أشّر انتقال ملف تأليف الحكومة إلى مرحلة إسقاط الأسماء، إلى منحى جدّي قد يسمَح بولادة التشكيلة العالقة منذ نحو ثلاثة أسابيع في شِباك التعقيدات القديمة ــــ الجديدة ما بينَ التوازنات الطائفية وارتباطها بالانتخابات النيابية، ورئاسية 2022. أمس، أُطلِقت رسائل إيجابية متعدّدة من جانِب رئيسَيِ الجمهورية والحكومة المكلّف حصرت المعوقات الباقية بالمربع التقني للالتفاف على المناخات السلبية التي طغت قبلَ ليلة، مُرجّحة كفّة العرقلة على الحل، ومؤكدة وجود عراقيل في ما خصّ توزيع الحقائب. وهذه الرسائل بالإضافة إلى المعلومات الواردة إلى القوى السياسية عبرَ القنوات المقربة من عون وميقاتي، أتاحت لها الاعتقاد بأن لا شيء يمنع الإعلان عنها خلال الـ 48 ساعة المقبلة في حال لم تكُن هناك محاولات خفية لعرقلتها. غيرَ أن ذلِك لم يُسقِط من حسابات القوى التجارب المتكررة حتى مع الرئيس نجيب ميقاتي، إذ كُلما كانت الأمور توحي بأن اللقمة وصلت إلى الفم، عادت وسقطت في حقل العرقلة من جديد. وعليه انقسمت الانطباعات ما بينَ مُتيقّن ومشكك، ومن ثم تقاطعت عند أن «المداولات وصلت إلى نقطة مفصلية. فإما أن تُبصِر الحكومة النور في غضون أيام قليلة، وإما عودة إلى ما تحتَ الصفر في ما خص التركيبة والتكوين والحصص والأحجام».
المعطيات حتى ساعات متأخرة من الليل، كانت تقول إن عملية التأليف كانت لا تزال جارية نحو النهاية بانتظار بعض المعالجات الشكلية المطلوبة لاستكمال وضع التشكيلة الأخيرة. ورغمَ تصاعُد الشكوك إلى حدود التخوف من العودة الى المربع الأول، تُراهِن القوى الأساسية المعنية بملف التشكيل على أن «أياً من عون وميقاتي لا يريدان الظهور بمظهر من يساهم في شد العربة الحكومية إلى الوراء»، بناءً على معطيَين: الأول أن مأزق التشكيل تصيب أضرارُه «العهد» وحلفاءه، والثاني عدم تحمّل ميقاتي وزرَ التأخير، الأمر الذي سيصيبه بشظايا انتخابية وسياسية.

التصريح الذي أطلقه ميقاتي على أبواب بعبدا بعدَ انتهاء اللقاء الذي جمعه أمس بعون حملَ أكثر من تفسير، وخاصة أنه ختمه بـ«آمل إبصار الحكومة النور قريباً»، مؤكداً أن «المشاورات مع عون تتركز حول أن يكون الشخص المناسب في المكان المناسب». وكشفت مصادر مطلعة على اللقاء أن «المفاوضات بينَ عون وميقاتي لا تزال في جزء منها متوقفة عندَ بعض الحقائب». صحيح أنه «جرى الاتفاق على أن تكون وزارة الداخلية من حصة الرئيس المكلف ويجري النقاش حول أربعة أسماء هم: محمد الحسن، مروان زين، إبراهيم بصبوص وآخر من آل الحجار، إلا أن حقيبة الاقتصاد لم تُحسم وجهتها بعد، إن كانت ستكون من حصة عون أو الحزب القومي السوري». أما في ما يتعلق بوزارة العدل التي ستكون من نصيب رئيس الجمهورية، فقد علمت «الأخبار» أن «ميقاتي اعترض على الاسم الذي طرحه عون، وهو هيام الملاط». ومن بين الوزارات المحسومة، حقيبة الاتصالات التي وافق عون على أن تذهب الى «المردة» و«التربية» إلى الحزب الاشتراكي، على أن تبقى وزارة الشؤون الاجتماعية من حصته. كما علمت «الأخبار» أن ميقاتي تسلّم من الثنائي الشيعي أسماء الوزراء المحسوم منها حتى الآن: يوسف خليل لوزارة المالية، بسبب تمسّك رئيس مجلس النواب نبيه بري به، علماً بأن الأخير عاد وسلّم ميقاتي، عبر الوزير علي حسن خليل، اسم عبد الله ناصر الدين، الملحق الاقتصادي في سفارة لبنان في واشنطن، كبديل ليوسف خليل في حال تعذّر الاتفاق على الأخير. أما وزارة الزراعة فلم تُحسم بعد إن كانت ستكون من حصة الثنائي الذي حصل حتى الآن إلى جانب المالية على وزارات: الأشغال، العمل ووزارة الثقافة التي سيُسمّي الثنائي اسم الوزير الذي سيتولاها بالتوافق. أما وزارة الصحة فقد تأكد أن من سيتولاها هو المدير العام لمستشفى بيروت الحكومي الدكتور فراس الأبيض.
في سياق آخر، وعلى وقع أزمة الوقود التي نتجت من «تفرّد» حاكم مصرف لبنان رياض سلامة برفع الدعم عن المحروقات، دعا بري الى جلسة مفتوحة يوم الجمعة المقبل لتلاوة الرسالة التي وجّهها عون الى مجلس النواب، ودعا فيها الى مناقشة الأوضاع المعيشية والاقتصادية المستجدة بعد قرار سلامة، واتخاذ الإجراءات المناسبة».