كتبت” النهار”: قد تتمثل المفارقة الدراماتيكية التي برزت في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة في ان البلاد بدت كأنها على برميل بارود متفجر جراء احتدام خانق لازمات المحروقات والكهرباء فيما كانت فئة سياسية وحزبية تتفرغ لحقن المناخات الداخلية بجرعات التحريض والاستفزاز والمس بمرجعية دينية أساسية بما ينذر باشعال حساسيات طائفية لا تحمد عقباها .
والواقع ان سباقا غريبا طبع الساعات الماضية بين ما يمكن ان يشكل انفجارا مقلقا للغاية للاحتقانات الشعبية جراء تفاقم أزمتي المحروقات والكهرباء في طقس حار خانق وحارق الامر الذي بدأ يفجر ردود فعل غاضبة وساخطة وينذر بتفلت ممارسات وصدامات عنفية كتلك التي حصلت في الشمال وذهب ضحيتها ثلاثة أشخاص بسبب صدامات على محطات محروقات للحصول على مادة المازوت التي باتت كالذهب النادر والتي قد تشعل أسوأ موجات الاحتجاجات وقطع الطرق في ظل تهديد لبنان بأسره بتوقف مولدات الكهرباء . وفي الوقت نفسه كان ما يسمى الذباب الالكتروني لانصار “حزب الله” وبعض اتباعه من الأحزاب البائدة يمعن في شحن وسائل التواصل الاجتماعي بحملة شتائم وألفاظ مقذعة ومعيبة في حق البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عقب حملة عبر الاعلام التقليدي التابع والموالي للحزب بدأت ظهر الاحد على اثر عظة البطريرك الراعي التي رفض فيها تعريض لبنان لخطر الحرب مع إسرائيل ودعا الجيش اللبناني الى منع اطلاق الصواريخ من جنوب لبنان والتزام القرار 1701 . اتخذت هذه الحملة طابعا شديد الأذى والمغامرة والرعونة اذ ذهبت بعيدا في استفزاز فئات واسعة من اللبنانيين ولم تقتصر على المسيحيين وحدهم علما ان ثمة فئات مسيحية معروفة بتحالفها مع حزب الله تجاهلت تماما ما يجري ولم تطلق أي تعليق على حملة الشتائم والتهجم المعيب على البطريرك . ولكن الحملة سرعان ما ووجهت بردود فعل واسعة استنكرت هذا الهجوم المقذع ودلالاته البالغة السلبية واتسعت ردود الفعل على نطاق كبير لتشمل المنتديات الاغترابية .
وسط هذه الأجواء كانت البلاد تمضي قدما نحو مرحلة جديدة بالغة التفاقم والتراجع في أزمتي المحروقات والكهرباء وما يتفرع عنهما من تداعيات شديدة الصعوبة لم تشهد البلاد مثيلا لها . وعادت طوابير السيارات الطويلة لتملأ شوارع بيروت والمدن والبلدات مع تفاقم ازمة البنزين مجددا فيما بدأت ازمة المازوت تنذر بانفجار اجتماعي واسع قد لا تقف مفاعيله عند الحركات الاحتجاجية بل يخشى ان تتطور الى صدامات وفوضى امنية . واتسعت حركة قطع الطرق في الكثير من المناطق اللبنانية امس احتجاجا على اختفاء مادة المازوت وتوقف أكثرية مولدات الكهرباء عن العمل وتعميم العتمة والشلل فيما ملأت الشائعات البلاد حول رفع الدعم نهائيا عن المحروقات الامر الذي لم تؤكده أي معطيات رسمية وخصوصا من جهة مصرف لبنان .