نومة أهل الكهوف!…
سفير الشمال- حسناء سعادة
اكتب مقالتي الاسبوعية هذه المرة على ضوء الشموع، في مشهدية تعود الى ستين سنة خلت، الى ايام كانت الكهرباء فيها حكراً على الميسورين في ذاك الزمن اما الفقراء فلهم القمر والنجوم وقنديل الغاز… وها نحن عدنا، انما العتمة تشمل الجميع باستثناء المسؤولين المشعشعة بيوتهم الشتوية والصيفية والبحرية على مدار الساعة.
اكتب مقالتي ولا اعرف من اين ابدأ بها او كيف سأنهيها، لان الكلمات باتت عاجزة عن التعبير عن كم الغضب واليأس والقرف الذي يختلج في نفسي وفي نفوس الكثيرين من اهل بلدي الذين يتساءلون اليوم عن هذه القدرة لدى الطبقة الحاكمة في الرقص على حافة الانهيار وغض الطرف عن مآسي الناس وتناتش الحصص والحقائب والبدع الدستورية والميثاقية والطائفية وحتى المذهبية فيما البلد بامه وابيه ينهار.
كيف ابتلينا بهكذا حكام؟ فاشلون، عاجزون، مراهنون، جائعون للسلطة والمال الحرام.
حكام لم ترف لهم اي عيون امام جريمة العصر التي اودت بحياة المئات وجرحت وشردت الالاف وكادت ان تدمر العاصمة بيروت عن بكرة ابيها، فحتى اليوم لا نعلم رسمياً من جاء بالنيترات ومن خزنها ومن سمح بافراغها في العنبر رقم 12 ومن اختلسها ليلاً او ربما في وضح النهار وعلى عينك يا دولة… والحمد لله انهم سرقوا معظمها والا ما كانت بيروت وربما ما كان لبنان باكمله.
حكام عاجزون عن معالجة مشكلة الكهرباء فيضيعون بين البواخر والمعامل والسدود والتوليد من الرياح او من الهواء ويتخبطون بالدراسات والهدر لعشرات السنين وصولا الى العتمة الشاملة ثم يتساءلون من فعل بنا هذا؟.
حكام يتقاذفون تهم الاهمال والنهب والفوضى والفساد ولكل واحد منهم ما يكفيه ويزيد من هذه الخصال غير الحميدة التي اوصلت لبنان الى اسوأ ازمة في تاريخه لا بل الى واحدة من اسوأ الازمات في التاريخ كله.
حكام ساروا بنا الى دولة فاشلة بامتياز فها نحن من دون مستشفيات ولا افران ولا مدارس، ها نحن مقطوعون من البنزين والخبز والدواء..
حكام تركوا المصارف تنهش جنى عمرنا ولم يحركوا ساكنا بل حركوا اموالهم باتجاه دول العالم حفاظأ عليها وعلى سعر صرفها بينما الدولار عندنا لا سقف له.
حكام عاجزون عن تشكيل حكومة في وقت تكاد تتشكل فيه مجموعات متطوعة لتعيش على سطح المريخ فيما القيمون عندنا لا زالوا يعيشون في المريخ وربما في كويكبات ابعد والا لكانوا شعروا بمدى الذل الذي يعيشه المواطن اللبناني يومياً على ابواب الصيدليات والسوبرماركت والافران والمستشفيات ومحطات الوقود التي باتت مسرحاً للقتل وتصفية الحسابات.
حكامنا… نائمون فيما العالم اجتهد وتمكن من الوصول الى القمر والمريخ وبات الكون قرية افتراضية الا عندنا حيث عدنا عشرات السنين الى الوراء بانتظار ان يستفيق الحكام او نستفيق نحن الشعب البائس من نومة اهل الكهوف..