ايناس كريمة -لبنان24
يبدو ان القوى السياسية في لبنان أدركت أخيراً أنها مضطرة لتسهيل عملية تشكيل الحكومة، لأن التراخي في الحدّ من الانهيار الناتج عن تراكم الأزمات ،لن تعوّضه كل الاشتباكات السياسية المفتوحة لشدّ العصب الشعبي، ولن تكون كافية لإحداث فارق انتخابي.
من المعلوم أن الواقع الدولي والاقليمي لم يتغير بالشكل المؤثر على الداخل اللبناني، غير أن كل الاحصاءات الانتخابية هي السبب المباشر الذي يحتّم على القوى السياسية الذهاب نحو بعض التنازلات التي تظهرها أمام الرأي العام حريصة على المصلحة الوطنية وجدّية في مساعي التشكيل الذي قد يكون بوابة العبور نحو الانقاذ.
لكن المشكلة الحقيقية ان معظم القوى السياسية لم تستوعب بعد أن الضربة الشعبية التي تلقّتها هي خسارة بنيوية ومن الصعب تعويضها بمجرد البدء بتطبيق خطة لإيقاف قطار الانهيار من خلال مسار اصلاحي خجول، ذلك لأن الناس يواجهون أزمة معيشية عميقة ومهما حصل من معالجات فإن هذا الواقع لن يتبدل بالسرعة المتوقعة.
ورغم ان المجتمع المدني لم يعدّ نفسه، ولن يستطيع ذلك على الارجح، اذ ان التشتت الحاصل فيه يشير الى انعدام امكانية تحضير ماكينات انتخابية تجعله قادراً على تحقيق تغيرات في الواقع السياسي، لكن الاكيد أيضاً ان القوى التقليدية ستكون عاجزة عن لملمة جمهورها وستُصدم بنتيجة الانتخابات أقلّه لنسبة التصويت، وأن فوزها مجددا سيكون بطعم الخسارة.
وفق مصادر متابعة فإن عملية التشكيل، ان حصلت، وهو بالأمر المتوقع بفعل التسهيلات التي بدأت توفّرها معظم القوى السياسية المعنية بالحكومة، ستؤدي بأقصى درجات التفاؤل الى شدّ العصب الحزبي واستجماع الكُتل الصلبة من المحازبين خصوصا إذا ترافق الامر مع حالة تسخين وتصعيد سياسي كبير في الساحة اللبنانية ما سيعيد الخطاب الطائفي والمذهبي الى قواعده، وبالتالي فإن الجمهور الحزبي سيعود الى جبهاته، غير أن المؤكد ان هذه القوى السياسية التي تطمح، عبر تشكيل حكومة في الأشهر القليلة المتبقية قبل موعد الانتخابات ،الى اعادة واقعها كما كان عليه قبيل انتفاضة 17 تشرين، ستفشل غالباً من استعادة “الزمن الجميل” على مستوى الجماهير.