الكاتب: جورج توا
بعد قرار المصرف المركزي رفع الدعم الكلّي عن المحروقات، وجد اللّبنانيون أنفسهم واقفين على فوّهة بركان قد يثور بأي لحظة مع دخول ذلك القرار حيّز التنفيذ.
أصبح الشغل الشاغل للمواطن الهرع لتعبئة الوقود المدعوم قبل نفاد تلك الكمية لكون سعر صفيحة البنزين سيصبح زهاء ٣٣٦ ألف ليرة لبنانية، إذ سيرتفع 4,5 أضعاف وذلك حسب سعر صرف الدولار الحالي في السوق السوداء والذي يراوح ما بين ١٩ ألف ليرة لبنانية و٢٠ ألفاً.
ولقرار رفع الدعم بشكل كامل عن المحروقات عموماً ومادة البنزين خصوصاً آثار دراماتيكية فظيعة قد لا تحمد عقباها.
وأول تلك الآثار السلبية ستقع على قطاع المواصلات والنقل، إذ سترتفع كلفة النقل على المواطن عبر “السرفيس” و”التاكسي” والباصات العمومية بنحو ثلاثة أضعاف ونصف، فيصبح مثلاً بدل النقل من عكار شمالاً الى العاصمة بيروت بخمسين ألف ليرة لبنانية بعد أن كان تقريباً 15 ألف ليرة، علماً أن كلفة تشغيل وسائل النقل العمومية سترتفع أيضاً.
أحد سائقي “التاكسي” قال إن أبرز ما يواجهه اليوم كلفة تغيير زيت المحرك لآليته، إذ يبتاعه من التجار إما نقداً بالدولار “fresh money” أو بالليرة اللبنانية لكن حسب سعر الصرف في السوق السوداء .والمشكلة الأكبر هي كلفة صيانة السيارة وشراء قطع الغيار، علماً أن السعر بالدولار قد ارتفع أيضاً، فالمكابح مثلاً أو ما يعرف بالـ”كولييه” ارتفع سعره بمعدل خمسة دولارات وأصبحت 25 دولاراً نقداً فيما كان سابقاً بعشرين دولاراً.
وبتنا الآن أمام حائط مسدود، وأضحى الارتطام به وشيكاً، فكدّ السائق وعمله المضني أصبحا من دون جدوى، ويعودان عليه بالخسارة الأكيدة ولا يمكّنانه من كسب قوته اليومي على الأقل.
اين الدولة من تلك المعضلة؟؟ من المسؤول عن إيجاد الحلول؟؟
بالطبع سيعمد جهابذة الحلول إلى ذرّ الرماد في العيون، مبتدعين خططاً عقيمة غير مجدية بغية تمييع الوقت إلى أن تقع الواقعة فعلاً.
فهل من الصعب مثلا استحداث بطاقة تعبئة وقود خاصة بسائقي السيارات العمومية تمكنهم من التزوّد بمادة البنزين المدعومة الأمر الذي يمكنهم من الإبقاء على تعرفة النقل المتعارف عليها حالياً؟
أو كحل آخر قابل للتطبيق، إضافة للحل المقترح سابقاً، إنشاء ما يشبه “تعاونية” لسائقي السيارات العمومية يمكنهم من خلالها شراء كافة مستلزمات تشغيل آلياتهم بأسعار مدروسة تتناسب وقدرة اللّبنانيين المعدومة أساساً، للمحافظة قدر المستطاع على تسعيرة النقل الحالية.
ويبقى الحل الجذري والأنسب هو قيام الدولة اللّبنانية بوضع خطّة شاملة لإعادة إحياء للنقل العام وتفعيله لتخفيف كلفة النقل عن المواطن.
حبّذا لو ترحم الدولة مرّة واحدة أبناءها وتعمد إلى إيجاد مخرج مناسب قبل أن تُقفل المخارج كافة ويفوت قطار الحلّ!!
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع