محمود مرداوي
سلسلة من الأحداث تتوالى في المنطقة توحي بشيء ما في ذهن اللاعبين في ظل صعود قادة جدد في البيت الأبيض ودولة الاحتلال
هذه الأحداث والتطورات لا تعكس فشة غل أو ردة فعل على حدث خرج عن السيطرة إنما تعبير عن تغيير واضح في السياق العام للمواجهة والنسق الخاص لإيقاع يخفي مسكوتاً لكنه مقروء على ألسنة المدافع.
لم يعد المشهد في الأيام القليلة الماضية ملتبساً؛ أحداث كبيرة وارتداداتها متجاوزة حتى طرقت أبواب المطابخ السياسية في المعمورة الكونية كلها
الحروب غالباً ما تندلع بخطأ قراءة نوايا أو محاولة السير على الحافة بدون وقاية، أو استغلال أشخاص اعتلوا المسرح عديمو الخبرة والدراية.
إبان هذه الأحداث وفي خضم المفاوضات بالمدافع والطائرات تتغير قواعد الاشتباك
الاحتلال لم يقصف في لبنان منذ 2006 علانية وبشكل مباشر، لكن بالأمس تتبعت المدافع آثار الصواريخ، وفي الليل جابت ستة طائرات قصفت أماكن ادعت أن الصواريخ خرجت منها، لكنها فارغة طلعات استعراضية صاخبة لكنها فعلت ما لم تفعله منذ 2006
في مشهد لا يملك نفتالي فيه عقلاً مستقيماً ورشاداً مبيناً في إدارة الدفة، فلا هو قادر أن يحمل حزب الله المسؤولية فيرد رداً مهنياً يعالج النوايا غير مكسور على إطلاق صواريخ لم تسقط في أماكن حساسة ولم تؤدي لأضرار بشرية، لكنه مصر على تحميل حزب الله المسؤولية مقابل حالة الردع التي تقيده في الساحة اللبنانية، علماً أنه يشاهد مشروع الإعداد والتسليح الذي يشرف عليه حزب الله ولا يخفي أنه موجه للكيان وسيُستخدم ضده في أي حرب قادمة.
في الوقت الذي يعاني نفتالي بينت ورطة التشخيص وأزمة التقدير
يتصرف حزب الله بمنتهى الهدوء نظراً لحجم الإنجازات التي يحققها في لحظة ربما لم يساهم في بناء بيئتها كاملة، لكنه يوظفها حيث ساعدت في تحقيقها لكنه يستغلها بشكل مخطط ومدروس.
من ناحية تخدمه في تسهيل وتعجيل الخروج من أزمة لبنان الغارق فيها ثم تغيير قواعد الاشتباك بحيث يحول الحزب الساحة اللبنانية رافعة لحماية بناء استراتيجية وبيئة مقاومة تلف فلسطين من كل جانب تصد عما يجري في إيران من خلال التعانق مع ما يجري في المضائق والبحار على أعتاب مفاوضات تجري مع البيت الأبيض توشك على الانتهاء تهدف لكسر أكبال العقوبات وقيود الحصار.
تريدون تعطيل الحياة في لبنان والعبث في استقرارها؟
ستقابلون معادلات جديدة وقواعد اشتباك معقدة.
رسالة واضحة لا تقبل التأويل
ربما لا يفهمها ماكرون لكنها واضحة لأفيف كوخابي رئيس أركان جيش الاحتلال .
نفتالي بينت يعتقد مخطئاً أنه يغير في قواعد اللعبة خدمة لمشروع التصدي لمحاولة التغيير في الشرق الأوسط التي تعرض أمن الكيان السياسي والاقتصادي والأمني والعسكري للخطر.
ربما بالمفرق والقطع من خلال قراءة حدث منبتر يستطيع أن يسوق ذلك، لكن في سياق عام وفق معايير استراتيجية نفتالي ينقاد من نحره إلى نحره من خلال تغيير قواعد الاشتباك رويداً خدمةً لرؤية تُقيم من كل طرف بمصطلحات ومستويات مختلفة كانت تبدو للبعض مجرد أوهام تلامس المستحيل ، والبعض الآخر رغبات صعبة التنفيذ والبعض طموحات تحتاج لبذل وعطاء، فما كان مستحيلاً في الماضي أصبح ممكناً في الحاضر، وسيتحول إلى واقع في المستقبل
المشهد لا يتغير فجأة ودون مقدمات يتخللها تضحيات وربما انتكاسات، لكن مع الصبر الاستراتيجي وثبات الواثق الذي يوزن الدماء التي تسيل بميزان المقدسات التي تُهود والأراضي التي تُبتلع والأوطان التي تُسرق ، حينها لا تُدفن الطموحات والآمال في الحفر إنما تثبت على الأرض الأقدام وتشمخ الرؤوس بطموحها حتى أعلى الآفاق.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع