فاطمة حوحو
بعيداً عن الإعلام تتواصل الاتصالات من أجل إنهاء الملف الخلافي القائم بين حزب الله وعرب خلدة على خلفية الأحداث الأخيرة التي وقعت الأسبوع الماضي، وأدت إلى سقوط قتلى بينهم الشاب علي شبلي من حزب الله المتهم بقتل الفتى حسن غصن نتيجة خلاف وقع على تعليق صورة منذ حوالي السنة ولم يجر تسليم المتهم شبلي إلى القوى الأمنية، ما أدى إلى تفاعل الأحداث التي كادت توصل إلى فتنة مذهبية كبيرة، ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي بتصعيد الأزمة عبر نشر تصريحات وتعليقات واتهامات مريبة لتأجيج الأجواء وعدم ترك مطرح للصلح.
عشائر العرب قاموا بخطوات من أجل وضع الأمور على سكة تبريد الأمور تمهيداً لمصالحة محتملة عبر إجراء اتصالات مع الشخصيات السياسية والدينية لعل وعسى يحصل “تفهم وتفاهم” على حل الإشكال الحاصل بعيداً عن الاستعراضات الإعلامية في البيانات والتصريحات والاستعراضات العسكرية عبر التهديدات وترك الأمور لاصحاب الشأن الامني والسياسي لمعالجة ذيول حادث خلدة الأخير، فعمدوا إلى تسليم مطلوبين ببادرة حسن نية للجيش اللبناني، وهم يواصلون اللقاءات مع القيادات السياسية من أجل إنجاح مصالحة بسعي من دار الفتوى والرئيس سعد الحريري مع الرئيس نبيه وبدعم من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والنائب طلال ارسلان، وحيث تجري اتصالات من تحت الطاولة مع حزب الله لا يعلن عنها حتى لا تشوط طبخة المصالحة التي لا بد أن تنتج عن حوار ويحصل تفاهم واضح لا يحرج أحداً ولا يظلم فريقاً.
تفلت شباب غير مخطط له
وفد عشائر عرب خلدة التقى جنبلاط مساء الثلاثاء وكان اجتمع أيضاً مع أرسلان يوم الاثنين، وقد أفادت مصادر شاركت في الاجتماع الذي عقد في كليمنصو “لبنان الكبير” أن اللقاء عقد “بناء لطلب العشائر وطرح الوفد هواجس العشائر في خلدة التي عاشوها منذ مقتل الشاب غصن منذ سنة والأسباب التي أدت إلى التوتر الحاصل أخيراً الناتج عن عدم معالجة المشكلة الأولى، وكان الحديث الأساسي من قبلهم أنهم طلبوا تهدئة الوضع وحماية الجيش، فهم لا يريدون الفتنة ويتمنون تحقيق العدالة، وفي الوقت نفسه يعتبرون ما حصل قد حصل بدون قرار، يعني تفلت شباب إذا صح التعبير، ليس مخططاً له وغير مبرمج، وأبلغوا جنبلاط أنهم يضعون أنفسهم بتصرف القيادات السياسية والجيش اللبناني والدولة، وهم يلبون دعوة جنبلاط لوأد الفتنة التي أطلقت يوم الإشكال الذي حصل ولتغليب المصلحة الوطنية والعمل على إجراء مصالحة”.
وأوضحت أن جنبلاط ركز على “أهمية أمان طريق الجنوب وهي الطريق التي تمر عليها غالبية اللبنانيين وليس أهل الجنوب فقط، يمر عليها أهل صيدا والإقليم والشوف أيضاً واهل الجبل ذهاباً وإيابا وفي كل الاتجاهات. وقد تمنى عليهم وطلب وأصر على أن يكون الطريق آمناً للجميع، وأن لا يكون هناك أي تحرك لقطع الطرقات، لأن هذا القطع قد يحمل مشروع فتنة أو احتكاكاً عدا عن أثرها السلبي على الاقتصاد الوطني والمحلي”.
العبد الله: جنبلاط يبذل ما في وسعه
وفي هذا الإطار، أكد النائب بلال العبد الله لموقع “لبنان الكبير” الذي كلفه جنبلاط بإجراء ومتابعة الاتصالات مع مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والرئيس سعد الحريري لإجراء المصالحة، أن جنبلاط “تمنى على العشائر أن تلتقي بالقيادات السياسية بالرئيسين بري والحريري والمفتيين والمراجع لتأمين جو من الحد الأدنى للاستقرار للتحضير للمصالحة بعد تسليم المطلوبين للعدالة اللبنانية”.
