وصف الكاتب والأديب المصري محمد سلماوي الأحداث التي تشهدها تونس الآن بأنها المعركة الأخيرة للإخوان، مشيرا الى أنهم إذا انتصروا فيها تكون خطتهم، للوصول إلى السلطة من الأطراف، بعد أن فقدوا موقعهم فى المركز بسقوطهم فى مصر، قد نجحت، وإذا فشلوا فقد يكون فى ذلك نهايتهم، لذلك فسيلجأون فى تلك المعركة الفاصلة إلى استخدام كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة.
وأضاف في مقاله بصحيفة الأهرام اليوم الاثنين أنه علينا العودة لمعركتهم فى مصر والتى تراوحت فيها أسلحتهم ما بين المكر والخديعة والعنف وسفك الدماء حتى تمكنوا لأول مرة من السيطرة على الحكم من مصر قلب العالم العربى وأهم مراكز العالم الإسلامى، فأعلنوا بلا مواربة أنهم باقون فى الحكم خمسمائة عام.
وتابع قائلا: “وباستعراض المسلك الذى اتبعوه حتى سقوطهم المروع فى ٣ يوليو ٢٠١٣، يظهر لنا قدر كبير من التطابق بين تجربتيهما المصرية والتونسية، وهو ما يمكنا من توقع خطواتهم القادمة فى معركتهم الحالية فى تونس. لقد انطلق الإخوان فى مصر من أرضية مخادعة تمثلت فى مقولتهم المعلنة رسميا إنهم ليسوا طلاب سلطة، وانهم لن يترشحوا للرئاسة، لكنهم بمجرد فتح باب الترشح تقدموا بمرشحين وليس بمرشح واحد، ووعد مرشحهم محمد مرسى لدى فوزه بتشكيل مجلس رئاسى يعبر عن مختلف التيارات السياسية ولا يقتصر على أعضاء جماعته، كما وعد بأن يختار شخصية قومية غير مختلف عليها لرئاسة الوزراء، ثم حين تمكن من الرئاسة عين رئيسا لمجلس الوزراء معروفا بولائه للإخوان وشكل حكومة ضمت عددا غير قليل من العناصر الإخوانية، ولم يعد يتحدث بعد ذلك عن المجلس الرئاسى، وتوالى مخطط الخداع والتمكين بذلك المرسوم الرئاسى المشئوم الذى أصدره فى نوفمبر ٢٠١٢ بعد توليه الرئاسة بأربعة أشهر فقط وألغى به أى مراجعة سياسية أو قانونية لقراراته، وهو بالمناسبة ما يتهمون به الآن الرئيس التونسى رغم اعتماد هذا الأخير على نص دستورى يخول له ذلك، بينما لم يستند مرسوم محمد مرسى إلى أى مرجعية دستورية، وخلال عام من وصول الإخوان للحكم فى مصر ثبت فشلهم الذريع فى إدارة أمور الدولة مما أدى فى النهاية للثورة عليهم فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣.” .
وعن الوضع في تونس قال: “وبالنظر لتونس نجد أن الإخوان – ممثلين بحزب النهضة – لجأوا لنفس أسلوب الخديعة بما أظهروه فى البداية من مرونة سياسية وممالأة للدولة المدنية جعلت الكثيرين فى الداخل والخارج يشيدون بكون الإسلام السياسى فى تونس أكثر نضجا من إخوان مصر، وقد حازوا الأغلبية البرلمانية وتمكنوا من تشكيل الحكومة لكن سرعان ما انكشفت خديعتهم مثلما حدث فى مصر وثبت افتقارهم لأى برنامج تنموى، وانشغلوا بفرض سيطرة أتباعهم على مختلف مؤسسات الدولة وفق مخطط التمكين الإخوانى مما أصاب معظم أجهزة الدولة بالشلل، فى الوقت نفسه تراجع الاقتصاد التونسى بشكل ملحوظ ووصلت نسبة البطالة إلى ١٨٪، وفجر فشل الحكومة فى التعامل مع جائحة كورونا غضب الجماهير حيث لم تتمكن من توفير اللقاح لأكثر من ٨٪ فقط من الشعب فوصل عدد الوفيات خلال يوم ١٥ يوليو وحده إلى ٢٠٥ حالات وفاة، وهو ما يمثل أعلى نسبة وفيات فى العالم فى ذلك اليوم بالقياس لتعداد البلاد، فانفجر غضب الجماهير وتدخل رئيس الدولة قيس سعيد يوم ٢٥ يوليو مستخدما المادة الـ (٨٠) من الدستور التى تخول له اتخاذ إجراءات استثنائية فى الظروف التى تتطلب ذلك، فأقال رئيس الوزراء وجمد البرلمان ذا الأغلبية الإسلامية، فانطلقت مظاهرات التأييد الشعبى فى مختلف أرجاء البلاد، وهنا بدا واضحا استفادة إخوان تونس من تجربة نظرائهم فى مصر فأخرجوا المظاهرات المضادة ولجأوا لاستخدام التأييد الدولى للنظام الديمقراطى فاتهموا الرئيس التونسى بالقيام بانقلاب على الشرعية، بينما بدأوا يهددون فى الداخل باللجوء للعنف والعودة للإرهاب وسفك الدماء كما فعل إخوان مصر.” .
وقال سلماوي إنه من الغريب أن الدوائر السياسية الغربية التى تردد الآن رواية الانقلاب هذه بسبب تركيز السلطات فى يد الرئيس التونسى، لم تتخذ الموقف نفسه حين انقلب الرئيس الإخوانى فى مصر على الشرعية وركز جميع السلطات فى يده بلا مراجعة ولا محاسبة، مشيرا الى أنه إزاء ذلك التطابق بين تجربتى الإخوان فى كل من مصر وتونس لنا أن نتوقع لجوء إخوان تونس للعنف الذى استخدمه إخوان مصر، ابتداء من أحداث الاتحادية وحتى أحداث رابعة وميدان النهضة.
وقال إن السلطات التونسية تقوم الآن بالتحقيق مع بعض عناصر حزب النهضة للجوئهم للعنف فى أثناء اعتصامهم أمام البرلمان فى الأسبوع الماضى والذى أعلنوا كما أعلن معتصمو رابعة فى مصر، أنه اعتصام سلمى، مشيرا الى أنه بدأ الحديث عن تقديم قيادات حزب النهضة للمحاكمة بتهمة الفساد، وما نسب لهم من تلقى أموال من الخارج فى انتخابات ٢٠١٩، وتورط الجهاز السرى لحركة النهضة فى بعض الاغتيالات السياسية، والتلويح بإمكانية التحقيق مع رئيس الحركة راشد الغنوشى رئيس البرلمان المجمد بشأن مصادر أمواله التى أحاطت بها الشبهات حين كان رئيسا للنيابة العمومية.
وأنهى سلماوي مقاله متسائلا : فهل يستبق إخوان تونس تلك الخطوات باللجوء للعنف، أم أن الرئيس هو الذى سيسبقهم إلى تلك الإجراءات؟.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع