كتب نارام سرجون: تركيا.. أما آن الاوان؟ الغرغرينا تتمدد في الجسد الاخواني
كتب نارام سرجون:
استطيع ان أسمع صوت اصطكاك الاسنان في حزب العدالة والتنمية التركي بعد ان تم قضم الاخوان المسلمين في تونس .. ليس الغضب وحده هو مايصك الاسنان بل الخوف من عدوى التمرد .. ولعمري فان عزف الاسنان التركية وهي قلقة غاضبة فانه موسيقا من موسيقا الطبيعة التي استمع اليها ..
هذا ثالث انهيار يتعرض له تنظيم الاخوان المسلمين والمشروع العثماني المحمول على الاكتاف الاخوانية .. فقد تعثر المشروع الاخواني العثماني في سورية كثيرا قبل ان يتم سحقه .. ثم سقط في مصر وسحق .. وهاهو في تونس يدخل العناية المشددة قبل ان تطلق عليه رصاصة الرحمة او يتم سحب انابيب الانعاش .. وتعلن وفاته ..
لاشك ان هذه الانطفاءات في شموع الاخوان المسلمين تدل ان التنظيم دخل مرحلة الانحطاط والتقهقر .. وأن الرأس في استانبول مقبل على صداع كبير وسكرات الموت لأن التجرؤ على الاخوان يتكرر في اطراف المشروع العثماني وصار من غير المعقول الا تصل الارتدادات الى استانبول في كل هزة .. ولاشك ان التموت والغرغرينا المنتشرة في الاطراف ستتمدد لتصل الى حيث كانت البدايات .. ولن ينقذها بعد اليوم لا البتر ولا القطع ..
على تنظيم الاخوان المسلمين ان يقدم على مراجعات قاسية لنفسه وان يحاكم نفسه محاكمات قاسية جدا لأنه قدم كل مافي الترسانة الاسلامية من قوة وطاقة في صفقة الربيع العربي التي تحالف فيها التنظيم مع الغرب علنا لاول مرة ضد القوى الوطنية والاجتماعية وقدم الغطاء الشرعي للعنف والتوحش لتدمير الجيوش الوطنية وتسهيل الاحتلال .. احتلال الناتو والاحتلال التركي الذي هو جزء من الناتو .. وحاول بأنانية وغباء الاستيلاء على كل شيء في البلاد لانتاج تجربة جديدة تقتضي الوصول الى السلطة بهدم أسس الاسلام نفسه واعادة تكوين المجتمع وفق اسس لاتستقيم مع قيم المواطنة والوطنية بل وفق مقاييس البقاء في السلطة لأن كل الشعارات التي قامت عليها الحركات الاسلامية منذ قرن تم تحطيمها في الربيع العربي واستبدالها .. وهذه هي النتيجة الطبيعية والكمين الذي وقعت فيها الحركات الاسلامية جميعها عندما صدقت الخدعة الغربية ان السلام والتصالح مع الغرب واسرائيل والتخلي عن القدس وفلسطين وتبديل الولاء للوطن من اجل السلطة والحلم الاسلامي .. وان الغرب سيتركهم في السلطة ليفعلوا مايشاؤون طالما انهم لايقريون الغرب بسوء وطالما وقعوا عقد التخادم معه ..
لكن تبين اليوم ان الغرب ساعدهم على الوصول الى السلطة على انقاض بلادهم وعلى انقاض شعاراتهم وعلى انقاض القيم الوطنية والانسانية والاجتماعية .. وعندما هدموا كل شيء تركهم الغرب يواجهون معركة اخرى قاسية مع مجتمعاتهم التي اذهلها هذا البيع الرخيص والتسليم بكل شيء مقابل السلطة ..
هذا البرود الغربي تجاه مايحدث في تونس يؤشر على ان مرحلة التخريب بالاخوان المسلمين قد وصلت الى اقصى مدى وان هذه المرحلة وصلت الى نهاياتها ..
ان مافعله الرئيس التونسي جدير بالاعجاب والمديح والتصفيق .. وأنا ادين حتى هذه اللحظة باعتذار للرئيس التونسي قيس سعيد لأنني لم أحس بارتياح لفوزه بالرئاسة التونسية ولم أستطع ان اقرأه كما لو كان صندوقا اسود .. ولاشك ان بقاء راشد الغنوشي كان ذلك الظل الذي يشوه الرؤية خاصة عندما استهل عهده باستقبال اللص اردوغان الذي دعاه الغنوشي .. وكان الغنوشي تلك الغيمة السوداء التي رافقت عهد الرئيس التونسي .. وآمل ان تخلو سماء تونس من هذه السحابة الملوثة التي سميت الاخوان المسلمين .. وان تكون هذه العاصفة التونسية التي جرفتها بداية لانحسار هذا الزمن الرديء .. وان تصل الغرغرينا الى وجه تركيا .. وتأكل وجه اردوغان نفسه وطربوشه وعثمانيته الجديدة .. ولن أمانع ان اكلت الغرغرينا كل تركيا .. ومعها اسرائيل والخليج المحتل.
المصدر: نارام سرجون