عيسى بو عيسى- الديار
في الحالات الطبيعية يبدأ العام الدراسي بالتزامن مع نهاية آب وبداية ايلول ، لكن في ظل الأزمة الاقتصادية وجائحة كورونا وبوادر موجة جديدة، يبدو أن القطاع التعليمي بأسره في لبنان يمر بوقت عصيب، قد ينتهي بشكل لم يكن أشد المتشائمين يتوقعه، وهو فعلياً ما بدأ يُتداول به إن بين المعنيين بالتربية أو في مراكز الدراسات والبحوث، وكان آخرها تقارير صادرة عن مراكز أبحاث من جامعات أجنبية في بيروت.
واليوم تواجه المدرسة الرسمية حسب خبراء تربويين خطراً متزايداً على الصعد كافة، كذلك العام الدراسي يبدو حتى الآن أنه من الاستحالة أن يبدأ بشكل طبيعي، وكُل المؤشرات تتحدث عن كارثة تعليمية لعدة أسباب، أهمها عدم قدرة وزارة التربية على مواكبة الأزمة منذ بدئها بخطة واضحة لاستدراك ما قد يحصل نتيجة الانهيار الاقتصادي والصحي في البلاد.
ويقول هؤلا ان الأزمة وصلت الى ما تحت الخط الاحمر ، كما خرجت قبل ذلك الكثير من الأصوات المطالبة بخطة تمنع انهيار هذا القطاع، وتُعاني المدارس الرسمية اليوم من عدة مشاكل يُمكن اختصارها بتدني قيمة رواتب المعلمين، شح المازوت للتدفئة، هجرة المعلمين والمعلمات وكلفة احتياجات التلاميذ، فضلاً عن التوزع الجغرافي غير المتوازن لهذه المدارس مقارنة بالكثافة السكانية ، وصولا الى ان معظم المدارس التي تعلو أكثر من 400 متر عن سطح البحر من المستحيل أن تفتح أبوابها على خلفية أمرين: الاول غلاء المازوت للباصات التي تقل التلامذة ، والثاني استحالة تأمين سبل التدفئة للاساتذة والطلاب على حد سواء.
ويستند هؤلاء الخبراء الى واقع نزوح الطلاب من المدرسة الخاصة إلى المدرسة الرسمية، للإضاءة على ما ستعانيه المدارس الرسمية بسبب الضغط الهائل الذي سيكون عليها لاستيعاب الطلاب الجدد المنتقلين من الخاص، إلا أن هذا الأمر يبدو في آخر سُلّم أسباب معاناة القطاع الرسمي والمدرسة الرسمية في الوقت الحالي، لأن العام الدراسي بأكمله معرّض أو أصبح في حالة الإلغاء نتيجة العوامل الاّنفة ، بالرغم من كون وزير التربية طارق المجذوب لا يلحظ هذا «المحو» لعام دراسي آخر، بل يعتبر أن الامور سوف «تمشي» تماما» كما أصّر على إجراء الامتحانات الرسمية !! لكن دون إيضاح الاّلية التي سيعتمدها لفتح المدارس والمعاهد.
هذا الواقع المأزوم دفع الأساتذة الى إعلان الإضراب المسبق أو الامتناع عن ممارسة عملهم، حيث أصدرت رابطة أساتذة التعليم الثانوي بياناً أكدت من خلاله التوقف عن العمل، وقالت: «لا عام دراسي مقبل والتوقف الكلي عن العمل بكل مسمياته، وإغلاق المؤسسات التربوية الرسمية، الى حين تصحيح الرواتب، وإعادة الاعتبار لموقع الأستاذ الثانوي، ومكانته وحقوقه المالية والصحية والاجتماعية».
ويستند الخبراء أنفسهم الى اللغط الحاصل في ما خص رفع الدعم كلياً عن المحروقات ليزيد من الأزمة خاصة إذا ما تحقق هذا الواقع، إذ سيؤدي إلى ارتفاع سعر صفيحة البنزين إلى 330 ألف ليرة، أي نصف الحد الأدنى للأجور، وسعر صفيحة المازوت الى 280 ألف ليرة، أي أن قدرة المدارس على تأمين المادة للتدفئة ستصبح معدومة، وبخاصة أن صناديق المدارس التي تُستخدم لهذا الغرض مفلسة تماماً ، ناهيك بنقص حاد في التجهيزات، لا سيما الأمور اللوجستية، إذ عدا عدم القدرة على تأمين المازوت، فإن مستلزمات التعليم أيضاً غير متوافرة من طبشور وقرطاسية وأوراق ومحابر، فضلاً عن عدم القدرة على تأمين الصيانة خاصة لأجهزة الكمبيوتر ولا للبرامج التي تعتمدها المدارس في نظامها التعليمي.
ويختم الخبراء عملية تقييمهم لانطلاقة العام الدراسي الجديد بالقول : «ذاهبون الى المجهول، الدعم سيُرفع كما صار واضحاً ورواتب الأساتذة تتراوح بين 120 و175 دولارا أميركيا، وهذا وحده يلخص المأساة، أكثر من ذلك كيف سيذهب الأستاذ الى المدرسة وبأي روحية إذا لم يستطع أن يشتري الدواء جزء أساسي من التعليم هو الجانب النفسي، وهذا الجانب معدوم اليوم».