في مشهدٍ رهيب، لاإنساني ومهول ..

لم يكن الكاوبوي الاميركي يوماً الا هكذا، ولن يكون الا هكذا، ينشر الفوضى، والدمار، والفقر، والنزاعات، يستخدم الآخرين كمطية او كمداس أو حتى كمنديل، ويمكن لأي باحث أن يراجع التاريخ الاميركي من ايام كولومبس وليس انتهاءاً بعهد بايدن، فالقائمة تطول والمقام لا يتسع …

والسلام

زر الذهاب إلى الأعلى

Exit mobile version