وأفاد أن جنبلاط تعهد “ببذل ما في وسعه من أجل الحفاظ على التهدئة والسلم الأهلي ووأد أي فتنة مذهبية أو طائفية، وفي الوقت نفسه إحقاق العدالة وتأمين أجواء الاستقرار بهذه المنطقة العزيزة على قلوب الجميع، وبالتأكيد الحفاظ على التنوع، لأنه بعد خروج عدد كبير من الأهالي من العاصمة أو محيطها، أصبح هناك نسيج اجتماعي متنوع يجب الحفاظ عليه في هذه المنطقة”.
معالجة الوضع الحساس وحقائق الأمور
من جهتها، أفادت مصادر مشاركة من قبل عشائر خلدة في اللقاءات التي جرت مع المسؤولين أن تحرك العشائر تجاه القوى السياسية يأتي في إطار بذل الجهود لإنهاء ذيول الأحداث الأخيرة ووضع حد للتوترات مع حزب الله وإنهاء الإشكالات التي تتسبب بدخول “طابور خامس” بهدف إشعال فتن لا يرغب الجميع بخوضها في ظل ما تعانيه الناس من أزمات.
وأوضحت أن الاتصالات التي تجريها مع القيادات السياسية والدينية “هدفها معالجة الوضع الحساس عبر الحوار وتوضيح الحقائق التي حصلت على الأرض، لأن حملة التشويه التي دارت على السوشال ميديا تبرز أن وراء الأكمة ما وراءها، وأنه لا بد لصناع القرار من التدخل والتوصل إلى حل جذري وقد طلبنا بتعزيز الوجود الأمني للجيش اللبناني وتثبيت مواقع له في المنطقة”.
أرسلان: خلدة لن تكون مكسر عصا
وأشارت إلى اللقاء مع أرسلان تناول ثلاث نقاط أكدنا عليها: أولاً نحن لم نتمنّ الوصول إلى ما حدث، و”يلعن الشيطان” الذي لعب برأس الشباب، وهو حادث جاء نتيجة تجاذبات تجري منذ سنوات على الأرض حتى وصلنا إلى هنا وحصل ما حصل. وثانياً كان هناك تأكيد من قبل أرسلان على ضرورة تسليم المطلوبين قبل اعتقالهم، لأن ذلك يساعد في حلحلة الأوضاع والمطلوبين ووعدناه بذلك وكنا إيجابيين من أجل تنفيس الاحتقان. وثالثاً أكد أرسلان للوفد رفضه لأن تكون خلدة مكسر عصا لكائن من كان أو صندوق بريد لأحد، وقال لنا نحن يجب أن نحافظ على أمن المنطقة، وأنا سعيد أنكم تهتمون بتربية أولادكم وتعليمهم وصار عندكم أطباء. ابقوا في هذا التوجه بعيداً عن الدخول في الصراعات الإقليمية ومشكلات البلد، وحاولوا الابتعاد عنها، مشدداً على أن أمن المنطقة من أمن الجبل ونحن نعول على استقرار البلد، وبالنسبة لنا السلم الأهلي بالنسبة لنا خط أحمر”.
الشاهين: تهم لا تليق بنا
وأكد الإعلامي علي الشاهين لموقع “لبنان الكبير” وهو كان من عداد الوفد المشارك في اللقاءات، أن “الوفد وضع أرسلان في أجواء خطته للتحرك باتجاه القوى السياسية، فأكد لنا نحن مع كل سعاة الخير لإغلاق هذا الملف الحساس والخطير، بمعنى فليمشِ سعاة الخير بأي حل وأنا ليس لدي مشكلة مع أحد منهم، المهم الوصول إلى المصالحة”.
وأوضح بالنسبة إلى اللقاء مع جنبلاط أن الأخير “استمع لنا أكثر مما تكلم، ونحن طرحنا معه عدة نقاط، منها نقاط تهمنا كثيراً، فنحن العشائر تمت تهمتنا عبر الضخ الإعلامي بالسوشال ميديا بما لا يليق بنا، فنحن لا علاقة لنا لا بداعش ولسنا عملاء لأطراف إقليمية، نحن شريحة اجتماعية من منطقة الجبل ونؤمن بالدولة والمؤسسات والجيش والعيش المشترك والانفتاح والسلم الأهلي، هذه صورتنا ولن نرد على كل الافتراءات التي تناولتنا في مواقع التواصل الاجتماعي”.
