الاخبار
نجحت درعا وريفاها الشرقي والغربي في اختبار الهدنة، من دون تسجيل خروقات تُذكر، فيما جرى اتّخاذ خطوات ملموسة على الأرض لتثبيت التهدئة، لا سيما عبر إطلاق سراح الغالبية العظمى من الأسرى العسكريّين الذين اختطفهم المسلّحون مِن على الحواجز التي هاجموها قبل أيام. وبعد جولة مباحثات مكثّفة تلت هدنة يوم الجمعة، كشفت مصادر مقربة من اللجنة الأمنية الحكومية في درعا، لـ«الأخبار»، أن «شروط الدولة السورية بقيت على حالها، وأن إطلاق سراح العسكريين الأسرى تمّ مقابل وقفٍ لإطلاق النار، مرتبطٍ استمراره بمدى الالتزام به من جانب المسلّحين، مع السماح بعودة الأهالي الذين خرجوا من درعا البلد وطريق السدّ والمخيّم إلى منازلهم». لكن تنسيقيات المسلّحين اتّهمت قائد اللواء الثامن المدعوم روسياً، أحمد العودة، بـ«العمالة للنظام»، واعتبرته مسؤولاً عن عملية إطلاق العسكريين الأسرى، «من غير شروط».
من جهتها، جدّدت «اللجنة المركزية» المفاوِضة باسم المسلّحين مطالبتها بإشراف هؤلاء على النقاط الأمنية التي سيتمّ إنشاؤها في درعا البلد في حال التوصّل إلى اتّفاق جديد، الأمر الذي لاقى تحفّظاً كبيراً من الجانب الحكومي، وتأكيداً أن «الجيش السوري وحده منَ يقرّر ذلك». وفي موازاة ذلك، سُرّبت أسماء قيادات في صفوف الفصائل، ممّن تصرّ الدولة السورية على إخراجهم إلى الشمال، وأبرزهم: مؤيّد الحرفوش، ذائع الصيت في مخيم درعا للاجئين الفلسطينيين؛ وأبو عبدو الهفو، المتّهم الرئيس بالهجوم بالقنّاصات على عناصر الجيش أثناء دخولهم لتنفيذ الاتفاق الأوّل الخميس الماضي، وأحد الأسماء المتشدّدة التي شكّلت ندّاً لعدد من قادة مسلّحي تسوية عام 2018، الذين تعاونوا مع الدولة السورية لضبط الحالة الأمنية.
ومع إعلان محافظ درعا، اللواء مروان شربك، أنه «قد تمّ إنجاز خطوات إيجابية في اتفاق درعا البلد»، وتوقّعه أن «ينتهي ملفّ الاتفاق خلال فترة وجيزة»، تشير المعطيات، إلى الآن، إلى أن التطوّرات في درعا تسير باتجاه تمديد الهدنة، إلّا أن الحذر لا يزال يسيطر على الموقف في الأرياف، خشية تكرار سيناريو الهجمات الماضية. ويترافق ذلك مع رفْع درجة الجاهزية لدى التشكيلات العسكرية العاملة في التلال الاستراتيجية والمواقع التي تحوي معدّات وآليات ثقيلة، كونها تشكّل عامل القوّة بيد القوات السورية. وبحسب العديد من المؤشّرات الميدانية، فلا يبدو أن ثمّة قدرة لدى مسلّحي الجنوب على مواجهة الجيش، خصوصاً في ظلّ افتقادهم الدعم الخارجي، وفشل كلّ محاولاتهم الحصول على تعاطف من دول الإقليم. كما أن طبيعة تعامل الحكومة هذه المرّة مع ملفّ درعا، تشي باستعجالها سحْب ما سيطبّق على درعا البلد، باتجاه المدن والبلدات الأخرى في المنطقة الجنوبية، بهدف بسط سيادة الدولة على تلك المناطق، وإنهاء حالة العصيان والتمرّد التي استمرّت فيها لسنوات طويلة.