عام على انفجار المرفأ: تحقيقات تتخبط بالحصانات وترقب صدور القرار الظني قبل نهاية العام سخط شعبي عارم يطبع تحركات اليوم وتصعيد ليلي مرتقب وخوف من «طابور خامس» 3 أشهر صعبة جدا على لبنان…ومصادر تحذر: بدأ اللعب الدولي على الوتر الأمني!

بولا مراد- الديار

عام كامل مضى على الانفجار الكارثي في مرفأ بيروت، لا يزال يشعر معظمنا انه حصل بالأمس. فالأيام الـ5 التي وعدت بها حكومة تصريف الاعمال للانتهاء من التحقيق الاداري وتحديد المسؤوليات تحولت اشهرا وهي ستتحول لسنوات في حال بقيت التحقيقات القضائية تتخبط بالفيتوات السياسية وآخرها بملف الحصانات. ولعل ما يزيد قتامة المشهد وخيبة أهالي الضحايا ان اي مطالبة بتحقيق دولي قد لا تكون مجدية طالما ان المحققين الفرنسيين كما الاميركيين والذين تواجدوا لاسابيع في المرفأ بعد الانفجار لم يقدموا لهم ما يشفي غليلهم. فلا صور الأقمار الاصطناعية التي طالب بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وصلت، ولا التعاون القضائي الدولي مع المحقق العدلي اللبناني لتحديد من يقف وراء الشحنة ومن المستفيد منها حصل. والأنكى من كل هذا خروج المسؤولين السياسيين الذين لم يحركوا ساكنا قبل التفجير لتفاديه، ولم يحركوا ساكنا بعده لتحمل مسؤولياتهم، في الساعات الماضية للمطالبة بالحقيقة والعدالة وكأن من اقترف الجريمة الضحايا وأهاليهم ومئات الذي أعيقوا ودمرت منازلهم وأرزاقهم…فبات الاقتصاص منهم واجبا!

4 آب: ترقب الغضب المسائي
ويبدو ان الاستعدادات ليوم الرابع من آب ستكون على مستوى الحدث – الكارثة. فبعد ان تم اعلانه يوم حداد وطني، من المفترض ان تتحول بيروت خلال ساعات بعد الظهر الى محج للبنانيين من جميع المناطق سيشاركون في عشرات المسيرات التي ستنطلق من عدد كبير من النقاط لتصب جميعها في منطقة المرفأ التي ستشهد على اكثر من نشاط وأبرزها القداس الجامع الذي سيرأسه البطريرك الماروني بشارة الراعي.

وبات محسوما ان التحركات لن تبقى في اطارها السلمي، اذ تشير معلومات «الديار» ان اهالي الضحايا اتفقوا في ما بينهم على الحفاظ على سلمية نشاطات فترة ما بعد الظهر مع مجموعات «الحراك المدني» على ان يبدأ التصعيد في فترة المساء وبالتحديد بعد القداس. وتقول مصادر مطلعة على الحراك المرتقب ان الوجهة بعد المرفأ ستكون على الارجح محيط مجلس النواب وعدد من منازل السياسيين المشمولين في لائحة المحقق العدلي، مضيفة:»حتى الساعة لا اتفاق نهائيا بين مجموعات الحراك حول الاهداف الواجب التوجه اليها، لذلك قد يتم تقسيم المجموعات ما يؤدي لتخفيف الضغط الامني والعسكري عليها».

وتخشى مصادر أمنية انفلات الوضع في الشارع، لافتة الى حالة استنفار اعلنت منذ ساعات ما بعد ظهر يوم امس ستستمر حتى صباح يوم الخميس،مضيفة لـ»الديار»:»لا شك نخشى الفتنة ونخشى دخول طابور خامس على الخط..لكننا في جهوزية تامة للتعاطي مع كل السيناريوهات».

ولفت يوم أمس التقرير الصادر عن «هيومن رايتس ووتش» الذي تحدث بوضوح عن تقصير الطبقة الحاكمة في حماية المدنيين من الانفجار. وقد خلص التقرير الذي أصدرته المنظمة الدولية إلى وجود أدلة قوية تشير إلى أن بعض المسؤولين اللبنانيين علموا وقبلوا ضمنيا بالمخاطر التي تشكلها مادة نترات الأمونيوم التي كانت مخزنة في مرفأ بيروت قبل الانفجار المروع الذي دمره في الرابع من آب من العام الماضي. وتتبع التحقيق أحداثا تعود إلى عام 2014 وما بعده في أعقاب جلب الشحنة إلى مرفأ بيروت، كما رصد تحذيرات متعاقبة بشأن خطورة هذه الشحنة إلى عدة جهات رسمية. ودعت المنظمة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق في الانفجار وحثت الحكومات الأجنبية على فرض عقوبات على المسؤولين تتعلق بحقوق الإنسان والفساد. وقالت «هيومن رايتس» إن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا ووزراء سابقين طلب القاضي بيطار إفادات منهم، تقاعسوا في اتخاذ إجراءات لحماية الناس على الرغم من إبلاغهم بالمخاطر.

وقالت مصادر قضائية لـ»الديار» انه ورغم الضغوط التي يتعرض لها المحقق العدلي فهو ماض في تحقيقاته، على ان يصدر قراره الظني قبل نهاية العام الحالي. واضافت:»كان يخطط لاصداره في ايلول لكن تأخر المحققين الفرنسيين الذين شاركوا في التحقيقات الاولية في ارسال تقريرهم الفني والذي يفترض أن يصدر في ايلول جعله يؤجله حتى رأس السنة».

عون: بتصرف القضاء للاستماع لافادتي
وتسابق يوم أمس المسؤولون اللبنانيون في كتابة رسائل وجدانية للمواطنين الذين تمنوا لو تسابقوا قبل 4 آب لتفادي المجزرة. وأظهرت هذه الرسائل التناقض في مقاربة الفرقاء السياسيين للملف، وان كان معظمهم ينتقد تركيز المحقق العدلي على شق الاهمال القضائي على حساب التحقيق بمن ادخل النيترات ولماذا. وفي رسالة وجهها الى اللبنانيين في ذكرى 4 آب، دعا رئيس الجهورية العماد ميشال عون القضاء إلى ان يذهب الى النهاية في التحقيق والمحاكمات، «وأنا معه، وإلى جانبه، حتى انجلاء الحقائق وتحقيق العدالة». وقال:» عندما يضع رئيس الدولة نفسه بتصرف القضاء لسماع إفادته فلا عذر لأحد بأن يمنح نفسه أي حصانة، أو يتسلح بأي حجة، قانونية كانت أم سياسية، كي لا يوفّر للتحقيق كل المعلومات المطلوبة لمساعدته في الوصول إلى مبتغاه».

وفيما شدد رئيس مجلس النواب نبيه بري على ان «العدالة ليست عريضة او عراضة بل هي إستحقاق يومي تتكرس باستقلالية القضاء وتطبيق الدستور والقانون»، مشددا على انه «لن نرضى بأقل من العدالة والاقتصاص من المتورطين بأي موقع كانوا ولأي جهة انتموا، والمدخل إلى ذلك معرفة الجهة التي أدخلت نيترات الموت إلى عاصمتنا بيروت»، دعا حزب الله الى ضرورة «العمل الجاد ‏للوصول إلى الحقيقة الكاملة غير المنقوصة بكل شفافية وصدق، بعيداً عن الاستغلال ‏السياسي الرخيص وتصفية الحسابات والصراعات الداخلية الضيقة التي تخفي في طياتها ‏الكثير من الأهداف الخبيثة وأهمها تغييب الحقيقة وتضييع المسؤوليات، وبالتالي منع ‏المحاسبة ومحاكمة المقصرين والمرتكبين».

أما رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب فشدد على أنه «لا يمكن أن تنكشف الحقائق الكاملة لتلك الكارثة من دون أجوبة واضحة على أسئلة جوهرية: من أتى بهذه المواد؟ ولماذا؟ كيف ولماذا بقيت 7 سنوات؟ كيف حصل الانفجار؟»

من جهته، اعتبر رئيس «المستقبل» سعد الحريري ان للعدالة قاعدتين، «لجنة تحقيق دولية تضع يدها على الملف وساحة الجريمة او تعليق القيود التي ينص عليها الدستور والقوانين وما ينشأ عنها من محاكم خاصة تتوزع الصلاحية والأحكام في الجريمة الواحدة».

3 أشهر صعبة جدا
في هذا الوقت، وفي ظل تلاشي كل الاجواء الحكومية الايجابية، نبهت مصادر مطلعة على موقف حزب الله من 3 أشهر صعبة جدا قد تمتد حتى رأس السنة، مرجحة في تصريح لـ»الديار» ان تتواصل الازمة السياسية ما ينعكس تلقائيا على كل القطاعات وعلى وضع البلد برمته. واضافت:»لكن الخوف الاكبر من انتقال اللاعبين الدوليين لتحريك الامن في البلد لاعتقادهم اننا وصلنا الى مرحلة من الاستواء تجعل اللعب على وتر الاستقرار الامني مفيدا لها وبالتحديد في مجال حصار حزب الله استعدادا لتوجيه ضربة له».

وعلى الخط الحكومي، لا يتوقع ان يتحقق اي خرق يذكر قبل الاجتماع الجديد المرتقب بين عون وميقاتي الخميس. ولفت يوم امس اللقاء الذي جمع عضوي كتلة «الوسط المستقل» النائبين نقولا نحاس وعلي درويش بالبطريرك الراعي في الديمان. وقال نحاس على الاثر: «بتكليف من دولة الرئيس نجيب ميقاتي، قمنا بزيارة البطريرك الراعي واطلعناه على الاجواء السائدة في عملية التأليف الحكومي، واطلعنا على ارائه، وتمنينا ان يستمر التواصل من اجل الوصول الى الغاية التي نريدها جميعا». اضاف: «البطريرك مهتم جدا بأن تبصر الحكومة النور سريعا من اجل الوطن والناس والبلد، وباذن الله فان التواصل سيستمر والامور مرهونة باوقاتها، والمهم، كما يقول غبطته، ان نتعلم من عبر الماضي، ونسعى للبحث في ازالة كل المعوقات، لأن الوصول الى تشكيل حكومة أمر اساسي من اجل مستقبل اللبنانيين واستمرار لبنان».

وقالت مصادر مطلعة لـ الديار» ان هذا اللقاء يأتي باطار وضع ميقاتي البطريرك اولا بأول في نتائج المشاورات الحاصلة حرصا منه على موقع البطريركية ودورها وكي يكون على بينة على كل ما يحصل.

وعشية مؤتمر الدعم الذي تعقده الاسرة الدولية افتراضيا لدعم الشعب اللبناني والذي دعت اليه فرنسا بالتعاون مع الامم المتحدة، اجتمعت مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان أمس وأعربت في بيان صادر عنها، عن تضامنها مع عائلات الضحايا ومع كل من تضررت حياتهم وسبل عيشهم.

وحثت السلطات على الإسراع في استكمال التحقيق في انفجار المرفأ من اجل كشف الحقيقة وتحقيق العدالة.

واضافت المجموعة:»نتابع بقلق شديد التدهور الاقتصادي المتسارع الذي تسبب في ضرر بالغ لجميع شرائح المجتمع اللبناني ومؤسساته وخدماته».وإذ لاحظت «مرور عام دون تشكيل حكومة» وأخذت علماً «بتكليف رئيس وزراء جديد»، فإنها دعت «القادة اللبنانيين إلى أن يبادروا دون تأخير الى تقديم الدعم لتشكيل حكومة ذات صلاحيات تمكنها من تطبيق إصلاحات مجدية.

ودعت مجدداً إلى أهمية إجراء الانتخابات في مواعيدها حفاظا على ديمقراطية لبنان ولاستعادة ثقة وامل الشعب اللبناني.

Exit mobile version