وأضاف: “حتى نعطي جنبلاط حقه، هو وبإجماع كبير حريص على عروبة لبنان من خلال دعوته للالتزام بالطائف الذي وضع حداً للحرب الأهلية وتركيزه على السلم الأهلي، ونحن لا نجامله حين نؤكد أنه طرف أساسي لا بد من التواصل معه لإنهاء ذيول حادث خلدة ومعالجة الملف من جذوره، وهو أكد لنا ضرورة التواصل مع المفتي والشيخ سعد الحريري والرئيس بري للوصول إلى المصالحة التي دعا جنبلاط إليها، ونسعى نحن إلى حصولها، وأكد لنا أنه لا يمكن له العمل على هذا الملف لوحده، وكان مشجعاً لنا على التواصل مع القيادات الأخرى”.
تنفيسة توقيف المطلوبين
وأفاد الشاهين “شرحنا لجنبلاط موضوع المطلوبين وهنا تدخل أبوفاعور قائلاً: بالنسبة للمطلوبين يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الطرف الآخر راح من عنده أربعة قتلى وتسليم الشيخ عمر غصن أحدث نوعاً من التنفسية، وقال لنا بهكذا ملفات المعالجة بتسليم مطلوبين، فرددت عليه أنا معك أستاذ وائل، ولكن هناك منطق معين يعني إذا كان 10هناك مطلوبين لا يجب أن يصبح عددهم سبعين وإذا كان المطلوبين 5 لا يجب أن يصبح عددهم عشرين، فهذا الامر يخلق هواجس في المنطقة من استهداف أو حصول شيء، فرد جنبلاط وائل يعمل على خط الاتصالات مع الجيش ونحن لنا ثقة بالجيش كما كلف بلال عبد الله بالتنسيق مع سعد الحريري والمفتي دريان من أجل المساعدة في تحقيق الخطوات المطلوبة للوصول إلى حل جذري بين حزب الله وعرب خلدة والتنسيق لإجراء المصالحة”.
وأشار الشاهين إلى أن قول جنبلاط بأن “طريق خلدة ليست ملكاً لأحد وهي طريق لكل اللبنانيين، وقال أنتم تعيشون بخصوصية، ولكن هذا خط لكل الأطراف، وطلب منا القليل من الصبر والتعاون مع الآخرين بري وحزب الله وغيرهم حتى يمكن تحقيق المصالحة بعد تسليم المطلوبين”.
هل يتجاوب حزب الله مع المصالحة؟
وعما اذا تم البحث أو الاتفاق على شروط يلتزم بها حزب الله أفاد: “لم يحدث نقاش في هذا الأمر، لكن تم تناول الموضوع الفني والتقني مع دار الإفتاء الذي كلف مشايخ لمتابعة الموضوع معنا مع الحريري وبري حيث يمكن أن تصاغ بنود مصالحة تكون مقبولة، ولكن حتى الآن لم نجلس إلى طاولة حوار، ولكن الاتفاق موجود على ضرورة إنهاء خلاف عرب خلدة وحزب الله في القريب العاجل”.
وأعلن أنه لم تبلغ العشائر “من قبل أحد عن اتصالات شملت حزب الله ليعلن موافقته على إجراء المصالحة، قال المفتي دريان لم نتواصل مع حزب الله ولكن التواصل مع الجيش بالنسبة للمطلوبين موجود، ويمكن الحلحلة فيه وهناك اتصالات ما بين المفتي وسعد وبري لإجراء المصالحة”.
وشدد على أن نجاح فكرة المصالحة مرتبط بتطور الأمور، وعلى أية حال نحن نريد أن يبقى خط الجنوب مفتوحاً ولكن هذا القرار تتخذه القوى السياسية، ولن نكون مشكلة في تحقيق ذلك، المهم أن نحمي المنطقة من أي أعمال أمنية مدبرة، ونحن لن نكون مطية لأحد، ولسنا مرتبطين بقوى سياسية خارجية، نحن نحب أرضنا ولدينا كرامة وخصوصية اجتماعية ونريد الحفاظ على حسن الجوار ونحب الخير للجميع”.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع