ٍَالرئيسية
“الأخبار”: اعتداء جوّي إسرائيلي على الجنوب للمرّة الأولى منذ 2006 .. العدوّ يتجاوز الخطّ الأحمر!
في تطوّر خطير على المشهد الأمني في الجنوب، شنّت طائرات العدو الحربية غارتين فجر اليوم، على منطقة الدمشقية في خراج بلدة المحمودية (بين أقضية جزين ومرجعيون والنبطية). الغارتان استهدفتا منطقة غير مأهولة، وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إنها المنطقة التي أطلِقَت منها الصواريخ التي استهدفت محيط مستوطنة كريات شمونة، نهار أمس.
الناطق باسم جيش العدو أعلن أن «طائرات مقاتلة هاجمت مناطق في لبنان أطلقت منها صواريخ ظهر أمس على كريات شمونة، والبنى التحتية للإرهاب»، مهدّداً بأن «تستمر هجمات الجيش وستزداد في مواجهة المحاولات الإرهابية ضد إسرائيل».
ورغم أن العدو وضع غارتَي فجر اليوم في سياق الرد على صواريخ نهار أمس، وأن معلقين مقربين من المؤسسة الأمنية في تل أبيب تعمّدوا القول إن الغارتين لم تستهدفا مواقع لحزب الله وإنهما «رسالة»، إلا أن الاعتداء يتجاوز خطوطاً حمراء أرستها قواعد الاشتباك في الجنوب منذ نهاية حرب تموز ــــ آب 2006. فللمرة الأولى، يستخدم العدو طائراته الحربية للإغارة على أراضٍ لبنانية، في عمق الجنوب، فيما كان سابقاً «يردّ» على أي إطلاق للصواريخ ــــ سواء باتجاه مزارع شبعا أو نحو شمال فلسطين ــــ بقصف مدفعي على مواقع «الحافة الأمامية».
المقاومة لم تقل كلمتها بعد. «الإعلام الحربي» اكتفى بنشر خبر عن الغارتين. المرة الأخيرة التي استخدم فيها العدو طائراته الحربية لقصف مواقع للمقاومة، كانت في شباط 2014، عندما أغارت طائرات حربية إسرائيلية على موقع لحزب الله عند الحدود اللبنانية ــــ السورية، شرقي بلدة جنتا. ورغم أن الغارة استهدفت حينذاك نقطة «ملتبسة» لجهة كونها تقع في أراضٍ لبنانية أو سورية، إلا أن حزب الله أصدر بياناً أكّد فيه أن الغارة كانت على الأراضي اللبنانية، وسرعان ما نفّذت المقاومة عملية في مزارع شبعا، عدّتها رداً على محاولة العدو خرق قواعد الاشتباك.
ومنذ عام 2006، ثبّتت المقاومة معادلة ردع للعدو، وأجبرته على الانكفاء عن تنفيذ أي اعتداء أو عدوان على الأراضي اللبنانية. ومن غير المتوقع أن تسمح له بتجاوز هذه المعادلة، بصرف النظر عن أسلوب إعادة تثبيت الردع، في حال شخّصت غارتي أمس في إطار سعي «إسرائيل» إلى الإخلال بميزان الردع الشديد الدقة.
نهاراً، كان جيش العدو قد أطلق عدة دفعات من القذائف في مناطق مفتوحة بالقرب من الحدود مع فلسطين المحتلة، في أعقاب سقوط صاروخَي كاتيوشا في منطقة مستوطنة كريات شمونة، بعد نحو أسبوعين على إطلاق صاروخين باتجاه الجليل الغربي. حاولت بذلك قيادة العدو أن تجمع بين توجيه رسالة تؤكد من خلالها أنها لن تقف مكتوفة الأيدي لدى تعرّض مستوطناتها للصواريخ في شمال فلسطين المحتلة، وبين الحرص الشديد على تجنّب أي انزلاق يدفع حزب الله للردّ، من خلال تجنّب المناطق المأهولة. وفي السياق نفسه أتت رسالة العدو عبر الناطق باسم جيش الاحتلال باللغة العربية، المقدم أفيخاي ادرعي، أنه «بصرف النظر عن هوية مطلقي الصواريخ، إلا أن العنوان واضح. الحكومة اللبنانية مسؤولة بشكل كامل عن أي نيران تُطلق من أراضيها. وهي لا تسيطر على نشاط المنظمات لكن إسرائيل لن تسمح بخرق سيادتها لأي سبب كان».
في المقابل، علَّق المعلق العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت يوسي يهوشع، على الدفعات المتتالية التي أطلقها جيش العدو في فترات متفاوتة، بالقول إنه «لا أهمية لهذا الرد كون القذائف سقطت في مناطق مفتوحة وأن الهدف منها إعلامي»، في إشارة منه إلى أن رئيس حكومة العدو، نفتالي بينت، يريد القول بأنه وجّه ضربات متعددة رداً على الصواريخ لكن من دون أي تأثير جدي على أرض الواقع. هذا وكانت صفارات الإنذار قد دوّت ظهر أمس، في مدينة كريات شمونة وبلدتَي كفار غلعادي وتل حي، القريبة من الحدود اللبنانية. وطلب جيش الاحتلال من السكان البقاء في أماكن آمنة.
وكانت المعلومات عن سقوط الصواريخ تلقّاها رئيس الوزراء نفتالي بينت ووزير الأمن بني غانتس خلال جلسة نقاش في الكنيست، واتفقا على إدارة الحادثة. ثم لدى خروج بينت من الجلسة قال رداً على سؤال أن «كل شيء جيد»، وأن «ما يجري تحت السيطرة». في أعقاب ذلك، أجرى غانتس تقدير وضع بمشاركة رئيس الأركان أفيف كوخافي، وبمشاركة رئيس الشعبة السياسية الأمنية، زهار بلطي، ورئيس شعبة العمليات اللواء عوديد بسيوك، ورئيس شعبة الاستخبارات (أمان) اللواء تامير هايمن. وخلص في النهاية إلى ضرورة توجيه رسالة شديدة إلى اليونيفيل.
وبحسب ما أورد موقع «والّا» العبري، فإن «الأجهزة الأمنية تقدّر بأن فصائل فلسطينية هي المسؤولة عن إطلاق الصواريخ مع غضّ نظر من قبل حزب الله». المفهوم نفسه تكرر قبل أسبوعين حول إطلاق صاروخين باتجاه الجليل الغربي، حيث أعلنت وسائل إعلام العدو أن أجهزته الأمنية قدّرت في حينه أيضاً، أن فصائل فلسطينية تقف وراء هذه العملية، وأن حزب الله لا علاقة له بالحادثة.
ولقي الردّ الإسرائيلي النهاريّ انتقاداً من بعض الإعلاميين الإسرائيليين، إذ اعتبر موقع «والّا» العبري أنه «لا معنى لهوية من أطلق الصواريخ، فهذه الحادثة هي الثانية خلال أسبوعين، والخامسة خلال شهرين ونصف شهر، بالرغم من أن الوضع مع قطاع غزة هادئ». ولفت الموقع إلى «حالة الردع المتبادل بين إسرائيل وحزب الله لكن في الأسابيع الأخيرة أخذت الصورة تتغيّر بسرعة». وحذّر من أن يكون «تغيّر شيء ما لدى حزب الله رغم أنها أشارت إلى مسؤولية تنظيمات فلسطينية عن العملية». وعمد الموقع إلى فتح دائرة الاحتمالات لتفسير ما جرى، فاعتبر أن هوية من أطلق الصواريخ ليست مهمة، مضيفاً أن «استمرار إطلاق الصواريخ يفرض على الأجهزة الأمنية أن تدرس بعمق ما إن كان حزب الله يحرك أدوات لعبة الشطرنج، انطلاقاً من الوضع الذي يعاني منه لبنان وربما أيضاً لأسباب أخرى».
وتوقف الموقع أيضاً عندما سمّاه «الوضع المعقّد، حيث يواجه المستوى السياسي (الإسرائيلي) أزمات قاسية، ويسعى لعدم الانجرار إلى مواجهة داخلية في لبنان وفي مواجهة المجتمع الدولي، وفي الوقت نفسه يفرض التحدي السياسي والأمني عليه أن يركز حملته مع الدول الغربية على إيران».