بانوراما

التغير المناخي حرب ام احتباس حراري (2)


إن مناخ كوكبنا يتغير على مدار الزمن الجيولوجي مع حصول تقلبات ملحوظة في درجات الحرارة الوسطية. ورغم ذلك، ترتفع درجة الحرارة في هذه الفترة بسرعة أكبر من أي أوقات ماضية.
وقد أصبح جليًّا أن البشرية هي المسؤولة عن معظم ارتفاع درجات الحرارة في القرن الماضي بتسببها في إطلاق غازاتٍ تحبسُ الحرارة – وهي التي يشار إليها في العادة بغازات الدفيئة أو الاحتباس الحراري- لإمداد حياتنا الحديثة بالطاقة. ونحن نقوم بذلك من خلال حرق الوقود الأحفوري، والزراعة، واستخدام الأراضي، وغير ذلك من النشاطات التي تدفع لحدوث التغير المناخي.
إن الغازات الدفيئة هي في أعلى مستوياتها من أي وقت مضى على مدار الأعوام الـ 800000 الأخيرة. ويعتبر الارتفاع السريع لدرجة الحرارة هذا مشكلةً لأنه يغيّر مناخنا بمعدلٍ سريعٍ جدًّا بالنسبة للكائنات الحية التي تعجز عن التكيّف معه.
إن التغير المناخي لا يتعلق فقط بدرجات الحرارة المرتفعة بل يشمل أيضًا أحداث الطقس الشديدة، وارتفاع مستويات البحار، وتغير تعداد كائنات الحياة البرية، ومواطن الحيوان والنبات الطبيعية، وطيفًا من التأثيرات الأخرى.

إذا لم تتعاف الأرض من ذوبان الغطاء الجليدي في القطبين وارتفاع منسوب البحار والآثار الأخرى السلبية للتغير المناخي، فإن النتائج ستكون كارثية بما في ذلك تعرض الكثير من الأماكن على سطح الكرة الأرضية للاختفاء
ارتفاع منسوب مياه البحر يمكن أن يجعل الكثير من المناطق في آسيا تتأثر بشكل خاص، ولكن مدناً بأكملها يمكن أن تختفي أيضاً تحت الماء في غضون 80 سنة القادمة في أوروبا.

إن التغير المناخي يهدد سلامة مليارات البشر على هذا الكوكب. وأوضحُ الأمثلة على ذلك هو ما نراه عبر الأحداث المتعلقة بالطقس المتطرف، مثل العواصف، والفيضانات، والحرائق الكبيرة. فقد أسفر إعصار “يولاندا” في الفلبين عن مصرع نحو 10000  شخص في عام 2013. كما يُعدّ الإجهاد الحراري من بين الآثار الأكثر فتكًا بالحياة. فقد أودت موجة الحرارة الصيفية في أوروبا في عام 2003 بحياة  35000 شخص. لكن، هناك الكثير من الطرق الأخرى الأقل وضوحًا التي يهدد من خلالها التغيّرُ المناخي حياة البشر. وتتوقع منظمة الصحة العالمية أن يوديَ تغيّرُ المناخ بحياة 250000 شخص في السنة  بين عامي 2030 و 2050، بسبب مرض الملاريا، وسوء التغذية، والإسهال، والإجهاد الحراري.

وكلما طال أمد انتظار الحكومات حتى تتخذ تدابير ذات معنى،  ازدادت صعوبة التوصل لحل للمشكلة، وتعاظَمَ الخطرُ من خفض الانبعاثات الغازية باستخدام وسائل تزيد التباين والتفاوت بدلاً من تقليصه.

لقد عُهِدَ عن شركات الوقود الاحفوري تاريخياً أنها من بين الشركات الأكثر مسؤوليةً عن التغير المناخي – وهذا مستمرٌّ إلى يومنا هذا. وتظهر البحوث أن 100 لا غير من الشركات التي تنتج الوقود الأحفوري مسؤولةٌ عن 71% من الانبعاثات الغازية المسبّبة للاحتباس الحراري في العالم منذ عام 1988.

وهنالك أدلةٌ متزايدةٌ تشير إلى أن شركات الوقود الأحفوري الرئيسية تعرف منذ عقود الآثارَ المؤذية لحرق الوقود الأحفوري، وأنها سعت لطمس تلك المعلومات ووضعِ العراقيل في طريق الجهود الرامية لمواجهة التغير المناخي.

ولمواجهة هذه المشكلة وضع مجموعة من العلماء الأستراليين في تخصصات الفيزياء والجيولوجيا وتعليم العلوم والشعاب المرجانية وعلوم النظام المناخي، 4 حلول رئيسية يجب على الحكومات القيام بها لمواجهة هذه المشكلة، تضمنها تقرير نُشر مؤخراً.

ولخص موقع “ساينس أليرت”، الإثنين، هذه الحلول الأربعة التي وضعها الخبراء الأستراليون على النحو التالي.

1- زراعة المزيد من الأشجار

قال الخبراء إن غرس الأشجار له قدرة هائلة على التصدي لأزمة المناخ، فحسب الأبحاث الحديثة فإن 900 مليون هكتار من الغطاء الشجري الإضافي في جميع أنحاء العالم، يكفي لتخزين 25% من تجمع الكربون الحالي في الغلاف الجوي.

2- تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى صخور

تنطوي عملية تمعدن الكربون على تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى معادن كربونية، عن طريق محاكاة الطريقة التي يتم بها صنع الأصداف والحجر الجيري بشكل طبيعي.

وناقش الخبراء العديد من التقنيات، ومنها التقاط ثاني أكسيد الكربون من المنشآت الصناعية باستخدام البكتيريا، ثم استخدامه في إنتاج مواد بناء مفيدة كمنتج ثانوي.

3- جعل سطح الأرض أكثر انعكاسا

ويقصد الخبراء بهذا الحل، استخدام تقنيات تعكس الطاقة الشمسية (ضوء الشمس) إلى الفضاء، وبالتالي تتعارض مع التسخين الكوكبي.

ويؤدي تغيير انعكاسية الأسطح، مثل استخدام أسقف بيضاء داكنة، إلى تقليل الحرارة الممتصة بشكل كبير، ويمكن أن يؤدي ذلك لتبريد المدن.

ويمكن في إطار هذا الحل أيضاً، تغطية الطرق الإسفلتية بالحجر الجيري، وتشير الدراسات إلى أن هذه الطرق تخفف بشكل غير مباشر من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، من خلال تقليل استخدام مكيفات الهواء.

4- تشجيع الاتجاه للطاقات المتجددة في وسائل النقل

دعا الخبراء إلى تقديم حوافز مالية سخية لتشجيع المركبات عديمة الانبعاثات (تعمل بطاقة الهيدروجين أو الكهرباء)، وتشمل الإعفاء من ضريبة المبيعات ومواقف مجانية للسيارات في بعض الأماكن.

وقال الخبراء إن النرويج لديها تجربة رائدة في هذا المجال، أسفرت عن أن 60% تقريبا من السيارات الجديدة التي تم بيعها في مارس/آذار 2019، كانت تعمل بالطاقة الكهربائية.
ملك الموسوي 2/8/2021

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى