هتاف دهام -لبنان24
بدل تصويب البوصلة حول المسؤولين الحقيقيين عن جريمة التليل في عكار سعى البعض إلى الاستثمار بالفاجعة والتنصل من المسؤوليات رغم أن القاصي والداني يدرك أن مسألة التهريب إلى سوريا يقودها أشخاص من أصحاب النفوذ ويحظون بغطاء سياسي وحماية سياسية.
فوق دماء أبناء عكار، كان التيار الوطني الحر وتيار المستقبل يستفيضان بالمواقف الشعبوية الانتخابية والصراعات والحسابات الضيقة، التي لم تسفر سوى عن زيادة في التوتر، الامر الذي توقف عنده حزب الله، اذ قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله “بدل أن يتداعى الجميع للملمة الجراح واستيعاب الحادثة، بدأ التراشق الإعلامي والاتهامات والتوظيف السياسي والعبارات الجارحة”، لافتا إلى “أننا نشهد منذ صباح الأحد تصفية حسابات قاسية جداً، وهذا لا يعالج مشكلة ولا يدفع خطراً، بل يعمق الحساسيات”.
وبانتظار ان تصدر الرواية الأمنية الحقيقية تجاه ما جرى في التليل وان لا يضيع التحقيق في زواريب المقايضات السياسية، لا شك أن هناك توجها عند بعض “المجموعات الثورية”، وفق مصادر امنية، نحو تعميم الفوضى في لبنان في الأيام والاسابيع المقبلة خاصة وأن تلك المجموعات أعلنت عن سلسلة تحركات في المناطق بالتوازي مع محاصرة بيوت السياسيين، الأمر الذي دفع القوى الأمنية إلى التأكيد أنها لن تتوانى وفقا للقانون عن توقيف من يعتدي على حرمة المنازل.
على وقع هذه المآسي ومن يحاول استغلالها لمآرب شخصية وآنية، ألم يحن الوقت بعد إلى تأليف حكومة؟ والمعلوم أن البلد منذ تأليف حكومة الرئيس حسان دياب يتخبط في الأزمات الاقتصادية والمالية، ومرد ذلك أن تأليف حكومة من لون واحد كان خطأ جسيما بتأكيد حزب الله قبل سواه عطفا عن هذه الحكومة تعرضت للرشق من نيران الأكثرية قبل سواها، فاستقال رئيسها، ليتم تكليف الرئيس سعد الحريري وتغرق مشاورات التأليف في مستنقع النكايات السياسية والشروط السياسية وتوزيع الحقائب، تسعة أشهر دون أي نتيجة.
اليوم، يجهد الرئيس المكلف نجيب ميقاتي في العمل على تدوير الزوايا من أجل تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن، علما أن مساعيه واتصالاته مع القوى المعنية تصبو إلى التأليف قبل نهاية هذا الشهر، خاصة وأنه أكد للقوى السياسية على مختلف توجهاتها أن البلد لا يملك ترف الوقت وأن على الجميع التعاون من أجل الوصول إلى الغاية المرجوة. لكن ثمة معطيات تشير إلى أن ما يجري في الشارع من تحركات، قد تكون أشبه بتحركات منظمة تسعى إلى استغلالها جهات معينة، لكل منها حساباته والتي تصب إما في خانة دفع الرئيس ميقاتي إلى الاعتذار،خاصة وان هناك خشية عند البعض من نجاحه في تأليف حكومة لا تراعي مصالحهم وبالتالي تكريس معادلات جديدة، أو في خانة التسليم بالشروط المطروحة والذهاب إلى التأليف تحت وقع الفوضى التي يظن البعض أنه بغنى عنها، الأمر الذي يتوقف عنده حزب الله من جهته، حيث يعتبر أن على المعنيين تأليف الحكومة بأي شكل ووضع العناد والحصص والمصالح الشخصية أو الحزبية جانبا، لأن الواقع الراهن يفرض على الجميع التضحية. وبالتالي فإن حزب الله الذي حذرت مصادره من رهانات البعض على الفوضى، يرفض وضعه في خانة معطلي التأليف، فهو لا يضع شروطا ولا يطرح أسماء مستفزة، لا بل أنه مستعد لتقديم العون لاستعجال التأليف متى طلب منه. وليس بعيدا يقول المطلعون على الأجواء الدبلوماسية إن هناك نصائح وجهت إلى المسؤولين لضرورة الاسراع في تأليف حكومة تضع حدا للانهيار حيث سينعكس التاليف ايجابا على سعر صرف الدولار في السوق الموازية، وبالتالي ضبط الشارع وصولا إلى التفاوض مع صندوق النقد الدولي.
وإذا كان الاجتماع الأخير بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف قد انتهى تقريبا إلى تفاهم حول حل عقدتي حقيبتي الداخلية والعدل من خلال التفاعهم حول اسمين مقبولين من الجميع، فإن مشكلة الثلث الضامن عقدة العقد قد تؤخر التأليف المنتظر في اليومين المقبلين كما اشيع. لكن الأكيد وفق مصادر مطلعة أن هناك قلقا من عدم قدرة الجيش والقوى الامنية على الامساك بالشارع اذا خرجت الامور عن حدودها وسبقت الفوضى إمكانية إيجاد حل لولادة الحكومة العتيدة.