يسرائيل هَيوم”،
بانينا شوكر – باحثة وأستاذة في الاستراتيجيا والأمن القومي
تميزت الفترة الأخيرة بالتصعيد بين إيران والغرب، والذي تجلى في توتر كبير في الساحة البحرية. ويمكن أن نضيف إلى ذلك تبادل الضربات في المجال السيبراني بين إسرائيل وإيران، وسلسلة الحوادث على الحدود الإسرائيلية – اللبنانية التي وصلت إلى ذروتها عند إطلاق نحو 20 صاروخاً على أراضي إسرائيل في نهاية الأسبوع الماضي، والذي أعلن حزب الله مسؤوليته عنه. في الوقت عينه يبرز تصاعُد في هجمات الميليشيات الإيرانية على قواعد أميركية في سورية والعراق ومحاولتها التظاهر بـ”مقاومة شعبية” ضد القوات الأميركية في المنطقة.
من الصعب الفصل بين هذه الأحداث وبين انتخاب الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي المعروف بأنه صاحب مواقف أكثر صقرية من سابقيه حيال الغرب. زيادة العدوانية الإيرانية تلمّح إلى تصلّب في المواقف وقواعد لعبة جديدة. بالإضافة إلى ذلك، وفي ضوء الانسحاب الأميركي من أفغانستان في هذه الأيام، تسعى إيران لإبعاد الولايات المتحدة نهائياً عن العراق وسورية والحلول محلها.
مع ذلك يمكن الافتراض أن إيران ليست معنية بالتصعيد الآن في ضوء الوضع الاقتصادي الصعب السائد في الدولة والاحتجاجات الواسعة نتيجة ذلك. إطلاق ناقلة النفط بعد ساعات على اختطافها، واستخدام مسيّرات، وإطلاق الصواريخ المتقطع في اتجاه إسرائيل، كل ذلك يدل على أن إيران لا تريد الذهاب إلى النهاية في مواجهة الغرب، بل إظهار قوتها، وبالتالي تحسين موقعها التفاوضي في المفاوضات على الاتفاق النووي.
في المقابل أيضاً إسرائيل غير معنية بالتصعيد، لكن مع ذلك نضج إدراك بأن تراكم حوادث إطلاق صواريخ على أراضيها يتطلب منها رداً أقسى من السابق. الحل الذي جرى التوصل إليه حتى الآن هو تكثيف إطلاق نيران المدفعية على مناطق مفتوحة، بالإضافة إلى هجمات جوية في جنوب لبنان لأول مرة منذ حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006] والسعي للحصول على رد دولي مشترك على التصعيد على الجبهة البحرية.
لكن على الرغم من إعلان البنتاغون أن “كل الخيارات مطروحة على الطاولة” وتصريح قائد الجيش البريطاني بأن “إيران ارتكبت خطأ خطِراً عندما هاجمت السفينة الإسرائيلية” يبدو أن إسرائيل لا تستطيع أن تتوقع رداً دولياً فعلياً في ضوء المصلحة الغربية في العودة إلى الاتفاق النووي. وعلى الرغم من أن هذه التصريحات حملت طابعاً أكثر صرامة من الماضي، إلاّ إنها لا تدل على أن إسرائيل يمكن أن تحظى بدعم دولي إذا اختارت زيادة حدة ردها. من الواضح أن الولايات المتحدة وبريطانيا تدركان أن ما يجري هو صعود درجة، وهما لم تترددا هذه المرة في توجيه أصبع الاتهام إلى إيران، بخلاف تصريحات أكثر تصالحاً في الماضي عندما طلبتا من “الطرفين إظهار ضبط النفس”.
على هذه الخلفية يُطرح السؤال: أليس من الممكن الآن استغلال الظروف الحالية للرد بصورة أكبر ضد رصيد استراتيجي لحزب الله حتى لو كان الثمن تصعيداً إضافياً على الحدود الشمالية؟ على الرغم من تصريح نصر الله في خطابه الأخير بأنه سيرد على كل هجوم جوي إسرائيلي على لبنان، يمكن التقدير أنه مثل صلية الصواريخ الأخيرة التي أُطلقت من لبنان، فإن الرد مستقبلاً سيكون هو أيضاً محدوداً ومدروساً. الاحتجاجات الاجتماعية الواسعة ضد إيران في لبنان أيضاً وتعاظُم المعارضة لحزب الله يعززان هذا التقدير. قد تكون هذه مجازفة تستطيع إسرائيل أن تسمح لنفسها بها.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع