كتب المحرر السياسي-البناء
مرّ اليوم الثالث لبدء مسلسل الدم المسفوك في خلدة على سلام، بعدما نجح حزب الله بضبط شارعه ومناصريه والتزمت أسر الشهداء الأربعة الذين سقطوا بقرار الحزب بوضع الأمر في عهدة الدولة ومؤسساتها العسكرية والأمنية والقضائية، وأشادت قيادات سياسية وروحية بما أظهره حزب الله قيادة وقواعد من مناقبية وانضباط ووطنية، كان يصعب وجود مثلها لو كان غيره المستهدف بما جرى ووضع أمام ذات الاختبار، وقالت مصادر تتابع أداء الحزب خلال الأيام الماضية أنّ نجاح الحزب لم يكن وليد اللحظة فهو ثمرة تعبئة دأب عليها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله منذ بدأت الاستفزازات بقطع طريق الساحل بين بيروت والجنوب تتحوّل الى مصدر للاعتداء على العابرين، وكثيراً ما كرّس السيد نصرالله خطاباته للدعوة للصبر والتمتع بالبصيرة لرؤية ما يدبّر، وكيف يُراد للحزب والمقاومة وجمهور المقاومة تضييع مسار الانتصارات ومن خلاله دماء الشهداء بالتورّط في زواريب اشتباكات داخلية، تريد إظهاره أسوة بآخرين مجرد ميليشيا محلية ونزع صفة المقاومة عنه، بينما يحرص الحزب ألا يشهر سلاحه في الداخل الا عندما يستشعر ان هناك مؤامرة بحجم جدي تستهدف سلاحه، كما حدث في مرات نادرة، وقالت المصادر إنّ لبنان قد تجنب الأسوأ بكلّ تأكيد، فلو ترك الأمر لردود الفعل لكنا اليوم نشيّع العشرات، وربما كانت بداية فتنة لا يعرف أحد نهاياتها، ولو قام حزب الله بضبط شارعه ليتولى تنفيذ عملية أمنية عسكرية جراحية تمنع وقوع فتنة، فسيكون قد وقع في مخاطرة لعب دور مؤسسات الدولة وقام هو بتهميشها، خلافاً لقراره بعدم تولي مهام الدولة الا مرغماً عندما تتاح أمامها الفرص وتتهرّب من مسؤولياتها.
حتى الآن منع حدوث الأسوأ، لكن لا يزال أمامنا استحقاقان وفقا للمصادر، الاستحقاق الأول هو ما ستكشفه التحريات والتحقيقات حول حقيقة ما كان مخططاً ومن هم المتورّطون، والمخططون، وما هو دور الذين استثمروا في الأحداث لتعظيمها وتوسيع نطاقها وواكبوها في السياسة والأمن والإعلام، وما هي علاقة بعض الجماعات التي بشرت بحدث كبير يرافق ذكرى تفجير المرفأ، وما هو المستور الذي تم كشفه في هذا الصدد، أما الاستحقاق الثاني فهو نجاح المؤسسات القضائية والأمنية بإنهاء الوضع الشاذ في خلدة وتأمين أمن مستقر للسكان الذين هجر بعضهم المنطقة التي تركت للجماعات المسلحة، والأهم ضمان منع أي محاولة لقطع الطريق الساحلي مستقبلاً، وفي قلب كلّ هذا ان يشعر اهالي الشهداء بأنّ دماء أبنائهم لم تذهب هدراً، وأنه قد جرى الاقتصاص من القتلة، وقالت المصادر إنّ ما جرى حتى الآن لا يتيح إصدار الأحكام، رغم تأكيد المعنيين في القوى العسكرية والأمنية على عزمهم المضيّ حتى النهاية في إجراءات فرض الأمن وملاحقة عشرات المطلوبين وفقاً للوائح الموجودة بحوزة الأجهزة الأمنية، وتأكيد المراجع القضائية على السير بالتحقيقات بحزم حتى كشف كل المتورطين وسوقهم، مشيرة الى توقيف أحد زعماء الجماعات المسلحة عمر غصن بعدما لجأ إلى المسجد للاحتماء وتم إخراجه منه وسوقه امام التحقيق.
سياسياً عاد الشأن الحكومي الى الواجهة، وانعقد اللقاء المرتقب بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، وانتهى دون تحقيق تقدم، كما توقعت «البناء»، وانتقل البحث الى جلسة مقبلة يوم الخميس، وقالت المصادر المواكبة للمسار الحكومي انّ ثنائية الإثنين والخميس بين الرئيسين قد تتكرر قبل الوصول الى التفاهم، وربما يكون تشبيهها بثنائية اللوتو اللبناني التي تختصرها عبارة «اذا مش التنين الخميس» معبراً، لأن اللبنانيين يشعرون بأنّ النجاح في المسار الحكومي أشبه بضربة حظ تعادل ربح ورقة اللوتو.
العقد الحكومية هي ذاتها، المداورة او الخروج الكامل من المداورة، والا فالعودة بالقديم على قدمه، فتصير العقدة بوزارة الداخلية، وهكذا ثنائيات تلاحقها ثنائيات، واللبنانيون عالقون بين ثنائية الفراغ والانهيار.
تبدّدت الأجواء الإيجابية بقرب ولادة الحكومة وسيطرت الضبابية على المشهد الحكومي بعد اللقاء الرابع بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي يوم أمس في بعبدا، على أن تكون الأيام العشرة المقبلة حاسمة بحسب ما قالت مصادر مطلعة لـ «البناء» فإما حكومة أو ندخل في مفترق لا أحد يعرف إلى أين يقودنا في ظلّ الأحداث الأمنية المفاجئة التي استجدّت في خلدة وتلك المنتظرة في ذكرى تفجير مرفأ بيروت.
اللقاء الذي لم يستمرّ لأكثر من25 دقيقة، خرج بعده ميقاتي بتصريح أوحى بأنّ الأمور أقرب إلى السلبية وأشبه بنصف اعتذار، وقال: «كنت أتمنى أن تكون الوتيرة أسرع في تشكيل الحكومة وكنت أتمنى أن تشكل قبل 4 آب الذي هو نكبة كبيرة للبنان، والرئيس عون لديه ارتباطات يوم غد (اليوم) ولهذا السبب سنجتمع يوم الخميس المقبل». ولفت رداً على سؤال: «المهلة غير مفتوحة و»يفهم يلي بدو يفهم»، مضيفاً: تفادياً للإشكالات أنا منطلِق من المحافظة على الحقائب للمذاهب كما هي».
ورداً على سؤال، قال ميقاتي: «انطلقت في مهمتي من مبدأ الحفاظ على نفس التوزيع المذهبي والطوائفي الذي كان معتمداً في الحكومة السابقة، تفاديا لأيّ خلاف جديد، ولم أنطلق، لا من مبدأ طائفي او مذهبي، لأنّ اللبناني لم يعد يريد أن يسمع لا بمحاصصة او بطائف او بدستور، بل يريد حكومة تشكل رافعة له، ولا تتسبّب بإحباط إضافي له». وعن الفارق بينه وبين الحريري لفت ميقاتي إلى أن «لكلّ إنسان طبعاً وشخصية ومنطلقات معينة في ايّ مقاربة يجريها. انا نجيب ميقاتي، وهناك مسائل أتوافق بشأنها مع الرئيس الحريري، وهناك مسائل قد نختلف عليها، ولكن ما يجمعنا هو الوطنية وحب البلد».
ورأى مصدر مطلع على موقف بعبدا لـ «البناء» في تصريح ميقاتي بعد اللقاء «مؤشر سلبي على تعقيدات التأليف»، مشيرة إلى «أن الرئيس عون منفتح على الحلول التي تتلاءم والمعايير الدستورية والميثاقية كما أنه سيبدي كل التعاون مع الطروحات التي سيطرحها الرئيس المكلف الخميس المقبل»، لكن المصادر تساءلت: هل فعلاً المشكلة داخلية وتتعلق بحقيبتي الداخلية والعدل أم لا تزال العقد الخارجية الخفية متحكمة بالمسار الحكومي برمته وتحول دون خرق جدار الأزمة منذ عام كامل؟»
وأوضحت أوساط مطلعة على لقاء عون – ميقاتي لـ «البناء» إلى أنّ «النقاش لا يزال يدور حول توزيع الحقائب بشكل عام، والسيادية إضافة إلى وزارة العدل بشكلٍ خاص»، لافتةً إلى أنّ «الرئيس المكلف وكما تحدث في تصريحه يرغب بإبقاء التوزيع الطائفي للوزارات السيادية الأربع كما هي، في حين أنّ رئيس الجمهورية يفضل إجراء عمليات تبديل في هذا الإطار». وكشفت الأوساط عن وجود تفاهمٍ مبدئي على الحقائب العادية والخدماتية، إلا أنه يمكن أن يطرأ تعديلات على عملية التوزيع، لأنّ أيّ تغيير في حقيبة يمكن أن ينعكس على الحقائب الأخرى». وأضافت الأوساط أن «الجانب الفرنسي لا يزال يضغط باتجاه الإسراع في عملية تأليف الحكومة، وهو يحاول المساعدة في إيجاد مخارج لحل أزمة التشكيل».
في المقابل أفادت مصادر مطلعة على أجواء بعبدا بحسب قناة «أو تي في» إلى أنه «لم يعد بالإمكان الاستمرار بحكومة مستقيلة بالفعل ولن نؤسّس لأعراف جديدة بالدستور لكننا نستمع لحاجات الناس وضرورة الاسراع بالتأليف». وأضافت: «هناك نية لدى الطرفين واستعداد لتشكيل حكومة على امل ان يدور ميقاتي الزوايا لا سيما في ما خص حقيبتي الداخلية والعدل كي لا تقع مرافق عامة بيد طائفة واحدة». وفي هذا السياق، تردّد أنّ «ميقاتي سيحمل معه الى بعبدا أكثر من طرح حول حقيبتي الداخلية والعدل لمناقشته مع رئيس الجمهورية».
وبحسب معلومات «البناء» فإنّ الرئيس ميقاتي لن يقبل بتكرار تجربة الحريري وأن يبقى رئيساً مكلفاً لمدة طويلة، لذلك فهو يضع مهلة 10 أيام لاتخاذ القرار بشأن التشكيل وتواصل مع الفرنسيين خلال الايام الماضية وأبلغهم بوجود عقد حكومية. ولفتت إلى أنّ رئيس الجمهورية متمسك بحقيبة الداخلية لأسباب عدة تتعلق بالموقع السياسي للتيار الوطني الحر في المراحل المقبلة لا سيما بعد نهاية العهد الرئاسي الحالي الذي يشكل غطاءً ومصدر قوة للتيار ورئيسه جبران باسيل فضلاً عن أهمية الداخلية بالاستحقاق الانتخابي المرتقب بعد أشهر قليلة وبالتالي رفض عون خلال لقائه ميقاتي أمس التنازل عن الداخلية مع انفتاحه على أسماء وسطية مستقلة تحظى بقبول الرئيسين، ويجري التداول بأسماء عدة لكن لم يتمّ التوافق على أسماء معينة للداخلية والعدل.
أما مصادر كتلة التنمية والتحرير فلفتت لـ «البناء» إلى أن «الأيام القادمة مفصلية لتحديد التوجهات النهائية لملف تشكيل الحكومة وما ستنتهي اليه اللقاءات وما ستسفر عنه الاتصالات والمشاورات التي تسير على أكثر من خط وقناة لبلورة تفاهم مشترك لهيكلية حكومة الانقاذ والتي حدّدت ملامحها مبادرة الرئيس نبيه بري تأكيداً على المبادرة الفرنسية، لأنّ دقة المرحلة تتطلب الإسراع بوجود حكومة قادرة على مواكبة كلّ متطلبات عملية الإنقاذ شكلاً ومضموناً». وفضلت المصادر إبقاء القديم على قدمه لجهة التركيبة والتوزيعة الوزارية والطائفية للحكومة الماضية الماضية. ورسمت علامات استفهام حول نوايا البعض حيال تأليف الحكومة انطلاقاً من تصريح بعض المقربين من بعبدا تجاه الرئيس ميقاتي.
في المواقف الدولية وعشية المؤتمر الدولي لدعم لبنان الذي ترعاه فرنسا اعلنت الرئاسة الفرنسية في بيان، ان «المؤتمر الدولي الذي تنظمه فرنسا والأمم المتحدة الأربعاء دعما للبنان، تزامنا مع الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت، يهدف إلى جمع 350 مليون دولار للاستجابة لحاجات السكان».
واشارت الى انه «مع تدهور الوضع تقدر الأمم المتحدة بأكثر من 350 مليون دولار، الحاجات الجديدة التي يتعيّن الاستجابة لها».
في غضون ذلك، بقيت ذيول حوادث خلدة الأمنية في واجهة المشهد الداخلي وسط توقعات تظهر تداعياتها خلال وقت قريب في ظل عدم المعالجة الامنية والقضائية بالشكل المطلوب وهذا ما اوحى به بيان عائلة المغدور علي شبلي.
وأمس خيّم الهدوء على منطقة خلدة، بعد تدخل الجيش اللبناني لضبط الوضع حيث أحكم السيطرة على المنطقة ومداخلها ومخارجها.
وأعلنت قيادة الجيش أنّ «دورية من مديرية المخابرات دهمت منازل عدد من المطلوبين في منطقة خلدة، وأوقفت المدعو (أ. ش) وهو أحد المتورّطين في إطلاق النار الذي حصل باتجاه موكب تشييع المواطن علي شبلي وأدى إلى سقوط عدد من الضحايا والجرحى. وبوشر التحقيق مع الموقوف بإشراف القضاء المختص وتجري المتابعة لتوقيف باقي المتورطين. وتمكنت مخابرات الجيش من توقيف المدعو عمر غصن ونجله، لتورّطه بكمين خلدة، والمسؤوليّة عن قطع الطرقات على خطّ الساحل، وذلك بعدما طوقت المسجد الذي لجأ اليه المطلوب لإقناعه بالخروج وتسليم نفسه.
على المستوى القضائي، كلف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة القاضي فادي عقيقي، مخابرات الجيش إجراء التحقيقات الأولية والتحريات والاستقصاءات اللازمة، لتوقيف المتورّطين في أحداث خلدة، بدءاً من قتل المواطن علي شبلي، وصولاً الى الاشتباكات التي حصلت مساء الأحد، وتحديد هويات المسلحين الذين اشتركوا في الاشتباكات التي أسفرت عن سقوط ضحايا وتوقيفهم، وأمر بإجراء مسح ميداني لمسرح الاشتباكات. وطلب من قوى الأمن الداخلي إيداعه المحاضر التي أعدّتها بخصوص هذه الأحداث. وكان القاضي عقيقي باشر تحقيقات الأولية، بإشراف مباشر من النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، الذي أعطى توجيهاته اللازمة بذلك.
كما حضرت أحداث خلدة في الاجتماع الذي ترأسه وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال محمد فهمي، لمجلس الامن الداخلي المركزي، حضره المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان والقادة الامنيون والعسكريون. وطلب الى الجيش تكثيف انتشاره حماية للمواطنين والسلم الاهلي، والى الاجهزة الامنية تنفيذ دهم لتوقيف المتورطين بافتعال الاشكال. وخصص البحث لمناقشة الاوضاع الامنية في البلاد والاجراءات المتخذة لحفظ الأمن في الرابع من آب. وأكد فهمي «اهمية التنسيق بين الاجهزة الامنية والعسكرية كافة»، مشدداً على «وجوب حماية المتظاهرين والاملاك العامة والخاصة على حد سواء». ولفت الى أن «القوى العسكرية والامنية ستعمل على منع الاخلال بالأمن».
وحذرت مصادر سياسية في فريق المقاومة من تداعيات الاحداث الامنية التي شهدتها منطقة خلدة خلال الأيام الماضية والتي جاءت بتوقيت مريب سياسي وأمني تشهده البلاد لا سيما محاولة جديدة لتأليف الحكومة واحياء ذكرى تفجير مرفأ بيروت وما يواكبها من تحريض واثارة اعلامية وسياسية، مؤكدة لـ»البناء» أن «الجميع طالب القضاء والقوى الامنية باتخاذ كل الإجراءات لوضع حد لكل العابثين بالأمن ومحاولاتهم اثارة الفتنة»، مرجحة أن «تكون الحوادث مدبّرة من جهات خارجية وتواطؤ داخلي لزعزعة الأمن وايقاظ فتنة سنية شيعية لاستغلالها لإدخال البلد في حالة الفوضى». وحذرت المصادر من أنّ «البلد أصبح مفتوحاً على الاحتمالات والسيناريوات الامنية اذا لم تقم الأجهزة الامنية والقضائية بواجباتها».
وكانت عائلة شبلي تحدثت «عن كمين مدبّر وحصار تعرّض له موكب التشييع والجنازة»، مؤكدة في بيان أن «ابننا الشهيد علي ليس قاتلاً، وما أشيع على لسان قاتليه وبعض محركيهم لا يمتّ إلى الحقيقة وما هو إلا ادّعاء مفترٍ لا يستند إلى أيّ دليل قضائي ولا حسي». وطالبت «الأجهزة الأمنية والقضائية المختصة بالمسارعة لتوقيف القتلة وإنزال العقوبة العادلة في حقهم دون أي تلكؤ، وبعيداً عن أي حسابات مهما كانت، تفاديا لتفلت الأمور وبلوغ ما لا يحسن عقباه».
وشيّع حزب الله وأهالي بلدة كونين الجنوبية في موكب مهيب جثمان الشهيد علي شبلي، والشهيدين علي حوري في بلدة اللبوة في البقاع الشمالي والدكتور محمد أيوب وهو صهر علي شبلي في بلدة بوداي.
بدوره، توقف المكتب السياسي لحركة امل أمام القطوع الأمني الكبير والخطير الذي هزّ الاستقرار في منطقة خلدة. واعتبر في بيان أن «هذا الارباك الأمني المشبوه في لحظة وطنية حساسة يصب في خدمة مشاريع تستهدف أمن البلد وتسهم في توتير الأجواء بما يهدد الإستقرار». وطلب المكتب وضع طريق الجنوب بعهدة الجيش والقوى الأمنية والإسراع في القبض على المرتكبين وإحالتهم أمام القضاء المختص».
من جهته، اكد قائد الجيش العماد جوزيف عون، ان «المؤسسة العسكرية ماضية في الدفاع عن أمن الوطن واستقراره مهما غلت التضحيات، ومستمرة في حماية شعبها وتحصين السلم الأهلي، ولا نأبه ببعض الأصوات الشاذة التي تحاول حرف الجيش عن مساره، ولا بانتقادات او اشاعات، بتنا نعرف خلفياتها».
على صعيد آخر، وفيما يستعدّ لبنان لإحياء الذكرى الاولى لتفجير مرفأ بيروت، رفع أهالي الضحايا سقف تصعيدهم، فقد أمهل المتحدث باسمهم ابراهيم حطيط، المسؤولين «30 ساعة ليروا ماذا يريدون أن يفعلوا في مسألة الحصانات والأذونات»، وحذر «من أنّ زمن التحركات السلمية الروتينية انتهى والتوجه اليوم نحو تحركات «كسر عظم».
ولم يمثل مدير المخابرات الأسبق العميد كميل ضاهر وقائد الجيش السابق جان قهوجي أمام القاضي البيطار إنّما مثل وكيليهما وتمّ ارجاء الجلسة الى 23 آب، ولفت وكيل ضاهر الى انّ «ضاهر تقدم للبيطار بدفوع شكلية تبيّن أنه قام بواجباته وأبلغ قيادة الجيش بوجود مادة نيترات الامونيوم في المرفأ».
ودعا النائب جبران باسيل، في مؤتمر صحافي عقده في ميرنا الشالوحي، رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى عقد جلسة لرفع الحصانات يوم 4 آب المقبل. وقال: «انفجار المرفأ هو عمل أمني ولا يقتصر على إهمال وظيفي وهو يختصر الإهمال والفساد والتفلت الأمني في البلد». وأكد باسيل ان «علينا كنواب اعطاء كامل الصلاحية للقضاء وعليه اثبات صحة عمله وعدم الاستنسابية»، وقال «على المحقق العدلي ان يثبت عدالته وشفافيته وندعوه الى إصدار التقرير اللازم لشركات التأمين والى تطمين الجميع انه لن يوقف احد قبل الاستماع اليهم». واعتبر ان «رئيس الجمهورية أعطى مثالاً وكان القدوة في إبداء استعداده للإدلاء بإفادته امام المحقق العدلي». ورأى باسيل انّ «الشعب اللبناني بكلّ فئاته وطوائفه واع، ونظرية الفتنة تستعمل لتمرير صفقات سياسية». وشدّد باسيل على ان «سوء الإدارة هي السبب المباشر للانفجار والإدارة الموقتة كانت تحظى بدعم وغطاء سياسي»، لافتاً الى انّ «الكلّ متهم من وزارة اشغال ومالية وجمارك وأجهزة امنية».
وردت مصادر نيابية عبر «البناء» على باسيل بالقول: «إثارة قضية المرفأ من بعض القوى من باب المزايدات والاستثمار الشعبوي ولا أحد يزايد علينا، فمنذ اللحظة الاولى لقرار المحقق العدلي أصدر النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر بيناناً أبديا استعدادهما للمثول أمام المحقق العدلي بحصانة او بدونها، وهذا إقرار صريح برفع حصانتهما، فلماذا لم يتمّ استدعاءهما؟» أما في موضوع العريضة النيابية الاتهامية بحسب المصادر «فهو واجب دستوري على المجلس القيام به ولا يحجب رفع الحصانات ولا يحجب دور القضاء العدلي الذي يستمرّ القيام بدوره».