الحدث

عن بياض القلوب…في البياضة.

دانيال هاشم

وكالة نيوز

منذ أيام كنت اقوم في واجب عزاء في منطقة حاصبيا برفقة اصدقاء، وصادف وجود صديق عراقي معي يزور لبنان، أحب مرافقتي الى الجنوب، والذي يزوره لأول مرة.

بعد تقديم واجب العزاء وعند انتهائنا، دعانا أحد الاصدقاء في حاصبيا الى فنجان قهوة انا وصديقي العراقي، وعندما اخبرت مضيفنا ان صديقي يزور الجنوب للمرة الأولى، أحب ان يصحبه في جولة ليعرفه الى المنطقة الحدودية المحررة وجمال قراها.

واثناء الرحلة، تمتعنا بجمال الطبيعة الخلابة التي رسمت كلوحة فنية رائعة، وكان صديقي طوال الرحلة يعرفنا الى هذه القرية وتلك، ويسرد لنا بطولات وصولات المقاومة، هنا نصبوا كمين، وهنا قتلوا 5 جنود صهاينة وضابط، وهنا دمروا آلية بصاروخ وقتل من بداخلها.

بعدها وصلنا الى شبعا، وما إدراك ما شبعا ومزارعها، الف الف حكاية وحكاية، الى ان وصلنا الى الحدود اللبنانية الفلسطينية، وكانت مواقع العدو واضحة لنا في الجهة المقابلة، فنظرت الى صديقي العراقي، وجدته وقد اغرورقت عيناه بالدموع قائلاً:

هذه المرة الاولى التي ارى فيها فلسطين، والفضل لله وللمقاومة ولشعب لبنان البطل الذي قاوم وصبر على الظلم، حتى نال شرف النصر والحرية، عكس بعض العرب المتخاذلين المنبطحين امام العدو، وقد عاقبهم الله بحرمانهم من شرف النصر والعزة”.

بالعودة الى شبعا، هناك لكل مواطن رواية عن الصمود والمقاومة، والحديث الاشوق مع المزارعين ورعاة المواشي، الذين ظلوا صامدين في أرضهم رغم الاحتلال يرعون مواشيهم ويزرعون ارضهم، رافضين ترك أرضهم التي ولدو وعاشوا فيها، ولهؤلاء الأهالي والرعاة شهادات على بداية الاحتلال، وبداية البدايات لانتصار المقاومة ولهزائم المحتل الغاصب ودحرحم عن أرضهم.

واثناء عودتنا من زيارتنا المشوقة، عرجنا الى خلوة البياضة، المكان الذي يحج اليه المؤمنون من طائفة الموحدين الدروز من كل بقاع الأرض، وعند البياضة يسقط الكلام لرهبة المكان، ويستقبلك القيمين على المزار بالترحاب والسلام، لا يسألونك عن طائفتك او منطقتك، فقط اهلاً وسهلاً بكم، بعدها قام صديقي بتعريفنا على كبير المشايخ في الخلوة، والذي يبرز من وجهه الكثير من الوقار ومعرفة سر الحياة، معرفاً عنا، اخوتنا من الجنوب واحبوا زيارتكم شيخنا والتعرف على المكان، اجاب الشيخ الجليل اهلاً وسهلا ً بكم تشرفنا يا سندي، ثم نظر الى صديقي نظرة، فهم منها الصديق واصطحبنا الى المضافة الخاصة لأستقبال الضيوف، وهناك كان حسن الضيافة والاستقبال، لا يسعنا الوقت لسرده من كثرته.

واثناء مغادرتنا المضيف سأله صديقي بلهجته العراقية ( اذا ماكو زحمة بدنا نتصور فد صورة ) اي باللبناني، نريد ان نتصور صورة اذا لم يكن هناك من مانع، اجابه مضيفنا: (ما عنا شي نخبي صور اد ما بدك).

بعدها قمنا بجولة في المكان بعد التعريف عن الخلوة ودورها وتاريخها من المشايخ المتواجدين هناك، لا شيئ هنا للحديث عنه سوى الإيمان، فالمكان للعبادة والعبادة فقط، مزار للصلاة والعبادة ومؤمنين يعج بهم المكان حضروا من كل دول العالم لكسب الحكمة والمعرفة، وعند الرحيل كان الوداع شبيهاً للأستقبال، سلام وكلام وترحاب، ووعد بالعودة الى البياضة وبياض قلوب ساكنيها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى