الحدث

ميقاتي “يُجاري” عون وباسيل… في “الأمتار الأخيرة” دولة 8 آذار… “أسد” في الجمّيزة و”أرنب” في الليلكي!

خلال تظاهرة الثوار تضامناً مع الموقوفين أمام “سيّار الدرك” في بيروت أمس (رمزي الحاج)

نداء الوطن

صدقتَ فخامة الرئيس… لبنان أضحى “غابة” تحكمها أكثرية استأسدت على مواطنيه “أكلتهم لحماً ورمتهم عظماً” على قارعة الطريق بعدما نهشت جنى أعمارهم ونهبت مقدرات عيشهم الكريم. ولأنه كذلك، سادت فيه “شريعة الغاب” تحت سطوة 8 آذار التي تحوّلت معها الدولة بمؤسساتها وأجهزتها الشرعية إلى مجرد مطية تسخرها في استعباد العباد والاستبداد بالبلاد، فارضةً حكم “القوي على الضعيف” والكيل بمكيالين في ميزان العدل والقانون، فتراها في مطاردة الثوار “أسداً” مهيباً يزأر وينهر، وفي مواجهة الميليشيات المسلحة “أرنباً” مهيناً يتنطط ذعراً وفزعاً.

هكذا بدا المشهد فاقعاً في تناقضات أحداث الأمس، حيث استنفرت السلطة كامل العدة والعديد لقمع الثوار وأهالي ضحايا المرفأ وترهيب المعارضين وجلبهم مخفورين إلى التحقيق، تارةً بتهمة التعدي على الحرمات والكرامات والتعرض للأملاك العامة والخاصة، كما حصل مع وليم نون ونشطاء في الثورة، وأخرى على خلفية الإشكال الذي حصل في ذكرى 4 آب في الجميزة بين أبناء المنطقة ودخلاء استفزوا أهلها… أما في “محمية” قوى الأمر الواقع في ‏منطقة الليلكي، فأزيز رشقات الرشاشات الحربية ودويّ قذائف الـ”آر بي جي” على أعين الناس والدولة بالكاد استدعت تدخلاً عسكرياً أقصى مهامه تطويق الإشكال وإعادة ضبط الأمور و”ضبضبة” الوضع بعد أن ضرب مَن ضرب وحرق مَن حرق.

وإذا كانت مشهدية جحافل المسلحين المدججين بالأسلحة الرشاشة والمتوسطة التي أشعلت ساحة حرب أمس في منطقة الكفاءات – الليلكي وحرقت محطة الوقود فيها، انتهت إلى توقيف شخصين “لزوم المشهد”… فإنّ أهم خلاصة لمشهد توقيف وليم نون ورفاقه أنّ الأحداث القمعية المتلاحقة خلّفت تلاحماً صلباً بين أهالي ضحايا انفجاري المرفأ والتليل وثوار 17 تشرين، حطّم “أصنام” السلطة وتجاوز حاجز الخوف من مواجهتها، ولأهل الحكم أن يفهموا أنّ الناس لم تعد تملك ما تخسره وليتعّظوا من تأكيد الموقوفين المفرج عنهم أمس إصرارهم وعزمهم على الاستمرار في نهج مطاردة النواب وملاحقتهم إلى “عقر دارهم”.

وبينما النظام البوليسي يقوم بشغله في ترهيب المواطنين والمعارضين، يواصل أهل الحكم لعبة شد الحبال وتناتش الحصص على حلبة السباق الحكومي، وقد بات بحسب الرئيس المكلف نجيب ميقاتي “في أمتاره الأخيرة” إثر جولة مناقشات جديدة خاضها أمس مع رئيس الجمهورية ميشال عون على مائدة تقسيم المغانم الوزارية.

وفي حين لا يزال ميقاتي متحفظاً في الإفراط بالتفاؤل بقرب ولادة حكومته، قياساً على بئس المصير الذي لاقاه من سبقه إلى خوض غمار مهمة التكليف والتأليف مع العهد وتياره، غير أنه بدا في تصريحه من قصر بعبدا أمس أكثر تفاؤلاً من قبل، أقله في النفس الإيجابي الذي عكسه لمسار المشاورات مع عون. وأوضحت مصادر مواكبة للملف الحكومي أنّ ما يدفع الرئيس المكلف إلى تغليب كفة التأليف على الاعتذار في ميزان توقعاته، هو تلمّسه جدياً أنّ الجميع بات يشعر “بالسخن” وأنّ الحكومة العتيدة أصبحت “حاجة ملحة لكل الأطراف”.

وعلى هذا الأساس، فإنّ ميقاتي، وفق المصادر، يقابل “المرونة بالمرونة” لتدوير زوايا التشكيل ويرتكز في ذلك على أساس أنّ كل الأفرقاء راغبون في تذليل العقبات “بأقل الخسائر الممكنة على قاعدة لا غالب ولا مغلوب”، ومن هنا جاءت إشارته إلى أنّ التوصل إلى تشكيلة وزارية “تراعي كل التوازنات مسألة تأخذ بعض الوقت”.

وإذ لفتت إلى أنّ “التقديرات ما زالت مفتوحة على كافة الاحتمالات والنقاش في تفاصيل الحقائب والأسماء ما زال مرهوناً بخواتيمه، رغم حصول بعض التقدم الجوهري في بعض العقبات الأساسية كحقيبتي الداخلية والعدل”، توقعت المصادر أن يستمر الرئيس المكلف في سياسة “مجاراة” مطالب رئيس الجمهورية ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في “الأمتار الأخيرة”، طالما أنها “لم تخرج عن حدود المعقول والمقبول دستورياً”، وطالما أنها “لا تستهدف تحجيم أوزان بعض المشاركين فيها لصالح تضخيم أوزان البعض الآخر”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى