“حرتقة سُنية” على ميقاتي
“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح
يُكمل رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي مسار التأليف. كما هو ظاهر، ثمة “بحصٌ” كثير يُنثر في طريق وصوله إلى غايته، وعلى ما يظهر، لا مجال لإعفاء شركائه في “الرباعي السني” من المسؤولية، سيّما بعدما يتسرّب أن الحرتقة التي تُمارس عليه صحافياً، هم مصدرها ، أو أحدهم على الأقل، وردّ ميقاتي “الإستثنائي” لاحقاً على توزيعة “الشرق الاوسط” يصبّ في هذا الاتجاه.
ثمة هاجسٌ يسكن رفاق دربه من احتمال أن يكون رئيس تيّار “العزم”، قد “أبرمَ” تفاهماً مختلفاً مع قصر بعبدا ، قاد إلى “حلحلة” في ملف التأليف وفق ما يظهر من التطورات الأخيرة، ما قد يقود لاحقاً إلى تنصّل الرئيس المكلّف من التزامات قدّمها إلى “نادي الغولف الحكومي” قبل ساعات من حسمه لقرار ترشّحه. معنى ذلك أن ما كان يبنيه “النادي” ويخطط له طوال مدة، قد يغدو سراباً، وأكبر هاجس لديهم أن يكون ثمة “طرفٌ” ، يؤسّس إلى وقوع الشرخ بينهم وبين ميقاتي، ما يعني تحرير الأخير من الكثير من الإلتزامات.
ميقاتي إلى حينه، يدأب على إصدار التطمينات حيال عدم ورود أي تعديل على التفاهمات السياسية السابقة، لا مع رفاقه رؤساء الحكومات السابقين الأربعة، ولا ما غيرهم، لا بل يزيد التأكيد، أنه وفي مشواره الحالي، ينطلق من “الورقة” التي تقدّم بها سابقاً رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، لكنه رشّدها مع إضافة القليل من التنقيح.
هنا، يُصبح جائزاً القول أن “التنقيح” موضع الإشارة الذي يتحدث عنه ميقاتي، قد يكون هو الذي يُثير حفيظة “رفاقه” أو أنه يشكّل لهم “موضع شك”، علماً أن رئيس الحكومة المكلّف يداوم على إطلاعهم على كافة التحديثات من دون انقطاع. وعلى الاعمّ الأغلب، فإن الشك “موضع الحديث” ، سببه على الأرجح الإنسيابية التي يتعامل معها ميقاتي مع رئيس الجمهورية وحيازته القدرة على إقناعه، وهو ما يلبّد “غيوم الرباعي” من احتمال وجود شيء ما، وهو ما ظهر مؤخراً ونمّى الشكوك لديهم وأدى إلى تولّد نزعة عندهم من حيث أنه قد يكون يقدم تنازلات تقابل تنازلات أخرى، عملاً بخبرتهم –كما يدّعون- في العلاقة مع عون.
بعيداً عن كل ذلك، يرى البعض أن ثمة أكثر من فرصة تلوح الآن في الأفق لتوليد حكومة بشكل سريع، ولعلّ موضوع إعلان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة “وقف مبادلة الدولارات لصالح استيراد المحروقات” أو ما يُصطلح على تسميته “رفع الدعم”، هو “فقءٌ لدملة” كانت تُصنّف من بين العوائق الحائلة دون إنجاز تأليف خشيةً من ردود الفعل في الشارع.
أما الآن، وحين أصبح “رفع الدعم” سيّما عن المحروقات أمراً واقعاً، يجعل من الوضع الآن أكثر أريحية وذات قدرة على إنتاج حكومة بشكل أسرع ومن ثم إطلاق عملها من دون تأخير أو مطبّات، متحررة من تفكير بنتائج الوصول إلى قرار “رفع الدعم” ومآثره، وقد يكون ما يحصل الآن، لُعبةٌ مُتفاهمٌ عليها من “جماعة السلطة”.
على الأعمّ الأغلب، موجة الانفراجات التي انسحبت حكومياً فور إعلان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قراره ، ترتبط باستفادة اللاعبين في ملف تأليف الحكومة من الأجواء السائدة: ميقاتي يحاول الإستفادة من جميع الفرص، ويستعد لتقديم تنازلات على قاعدة “التوازن في التنازل مع رئيس الجمهورية”، وهو في ذلك يطمح لاستغلال الوقت وإنجاز تشكيلة قبل آخر الشهر الجاري، لينتقل بعدها إلى مسار العمل. على رأس جدول أعماله، إتفاقيات مع صندوق النقد فيما لا يغيب قطاع الكهرباء عن أجندته في ظلّ توفر نوايا المساعدة الفرنسية – الألمانية، ولعلّه يهدف إلى تقديم إنجاز ما، يفيد في مسار “كبح الإنهيار” بوضعيته الحالية.
في المقابل، يطمح رئيس الجمهورية إلى إنجاز حكومي سريع أيضاً ، يحمله على بدء العمل في شوط ولايته الأخير لتحصيل ما أمكن تحصيله. بالتوازي، يصوّب تياره السياسي على موضوع الإنتخابات النيابية والتفرّغ لهذا الملف فور إنجاز الحكومة. الآخرون كتيار “المستقبل”، وإن أوحوا بأنهم خارج لعبة التأليف وشروطها، يستأنسون بها بالفعل، عملاً بفكرة أن تأليف الحكومة بشراكة كاملة بين الرئيس ومن خلفه “التيار” وميقاتي، يؤمّن مردوداً إنتخابياً إيجابياً لهم، من حيث ما ستولّده آلية العمل من ظروف نمو اعتراضات، ستحمل “المستقبل”، على “التمريك” سنياً على ميقاتي و”الحرتقة” على عون وتياره، مع ارتفاع احتمالية “التحصيل” الإنتخابي على ظهر الأول.
أخيراً، على رئيس الحكومة المكلّف التركيز على الوضعية الشيعية. صحيح أن “الثنائي” ملمٌ بالتفاصيل وأعلن الجهوزية والإستعداد للبدء بمشوار العمل، لكن ثمة أوساخٌ أميركية متخفّية تحت “سجادة التأليف” بدأت تُطلّ برأسها. إلى حينه، بدأ ينمو حديث عن رفض أميركي لإشراك “حزب الله” في الحكومة. إن صحّ ذلك، ما هو موقف المكلّف الذي سلّفه الحزب تسمية؟ للبحث صلة.