قبل أيام، أعلن وزير الصحة حمد حسن تحضير ملفٍ بأسماء الشركات التي تمتنع عن استيراد الدواء تمهيداً لتقديمه إلى القضاء المالي. غير أنه قبل أن يقطع «شعرة معاوية» مع الشركات، كانت محاولة أخيرة للحلحلة، مع استدعاء الوزارة أول من أمس 6 شركات لاستيراد المستلزمات الطبية. «الأمور خير»، على ما يقول حسن، مشيراً إلى أنه ابتداء من أمس بدأت هذه الشركات بتقديم ملفاتها. أما في ما يخص شركات استيراد الدواء، فلا تزال مصرّة على اعتبار أن ما يصرفه المركزي يأتي في سياق دفع المستحقات السابقة، وهو إصرار نابع من سببين أساسيين، «أولهما تذرع المستوردين بأن الشركات في الخارج ترفض تسليمهم طلبيات جديدة قبل تسديد المستحقات السابقة، أما ثانيهما فهي الضبابية التي تحيط بقرارات مصرف لبنان»، على ما تقول مصادر وزارة الصحة. صحيح أن الـ 50 مليوناً هي قيمة ما نص عليه الاتفاق بين المصرف والأطراف المعنية، إلا أن حتى هذه القيمة تصرف وفق «الرغبات»، لناحية أن ما صرفه المركزي هذا الشهر هو 11 مليون دولار. وثمة من يردّ الأمر هنا إلى امتعاض حاكم المصرف من الشركات التي تقاضت المبلغ كاملاً الشهر الماضي ولم تستورد من جهة، «وشكّه بفواتير بعض الشركات»، على ما تضيف المصادر. وقد بدا ذلك واضحاً للحاضرين أول من أمس في الاجتماع الذي عقد بين سلامة وحسن ورئيس لجنة الصحة النيابية، عاصم عراجي. مع ذلك، يؤكد حسن أن الحاكم «أعاد التأكيد على مبلغ الخمسين مليوناً، متعهداً بختم الموافقات ابتداء من اليوم»، والأمر نفسه «تعهدت به الشركات لناحية البدء بالاستيراد».في مقابل هذه التطمينات، أسئلة لا يملك أحداً أجوبة عنها سوى حاكم المركزي، فقد استعاد المعنيون بملف الدواء في المركزي «الحدّوتة» نفسها في ما يخص لائحة أولويات الأدوية التي تضم ما يقرب من 3 آلاف صنف كانت قد رفعتها وزارة الصحة بناءً على طلبه. فهذه المرة، كان الطلب بأن يعاد تقسيم الأدوية ضمن اللائحة إلى 4 أقسامٍ أساسية (categories) وترتيب الأدوية ضمنها، وهذه الأقسام هي أدوية الأمراض المزمنة، المستعصية والسرطانية، حليب الأطفال واللقاحات. أما بالنسبة إلى الأدوية التي لا تحتاج إلى وصفة طبية (otc) وأدوية الصحة العامة التي ضمّتها لائحة الأولويات المدعومة، فقد «فهم من الحديث أنه غير قادر على دعمها»، على ما تقول المصادر. وبناءً على ذلك، من المفترض أن تعمل مصلحة الصيدلة في الوزارة بالتعاون مع الدائرة المختصة في المصرف المركزي على إعادة «ترتيب» هذه اللائحة ضمن الأقسام الأربعة، وتحديد الأولويات ضمنها «مع الأخذ في الاعتبار ألّا يسقط أي دواء أساسي منها». وهذه ليست مهمة سهلة لناحية الوقت الذي يمكن أن تستغرقه.
إلى ذلك، تطرق المجتمعون أيضاً إلى «حصّة» لبنان من صندوق النقد الدولي التي أقرّت تحت عنوان التعويض عن جائحة كورونا بقيمة توازي حوالى 860 مليون دولار، فقد كان المطلب بألّا يأخذ حاكم المركزي القرار منفرداً في ما يخص تلك المبالغ، التي يجب أن يكون للقطاع الصحي حصة الأسد منها.
أزمة الدواء: هل تصدق وعود الشركات والحاكم؟
الأخبار- راجانا حمية
منذ شهرين، لم تصل إلى البلاد حبة دواءٍ واحدة. رغم صرف مصرف لبنان 50 مليون دولار لشركات استيراد الأدوية و37 مليوناً لشركات استيراد المستلزمات الطبية، إلا أن أياً من هذه الشركات لم تجد نفسها معنية بالتخفيف من وطأة الأزمة التي وصلت إلى حدود إعلان بعض المستشفيات عجزها عن تأمين الأدوية والمستلزمات لتقديم خدماتها الطبية. لا دواء في السوق اليوم، وإن وُجد، فإن معظمه خرج من خانة التسعيرة الرسمية إلى أسعار السوق السوداء، حتى في بعض الصيدليات!