“ليبانون ديبايت” – علي الحسيني
أصبحت الأمور مكشوفةً للعلن، فلا حكومة في لبنان لا يرضى عنها رئيس الجمهورية ميشال عون، مهما كبُر أو صغُر حجم التدخلات الخارجية ومهما تعدّدت أو تنوّعت الوساطات والمساعي الداخلية. من هنا، يُمكن استخلاص حقيقة ما يجري إنطلاقاً من تقديم المصلحة الشخصيّة والعائلية المدعومة بأحلاف حزبيّة وطائفية، على ما عداها من حقوق وواجبات تجاه المواطن الذي يرزح تحت فساد سياسيين، لم يتوحّدوا سوى على سرقته وإفقاره ومن ثم قتله، ليعودوا ويتخاصموا بعدها على توزيع السرقة وتحميل بعضهم مسؤولية الدماء التي سالت، بدءاً من جريمة انفجار المرفأ وصولاً إلى مجزرة “التليل” في عكار.
ما زالت حكومة المجهول، قابعة في زوايا التأليف وتحريف الحقائق حول حقيقة ما يدور من نقاشات وحوارات بين رئيس الجمهورية المُمسك بعصا الصلاحيات، والرئيس المُكلّف الذي يدور في حلقة مُفرغة، متكئاً فيها على مواقف خارجية تعده بحلّ معطوف على عقوبات ما زالت هي الأخرى قيد الدرس والبحث. وعند هذا الحد، تؤكد مصادر سياسية بارزة أن الرئيس المُكلف نجيب ميقاتي، “لم يضع في جيبه حتّى الساعة ومنذ تكليفه، سوى وعود تصله هاتفياً بشكل يومي من الخارج تؤكد اقتراب الحل، ورغبات داخلية تطالبه بالتريّث وعدم اتخاذ قرار الإعتذار في هذه المرحلة”.
وتُشير المصادر نفسها إلى أن “اللقاء الأخير بين الرئيس عون والرئيس المُكلّف، لم يرتق الى المستوى المأمول خصوصاً لدى ميقاتي، الذي بدأ يلمس عدم وجود جدية لدى عون بموضوع تشكيل الحكومة، كاشفة انهً حتّى الساعة لم يؤت على ذكر الأسماء وكيفية توزيع الحقائب بشكل جدّي، وأن كل ما يجري يندرج في سياق الإقتراحات لا غير، خصوصاً وأنه ليس لدى فريق رئيس الجمهورية ما يخسره راهناً سوى الإسراع في تأليف حكومة لا تستطيع ان تُمهّد الطريق أمام رئيس “التيّار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، إمّا إلى رئاسة الجمهورية أو إلى حصد أكبر عدد من النواّب خلال الإنتخابات النيابية المقبلة.
يبدو أن اتكال رئيس الجمهورية على حليفه “حزب الله” لجهة الإستمرار في تأييد موقفه الرافض لتشكيل حكومة لا تعكس رغباته، لن يدوم طويلاً أو لعلّه بدأ يتحوّل شيئاً فشيئاً إلى عبء على “الحزب” العاجز بدوره عن الوقوف ضد بيئته وناسه، كرمى لعيون الرئيس وصهره، فالإعتراضات والأصوات التي بدأت ترتفع داخل بيئة “الحزب” والتي تُعبّر عن وجعها مثلها مثل بقيّة اللبنانيين، بدأت تتوسّع وتُنذر بخطورة ما هو مُقبل، وبالتالي لم يعد بإمكان “حزب الله” التغاضي عما يحدث داخل طائفته وأن ينتظر الإنفجار المُرتقب، لذلك صبّ جميع اهتماماته وأولوياته خلال الأيام القلية الماضية، على تأمين بعض الإحتياجات الأولية لجمهوره، علّه يتمكّن من تأجيل “الإنفجار” في حال استمرار التعطيل.
عند هذا الحد، تعود المصادر نفسها لتؤكد “وجود تمايز في المواقف تجاه عملية التأليف بين “العهد” و”حزب الله”، كاشفةً عن وجود اتصالات بين “الحزب” وميقاتي، يؤكد فيها الأوّل تأييده تشكيل حكومة بأسرع وقت لكي تتحمّل مسؤولياتها تجاه الشعب، وترفع في الوقت نفسه العبء عن “الحزب” الذي لا يُمكنه أن يحلّ مكان الدولة خصوصاً وأن إمكاناته محدودة، بالإضافة إلى أنه أصبح محشوراً بين مجموعة هموم، بعضها أمني وبعضها الأخر إجتماعي. لذلك فإن أي تنسيق أو دعم لأي موقف لا يصبّ في صالح التأليف، من شأنه أن يرتدّ سلباً على “الحزب” خصوصاً وأن الوجع الإقتصادي يطال بيئته أكثر من أي بيئة أخرى.