ايناس كريمة -لبنان24
في ظل الانحدار الهائل في الواقع اللبناني أدركت القوى السياسية مع اقتراب موعد الاستحقاق النيابي أنها تواجه صعوبة في التعاطي مع الناس، ولمست الى حد كبير حجم الخسائر التي تكبّدتها منذ انطلاق حراك “17 تشرين” الرافض للسلطة والناقم على الطبقة السياسية بأكملها، من هنا ظهرت عوامل التسهيل الحكومي ربطاً بالمصالح الانتخابية، لأن مستقبلها السياسي بات على المحك.
ولعل الانفلات الغاضب الحاصل في الشارع اللبناني يؤكد لجميع القوى السياسية، التي ترصد التحركات الشعبية وتراقب أداء بيئتها الحاضنة، بأنّ “الزمن الاول تحول” وأن ارتخاء قبضتها على جمهورها بشكل خاص والرأي العام بمجمله بات واضحاً وضوح الشمس، ما يعني ان التراجع الشعبي في الانتخابات النيابية بات يحسب له الف حساب ما جعلها مضطرة للتعاون مع رئيس الحكومة المُكلف نجيب ميقاتي لتشكيل حكومة انقاذية تساهم في استعادة قواعدها قبل اللحظة الحاسمة.
اضافة الى ذلك، فإن المصلحة الكبرى بالنسبة للقوى السياسية تكمن في تهدئة الشارع اللبناني، ذلك لأن خوض المعركة الانتخابية في ظل الاحتقان الحاصل والمترافق مع الانهيار الكبير في خدمات الدولة الأساسية وتحديدا الكهرباء وأزمة المحروقات والدواء، سيفتح الباب أمام خطاب ثوري معارض يجتاح كافة المناطق اللبنانية ومن مختلف الطوائف.
مما لا شك فيه أن لدى معظم القوى السياسية مصلحة مشتركة مع بعض الدول الاقليمية والغربية التي تكونت لديها قناعة تامة بأن ثمة تغييرات جدية ستظهر من خلال صندوقة الانتخاب، وعليه فإن تأمين نوع من الاستقرار يضمن إجراء الانتخابات، اذ ان استمرار الفوضى والتوترات السياسية بالنسبة للغرب يعني أن يكون في يد القوى السياسية الداخلية ورقة رابحة وحجة ملائمة لتأجيل الانتخابات منعاً للاصطدام الشعبي والطائفي والحزبي في المرحلة المقبلة.
وأمام هذا الواقع، فإن القوى السياسية اتجهت نحو قرار تسهيل تشكيل الحكومة وستتجه أيضاً الى تسهيل التعاون مع المؤسسات الدولية من اجل الحصول على مساعدات تضمن لها اعادة الخدمات الاساسية للبنان بشكل مقبول الى حدّ ما يهدىء من “فورة” قواعدها على الأقل، اذ ان معظم هذه القوى لم تعد مهتمة بالرأي العام ككل بل بتكتّلها الحزبي فقط لأن تعلم أنها فقدت التأييد خارج هذه الدائرة الضيقة وتعجز عن التأثير على المجتمع اللبناني مهما ابتكرت من اساليب من الآن وحتى موعد الانتخابات النيابية.