جهاد نافع- الديار
مقلق ومخيف ما يحصل في عكار، بل وفي طرابلس ومعظم مناطق الشمال، انما هي إشارت الى انحلال الدولة ومؤسساتها وبدايات انهيارها مهما كابرنا ومهما حاولنا تزييف المشاهد اليومية في الشوارع والساحات.
وسط الاحداث اليومية والكم الهائل من المرويات عن حادثة هنا، وحادثة هناك، تلخص الواقع المرير الذي وصلت اليه البلاد فيما الجميع من سياسيين وقادة ومسؤولين يقفون عاجزين عن ضبط شارع ومنع تخريب او خرق هدوء برشقات رصاص حين تتوتر اعصاب هذا السطو على صهاريج المازوت والبنزين بات حدثا يوميا، كمائن على الطرقات لمواطنين من بلدات وقرى غارقة في الظلام يسطون على صهاريج تتجه نحو قرى وبلدات اخرى غارقة بالعتمة.
كمائن في المحمرة والعبدة وعند مفارق البلدات المعتمة، يسطون على الصهريج ويفرغونه في خزانات مولداتهم.
اصحاب الصهاريج طالبوا بمواكبة امنية لصهاريجهم، لكن من يحمي من؟
وقد تعرضت دورية لقوى الامن الداخلي منذ يومين كانت تنقل سجينا من بلدة الحصنية من مخفر حلبا الى مخفر بينو، فاعترض مسلحون الدورية وانتزعوا السجين من بين ايدي عناصر الدرك، وانتزعوا اسلحتهم ومفتاح سيارتهم الامنية ولاذوا بالفرار مع السجين الذي حرروه وهو متهم بحرق فرن في البحصة خلال اشكال امني عائلي حصل الاسبوع الماضي…
ولاحقا نجحت المفاوضات مع الخاطفين باعادة الاسلحة ومفتاح السيارة العسكرية فقط.
فقدان المازوت في عكار اغرق العديد من البلدات والقرى في الظلام، لكن المازوت» المفقود»، متوفر لمن يريد بالسوق السوداء بسعر يتجاوز المئتين وخمسين ألف ليرة، وايضا البنزين متوفر بالغالونات على الطرقات بكثافة بسعر مئتي ألف ليرة لغالون يتسع لتسع ليترات فقط.
والسؤال الملح هو: اين الدولة؟ اين الرقابة؟ ولماذا هذا التساهل؟ ولماذا هذا الجشع والطمع المباح؟ اولئك الذين يوغلون في استغلال الناس في دولة باتت منهارة ومستباحة ومباح فيها السوق السوداء حتى باتت كل المواد الحيوية والاساسية متوفرة للجميع ولمن يستطيع بالسوق السوداء: بنزين ومازوت وادوية وحتى الخبز باتت الربطة بالسوق السوداء تسلم بـ١٢ ألف ليرة… فيما طوابير الناس امام الافران تنافس طوابير البنزين والمازوت.
ويوم امس اصدر اتحاد بلديات وسط وساحل القيطع بيانا اثر تعرض مجموعة من بلدة مجدلا لصهريج مازوت مخصص لبلدات الاتحاد اعلنوا فيه انه: طفح الكيل، والفتنة تطل برأسها.
وجاء في البيان انه اقدم شبان من بلدة مجدلا على مصادرة ١٨ ألف ليتر مازوت والمخصصة لجميع قرى الإتحاد الأمر الذي أدى لغضب عارم في القرى الأخرى التي كانت تنتظر حصصها بفارغ الصبر لإنارة قراها.
وصدر عن المجتمعين ما يلي:
– استنكر الحضور الفعل الشنيع اللاخلاقي واللامسؤول والذي لا يمت الى شيم وأخلاق أبناء المنطقة التي تربت على حسن العلاقة مع الجوار.
– تكليف رئيس بلدية مجدلا محمد الأسمر التواصل مع المجموعة المعتدية واعادة الكمية المصادرة في مهلة أقصاها الساعة الخامسة من عصر هذا اليوم ليبنى على الشيء مقتضاه.
– إتخاذ صفة الادعاء الشخصي بحق المجموعة التي استولت على المازوت وعلى اصحاب الاشتراكات التي خزّنت في مستودعاتها الكمية في حال عدم التجاوب مع رئيس البلدية وفعاليات البلدة.
– دعوة الأجهزة الأمنية قاطبة لتحمل مسؤوليتها حيال ما يجري في مناطقنا والضرب بيد من حديد لكل مخل بالأمن والاستقرار وأن تساهلها يزيد الأزمة ولا يمكن السكوت على هذه الأفعال التي تعرض السلم الأهلي وعلاقة الجوار للخطر؟».
-دعا المجتمعون ختاماً العقلاء لتجنب أي اشكال ولضرورة التحلي بالحكمة واسناد رئيس البلدية في مبادرته قبل أن تغرق قرانا بفتنة لا تحمد عقباها.» وشكل البيان بحد ذاته تحذيرا من فتنة تهدد السلم الاهلي بعكار جراء تكرار عمليات السطو على الصهاريج نتيجة الفلتان الامني الذي يتمدد وتتوسع دائرته الى درجة ان حوادث تشليح وسلب بدأت تسجل على الطرقات العامة في عكار خاصة ليلا حيث العتمة شاملة، وروى اكثر من شخص حوادث تشليح حصلت ابرزها عند مفرق عيون الغزلان برقايل حين اعترض مسلحون ليلا سيارة وسلبوا من فيها اموالهم وما خف وزنه.
الى جانب ذلك ، فان عكار تشهد يوميا بمناسبة ودون مناسبة ظاهرة اطلاق الرصاص العشوائي دون محاسبة او ملاحقة وادى الرصاص العشوائي الى سقوط ضحية ثالثة في عكار حين استقرت رصاصة طائشة في جسد سيدة كانت نائمة في منزلها في بلدة جديدة القيطع، وادت الى وفاتها على الفور وهي في عمر الـ ٢٨ سنة وأم لاربعة اطفال.
والغريب ان حالة «تطنيش» غير مبررة حيال الرصاص العشوائي اليومي الذي يسمع في القرى والبلدات العكارية.