نبيه البرجي-الديار
هل نحن بحاجة الى الشيطان للحيلولة دون تشكيل حكومة قبل آخر آب ؟
تعقيباً على تغريدة أحد الساسة، لكأن الشيطان يستطيع أن يفعل بلبنان ما فعله مهراجات الجمهورية. ربما كان علينا الأعتذار من الشيطان الذي أصابه الملل من البقاء داخل التفاصيل اللبنانية.
لماذا آخر آب، لا هذه الساعة، لا هذه اللحظة، لو كان هناك في أعلى الهرم من يستشعر مدى التراجيديا اللبنانية (وأين منها التراجيديا الاغريقية)، ومن يمتلك الحد الأدنى من الرؤية ليدرك أن المنطقة على فوهة بركان بعدما نجح الصقور (الغربان) هنا وهناك وهنالك، في ابقاء دول المنطقة، لا سيما الدول المحطمة، اما داخل الدوامة الدموية، أو داخل الدوامة السياسية، أو داخل الدوامة الاقتصادية.
ربما تناهى اليكم ما قاله وزير خارجية خليجي لوسيط فرنسي «لن ندع لبنان يقف على قدميه ما دام هناك حزب الله». اذاً، المطلوب منا ألا نكون حجارة الشطرنج فحسب بل أن نكون حجارة الهيكل.
هكذا الحصار، كما لو أن المنظومة السياسية ليست طرفاً في هذا السيناريو. مضحك الكلام عن تقاطع ديبلوماسي بين واشنطن وباريس لانقاذ لبنان. وراء الضوء يتردد كلام آخر. هل هي الفوضى أم هو الانفجار الذي يدق على الباب ؟
المنظومة السياسية ليست معنية الا بانقاذ نفسها. هذه هي مهمة حفاري القبور. ايمانويل لوبون، المستشار في الاليزيه، يعتبر أن خلاص لبنان يبدأ بالتخلص من تلك المنظومة. يارجل، هؤلاء بقاؤهم أكثر من ضروري لتنفيذ السيناريو اياه : موت لبنان!!
يوماً بعد يوم يزداد اقتناعنا بأن مسرحية الرئيسين ميشال عون ـ نجيب ميقاتي استكمال لمهمة الرئيسين ميشال عون ـ سعد الحريري. ملء الوقت الضائع بالخطى الضائعة…
هذا ريثما يتبلور المشهد الاقليمي والدولي ان في اتجاه التسويات، وعبر مفاوضات شاقة ومضنية، أم في اتجاه تأجيج الصراعات، ما دامت القوى الكبرى بعيدة عن التوافق على بناء نظام عالمي بديل، أو على الأقل صياغة خارطة جديدة للمعادلات، والتوازنات، في منطقة قال هيرودوت أنها تقع على خط الزلازل. غريب أن المؤرخ الاغريقي (القرن الخامس قبل الميلاد) لم يلاحظ أنها تقع على خط … الآلهة!
أين اللبنانيون في هذه الحال ؟ وهل هناك من لبنانيين فعلاً أم هم كثبان بشرية مبعثرة ؟ لا الميثاق الوطني تمكن من أن ينتج لبنان ـ الدولة لا لبنان ـ الكازينو، ولا وثيقة الطائف التي جاءت في ظل توافق دولي وعربي لاعادة تركيب الصيغة الدستورية تمكنت من أن تشق الطريق أمام الدولة المدنية لا الدولة ـ المغارة.
كل هذا الذي يحدث لأن الطبقة السياسية في الجمهورية الأولى، كما في الجمهورية الثانية، لم تحاول أن تصنع شعباً (أجل، الشعب يصنع أو تعاد صناعته اذا ما قرأتم مذكرات ونستون تشرشل).
هكذا نغوص، وأزمة المازوت (مازوت ياعرب !!) تعيدناالى العصر الحجري، أكثر فاكثر في المتاهة الطائفية، مع ادراكنا التام بأن من يصطنعون الصراعات الجانبية (خصوصاً عبر مواقع التواصل) انما يرغبون في ابعادنا عن مشكلاتنا اليومية التي باتت مشكلات وجودية.لترانا نستزلم أكثر فأكثر، لتلك القامات أو المقامات التي دفعتنا الى ذلك الخراب العظيم.
نقول لرئيس الجمهورية اذا لم يشأ أن يبقى شاهد زور : استقل. ونقول للرئيس المكلف الذي بدأ رحلة الدوران في الحلقة المفرغة : اعتذر اذا لم تتمكن من تشكيل حكومتك اليوم وليس غدأ، لأن ما يتردد حول التقرير المرتقب للبنك الدولي انما يثير الهلع : لبنان على وشك الدخول (أو هو دخل فعلاً) في حقبة ما قبل التاريخ، حين يقول «الوزير الاسرائيلي» زئيف الكين «خطوات وندخل في حقبة ما بعد التاريخ».
الصورة أكثر من واضحة. لالبنان اذا لم يلتحق، على الفور، بالقطار العربي الذاهب بأقصى سرعته الى …أورشليم.
ثم نتحدث عن حكومة الانقاذ. المازوت يقرر مصيرنا : مرحباً … أيها العصر الحجري!!